ثقافة "العيب" تضرب الاقتصاد الأردني

13 ابريل 2015
"ثقافة العيب" تنعش سوق العمالة الوافدة في الأردن (Getty)
+ الخط -
يشكل مفهوم "ثقافة العيب" كابوساً لدى العديد من الأردنيين، الأمر الذي يؤثر على ‏حصولهم ‏على عمل مناسب، بالرغم من حاجتهم الملحة إليه. واقع يؤثر على ارتفاع معدلات ‏البطالة ‏التي وصلت إلى 11.6% في العام الماضي، عدا عن تأثير ذلك على الدورة ‏الاقتصادية، ‏نتيجة تراجع حجم الإنتاج.

"البطالة السلوكية"
ويؤكد رئيس قسم الاقتصاد في جامعة مؤتة، الدكتور ‏حسن العمرو، أن ثقافة العيب تعتبر جزءاً من ‏‏"البطالة السلوكية"، مبيّناً أن انتشار هذه الثقافة ‏يعني عدم الإقبال على القيام بأعمال متدنية الأجر أو لا تراعي المظهر الاجتماعي السائد.


ويلفت ‏إلى أن أكثر المجتمعات التي تتبنى هذا المفهوم هي المجتمعات العشائرية، ويشرح: ‏‏"يعتبر ‏الأردن من المجتمعات العشائرية، ولذلك فإن مفهوم ثقافة العيب ينتشر فيه أكثر من ‏المجتمعات ‏الأخرى".

ويلفت العمرو، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه توجد نسب معتبرة من الشباب تتبنى ‏هذا ‏المفهوم، إلا أنه توجد حالات كثيرة تشهد تلاشياً في التمسك بثقافة العيب نظراً للحاجة ‏الملحة للعمل نتيجة ظروف الحياة.‏ ويشير العمرو إلى أن انتشار هذه الظاهرة يرفع من حجم ‏العمالة الوافدة في سوق العمل، خصوصاً في الأعمال الإنشائية، والزراعة‏، وحراسة الأبنية ‏وغيرها.

ويقول الدكتور العمرو إن الاقتصاد الأردني يتأثر بهذه الثقافة، نتيجة عدم وجود عمالة ‏أردنية ‏كافية تساهم في تعزيز إنتاج المصانع الأردنية، ما يجبر أصحاب الأعمال على تحمّل تكاليف ‏إضافية عبر استقدام العمالة الأجنبية.‏ ‏ويشرح أن من سلبيات "ثقافة العيب" على الاقتصاد ‏الأردني تزايد الحوالات المصرفية من العمالة الوافدة إلى خارج البلاد.

كابوس الأردنيين‏
‏وفي السياق ذاته، يؤكد أمين عام وزارة العمل، حمادة أبو نجمة، أن "ثقافة العيب" كانت ‏تشكل ‏كابوساً لدى الأردنيين، إلا انها بدأت بالتلاشي، لوعي المواطن لأهمية العمل ما ‏دام ‏يوفر له الدخل المناسب. ويشير أبو نجمة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن العمالة الوافدة تكلّف الكثير، ‏إلا أنها في المقابل ‏تعمل على تشغيل وتعزيز خطوط الإنتاج في المصانع والشركات والمؤسسات المختلفة، ما ‏يعني ‏أنها تنقذ العديد من القطاعات من الركود الناتج عن قلة العمالة الأردنية".


ويؤكد على أن خطط التشغيل الوطنية التي ‏تقوم بها وزارة العمل بشكل دوري، تكلّف الوزارة الكثير من النفقات، ‏حيث يتم رصد ميزانية بهدف التخفيف من ‏وطأة "ثقافة العيب"، وإقناع الشباب من ‏خلال البرامج الوطنية بضرورة العمل في المهن "المهملة" من قبلهم.

ويشرح أبو نجمة أن الوزارة تعكف على تشغيل الأردنيين من خلال الخطة الاستراتيجية الوطنية والتي انطلقت منذ عام 2012، وجرى العمل بها ‏في عام 2013، من خلال الحملة الوطنية لتشغيل ‏الأردنيين، للربط بين فرص العمل والباحثين. ويتم ذلك عبر برامج معينة لمختلف ‏محافظات ‏المملكة، وإقامة معارض وطنية، عدا عن تمويل الوزارة لمشاريع صغيرة ومتوسطة من خلال ‏صندوق التنمية والتشغيل.

‏ويشير أبو نجمة إلى أنه جرى توظيف ما يقارب 70 ألف أردني بمختلف المهن ‏الأكاديمية والمهنية والحرفية، وتشغيل 24 ‏ألف مشروع أردني، عبر برامج الوزارة. ويردف قائلاً: "تعتبر ‏عملية استحداث فرص العمل بأعداد ملائمة من أهم الأولويات للأردن، حيث إن ‏الاقتصاد ‏صغير الحجم والموارد محدودة باستثناء الموارد البشرية. إلا أن هذه العملية تشكل في الوقت نفسه تحدياً صعباً، فقد بقيت ‏معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، تفوق 10% طوال ‏العقد الماضي".

من جهة أخرى، يقول مصدر مسؤول في دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، لـ"العربي الجديد"، إن ‏البطالة في الأردن حتى ‏نهاية 2014، بلغت %11.6، مقارنة بـ‏‏12.6%عام 2013. ويشرح أن جزءاً من هذه النسبة يعود إلى عدم رغبة
 أو ‏طموحه في الدخل الشهري.

‏ويرى أن الأردنيين باتوا يمتهنون أعمالاً حرة أكثر من السابق، كما أن البلديات في الأردن ‏كانت تفتقر لـ"عمال وطن"، إلا أن الكثير من الأردنيين يعملون بهذا العمل في الوقت الحالي‏‏.

وينوه بأن الوضع الاقتصادي في الأردن يتأثر بثقافة العيب من ناحية لجوء العديد من ‏الأردنيين للهجرة والعمل ‏خارج الأردن، في ظل حاجة العديد من المصانع والشركات ‏الإنشائية لعمالة أردنية، الأمر الذي يكبّد أصحاب العمل ‏تكاليف باهظة في سبيل استقدام عمالة وافدة.

إقرأ أيضا: ليس كل الورد ورداً
المساهمون