01 أكتوبر 2018
ثقافة الاختلاف
بينما كنت أرتشف الشاي، قاطعتني صديقتي قائلة: قريبتي تزوجت من شاب من غير جنسيتنا، ثم كشفت كيف أنها لا تطيق حتى مجرد الحديث مع الأفراد حاملي تلك الجنسية، وبوجه مكشّر عبّرت لي عن مدى صدمتها باختيار قريبتها.
بعد أحد المؤتمرات عن تقبّل الآخر والتعايش، كنا جلوسا على طاولة الطعام إذ بواحدة من الجالسات تحاول يائسة وهي تهمس في أذن صديقتها- بصوت يكاد يسمعه كل من كان على الطاولة- عن إحدى الفتيات المارات ذات اللباس الغريب، على حد قولها، ثم تقهقهان بالضحك عالياً.
لباسها قبيح.. اختيار تخصصك لا يصلح اإا للأغبياء... عادات سخيفة... كم مرة سمعنا مثل هذه العبارات أو عايشنا مثل تلك المواقف، ولربما كنا يوماً أحد أبطالها.
بمجرد أن يرى البعض شيئاً جديداً عليهم أو سمعوا رأيا مغايرا لرأيهم، ينتفضون بعبارات التهجم والتهكم، وكأننا خُلقنا لنكون نسخة واحدة. والمتأمل في هذا الكون الفسيح، يجد التنوع والاختلاف في كل شيء. فالاختلاف نعمة من الله علينا: هناك أنواع مختلفة من الأشجار والفصول والأطعمة والشراب، وهناك مئات الأنواع من الأزهار الملونة المتنوعة التي بتنوع أشكالها وألوانها تزيد أي مكان جمالاً، وإني على يقين أنه لو أن كل ما في هذا الكون بشكل واحد ولون واحد لما لبَّى رغبات الجميع. ولو كانت لنا نفس الاهتمامات ونفس الأذواق لشعرنا بالملل، ولاضطررنا إلى اختلاق بعض الاختلافات، ليس للمتعة فحسب ولكن لنشعر ببعض التميز أيضاَ، وهذا هو الأصل في الكون. ولكي لا يكون هذا العالم روتينياَ ومملاّ، فإن خالق هذا الكون قد صنعه بدقة متناهية ذات تنوع في كل صنف..
لا ننكر أن عدم تقبّل اختلاف الآخر يؤثر أحياناَ على العلاقات الإنسانية بين الأفراد. وفي هذا السياق، ما زلت أتذكر جيدا حينما أخبرتني إحداهن أنها، ومع بداية الثورة في بلدها، كانت تؤيد الحزب المعارض، بينما يؤيد زوجها الحزب الحاكم، وكان كل منهما متمسكاَ برأيه من دون أدنى تقبّل لاختلاف الآخر، مما جعلهما لا يتحدثان لفترة طويلة. ولعلنا نجد الأمثلة كثيرة في هذا الشأن من عدم تقبّل الآخر، سواء بين الأزواج أو الأصدقاء أو الإخوة، ولأسباب مختلفة، لأنه- وللأسف- نشأ الكثير منا على أن تقبّله لرأي الآخر ضعف وخضوع، وأنه كلما تمسكت برأيك أكثر ودافعت عنه بشن حرب على الطرف الآخر أثبتّ قوتك وكيانك.
"الاختلاف لا يفسد للودّ قضية".. عبارة كثيراَ ما سمعناها صغاراَ، خاصة في مناهجنا التعليمية، لكنها تبدو لي الآن عبارة باهتة، لأنها كانت تُردَّد فقط من دون تطبيقها على الأرض الواقع. إن غرس مبدأ احترام الاختلاف مع الآخر يجب أن يبدأ في سنٍ صغيرة، يُعلّم فيها الآباء أبناءهم أن من لا يشبهني ليس بالضرورة ضدي أو يجب أن أكون ضده. كما يجب أن تُقام ورش وندوات للأطفال تتضمن أنشطةَ ترفيهية وعملية يُعزَّز فيها هذا المبدأ.
إن اختلافنا بدءاَ من طعامنا المفضل، لباسنا، آرائنا، عاداتنا، تقاليدنا وهوايتنا، هو ما يزيد حياتنا جمالاَ. في ذات الوقت، اختلافنا فرصة لتبادل أحاديث وخبرات جديدة متنوعة. لا ضرر أن نعبر عن وجهات نظرنا أو آرائنا، لكن لا ننسى أيضاَ احترام غيرنا، ولنتذكر دائما أن اختلافنا هو ما يميزنا.
بعد أحد المؤتمرات عن تقبّل الآخر والتعايش، كنا جلوسا على طاولة الطعام إذ بواحدة من الجالسات تحاول يائسة وهي تهمس في أذن صديقتها- بصوت يكاد يسمعه كل من كان على الطاولة- عن إحدى الفتيات المارات ذات اللباس الغريب، على حد قولها، ثم تقهقهان بالضحك عالياً.
لباسها قبيح.. اختيار تخصصك لا يصلح اإا للأغبياء... عادات سخيفة... كم مرة سمعنا مثل هذه العبارات أو عايشنا مثل تلك المواقف، ولربما كنا يوماً أحد أبطالها.
بمجرد أن يرى البعض شيئاً جديداً عليهم أو سمعوا رأيا مغايرا لرأيهم، ينتفضون بعبارات التهجم والتهكم، وكأننا خُلقنا لنكون نسخة واحدة. والمتأمل في هذا الكون الفسيح، يجد التنوع والاختلاف في كل شيء. فالاختلاف نعمة من الله علينا: هناك أنواع مختلفة من الأشجار والفصول والأطعمة والشراب، وهناك مئات الأنواع من الأزهار الملونة المتنوعة التي بتنوع أشكالها وألوانها تزيد أي مكان جمالاً، وإني على يقين أنه لو أن كل ما في هذا الكون بشكل واحد ولون واحد لما لبَّى رغبات الجميع. ولو كانت لنا نفس الاهتمامات ونفس الأذواق لشعرنا بالملل، ولاضطررنا إلى اختلاق بعض الاختلافات، ليس للمتعة فحسب ولكن لنشعر ببعض التميز أيضاَ، وهذا هو الأصل في الكون. ولكي لا يكون هذا العالم روتينياَ ومملاّ، فإن خالق هذا الكون قد صنعه بدقة متناهية ذات تنوع في كل صنف..
لا ننكر أن عدم تقبّل اختلاف الآخر يؤثر أحياناَ على العلاقات الإنسانية بين الأفراد. وفي هذا السياق، ما زلت أتذكر جيدا حينما أخبرتني إحداهن أنها، ومع بداية الثورة في بلدها، كانت تؤيد الحزب المعارض، بينما يؤيد زوجها الحزب الحاكم، وكان كل منهما متمسكاَ برأيه من دون أدنى تقبّل لاختلاف الآخر، مما جعلهما لا يتحدثان لفترة طويلة. ولعلنا نجد الأمثلة كثيرة في هذا الشأن من عدم تقبّل الآخر، سواء بين الأزواج أو الأصدقاء أو الإخوة، ولأسباب مختلفة، لأنه- وللأسف- نشأ الكثير منا على أن تقبّله لرأي الآخر ضعف وخضوع، وأنه كلما تمسكت برأيك أكثر ودافعت عنه بشن حرب على الطرف الآخر أثبتّ قوتك وكيانك.
"الاختلاف لا يفسد للودّ قضية".. عبارة كثيراَ ما سمعناها صغاراَ، خاصة في مناهجنا التعليمية، لكنها تبدو لي الآن عبارة باهتة، لأنها كانت تُردَّد فقط من دون تطبيقها على الأرض الواقع. إن غرس مبدأ احترام الاختلاف مع الآخر يجب أن يبدأ في سنٍ صغيرة، يُعلّم فيها الآباء أبناءهم أن من لا يشبهني ليس بالضرورة ضدي أو يجب أن أكون ضده. كما يجب أن تُقام ورش وندوات للأطفال تتضمن أنشطةَ ترفيهية وعملية يُعزَّز فيها هذا المبدأ.
إن اختلافنا بدءاَ من طعامنا المفضل، لباسنا، آرائنا، عاداتنا، تقاليدنا وهوايتنا، هو ما يزيد حياتنا جمالاَ. في ذات الوقت، اختلافنا فرصة لتبادل أحاديث وخبرات جديدة متنوعة. لا ضرر أن نعبر عن وجهات نظرنا أو آرائنا، لكن لا ننسى أيضاَ احترام غيرنا، ولنتذكر دائما أن اختلافنا هو ما يميزنا.