تيه آخر

04 نوفمبر 2016
(قرطبة 1989، تصوير: محمد لونيس)
+ الخط -

في تيهك في أزقة قرطبة الملأى بمحلات تبيع منتجات وتذكارات يفترض أنها تقليدية (معظمها قادم من الصين)، تقرر استيقاف أول شخص تصادفه لتسأله عن اتجاه مسجد قرطبة، فقد حدّدته سابقاً مكاناً للرجوع إلى فندقك غير البعيد عنه. تعترف في خاطرك أن ذاكرة النساء أقوى في الاحتفاظ بخرائط الأمكنة، فلم يسبق أن تهت برفقتهن.

تسأل القرطبي عن المسجد فيبتسم. عرف من سحنتك السمراء أنك عربي. يجيبك والابتسامة المرسومة على وجهه لا تفارقه: الكاتدرائية؟ أقول مع نفسي هي أيضاً المسجد. يضيف مع الابتسامة نفسها: أقصد الزقاق الأول يميناً إلى آخره لتصل إلى الكاتدرائية.

يكرر دليلك كلمة الكاتدرائية رغم أنك سألته في البدء عن المسجد، كما لو أنه أراد أن يقول "يا صديقي أجدادك خسروا وخرجوا من هنا منذ قرون". تتذكر حينها جملة سمعتها من صديق ذات مرة: "تختفي الكلمة باختفاء الحقيقة التي تشير إليها".

عند دخولك المسجد/ الكاتدرائية، تكتشف مثلك مثل غيرك من "الزوار" أن المكان اليوم أقرب إلى المتحف منه إلى المسجد أو الكاتدرائية، متحف يُعرض فيه كل شيء بما في ذلك الحديقة بمساطبها وأشجار برتقالها. لا تعرف ما الذي جاء بك إلى هنا ولا كيف يمكن لنداءات التاريخ أن تتحوّل إلى تيه.

المساهمون