يعاني إبراهيم أيوب (35 عاماً)، حالةً من الاكتئاب الحاد، بسبب الفقر المدقع وعدم قدرته على تحصيل قوت أطفاله الأربعة، الذين يعيشون معه وزوجته في غرفة واحدة، يجاورها حمام ومطبخ صغير، هي شقة مسقوفة بألواح الصاج (الزينقو) فوق سطح منزل عائلته، التي لا يجد معظم أبنائها فرصة للعمل.
ولم تمهل جائحة كورونا، الشاب أيوب، وقتاً طويلاً ليستفيد من فرصة عمله المؤقت، كبائع للسكاكر والحلوى على العربة، أمام بعض مدارس مدينة غزة. إذ إنّ حالة الطوارئ التي لا زالت تُفرض على قطاعات مختلفة في غزة، شملت إغلاق المدارس والجامعات، أحالت الشاب أيوب إلى البطالة من جديد، من دون وجود فرصة عمل جديدة في الأفق.
ويقول أيوب لـ"العربي الجديد"، إنّه كان بمقدوره شراء بعض الحاجيات الأساسية لأطفاله وزوجته، في أيام البيع الجيد أمام المدارس، قبل انتشار جائحة كورونا، لكنه بات الآن لا يستطيع توفير طعام يوم واحد لهم.
ويضيف: "هناك أيام لا نجد فيها ما نأكله، إلاّ إذا تفقّدنا بعض الجيران أو أهل الخير، بين حين وآخر". وأضاف أنّه حاول العمل في مجالات عدة، لكن الحصار وتراجع الوضع الاقتصادي في البلاد بالإضافة إلى جائحة كورونا، جعلته غير قادر على الخروج من البيت حتى، لعدم امتلاكه أجرة المواصلات.
حالة أسرة المواطن أيوب مشابهة لحال أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة، حيث ساهم الحصار المستمر عليه منذ 13 عاماً، بالإضافة إلى جائحة كورونا، في وصول معدّلات انعدام الأمن الغذائي إلى ما يزيد عن 73 في المائة على الأقل.
ووفقاً لتقارير وإحصائيات حديثة، فإنّ أكثر من 80 بالمائة من سكّان قطاع غزة، يعتمدون على المساعدات الإنسانية التي تقدّمها المؤسسات الدولية. وتشهد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تدهوراً كبيراً وغير مسبوق، نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 13 عاماً، والقيود على الأنشطة الاقتصادية لمنع انتشار جائحة كورونا في القطاع.
ويعتمد مفهوم انعدام الأمن الغذائي، على عدم قدرة المواطنين على الوصول إلى السلع الأساسية بطرق آمنة، كعدم توفر الأموال والكوارث والحروب، وهو ما يعيشه المواطنون في قطاع غزة.
وعبّر مركز الميزان لحقوق الإنسان، عن قلقه من استمرار وقوع الآلاف في براثن الفقر، داعياً إلى تعزيز تدفق المساعدات النقدية والغذائية للحدّ من التدهور المتفاقم في الأوضاع الإنسانية، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل بسرعة، من أجل إنهاء حصار غزة وتقديم الدعم والمساندة للفلسطينيين.
وتجاوزت نسبة معدّلات البطالة في قطاع غزة 52 في المائة، مقابل 44 في المائة في عام 2017، وذلك في ظلّ استمرار الحصار الإسرائيلي وتشديده، وجائحة كورونا.
وقال مركز الميزان، في بيانٍ له، إنّ تأخير صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين في الوظيفة العمومية، وتوقف المساعدات المالية لأسر الشهداء والجرحى، رافقته حالة من الخوف والترقب. كما تضاعفت معاناة السكّان، جراء استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، وانعكست على القطاع الغذائي، إذ تعاظمت التحديات والمعوقات، أمام سعي المواطنين للحصول على غذاء بكمية ونوعية تكفيان لتلبية الاحتياجات الغذائية للأفراد.
وطالب المركز، المجتمع الدولي، بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، ورفع القيود عن حركة الأفراد والبضائع، والعمل على تقديم المساعدة الدولية في المجال الفني والمادي، لوقف الانهيار وتحسين الخدمات المختلفة بما يحمي حق الإنسان في الحياة في هذه المنطقة من العالم.
وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، لـ"العربي الجديد"، إنّ المؤسسات الدولية تركّز دائماً على الأمن الغذائي في الدول بما لا يحقق انهيارات اقتصادية كاملة، وأضاف أنّ مجموعة من العوامل تؤثر في انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة. وأكّد أنّ أكثر من 73 في المائة من سكان قطاع غزة، تعاني انعدام الأمن الغذائي بسبب الحصار المتواصل، إضافة إلى جائحة كورونا، ما أثّر على تراجع دخل الفرد، وتضخّم أعداد الفقراء والفقر الحاد جداً، ونسبة العاطلين عن العمل.
وحذّر الخبير الاقتصادي، من خطورة سرعة تزايد مؤشّر انعدام الأمن الغذائي، حيث ارتفعت خلال الأعوام القليلة الماضية من 49 في المائة إلى 73 في المائة، وأضاف أنّ ذلك أثّر كثيراً في نسب المبيعات والمشتريات والتوقعات مقارنة بحجم الاستهلاك.