تونس والمونديال الأول في الأرجنتين 1978..الكعبي يفتح صندوق الذكريات

05 يونيو 2018
الكعبي يروي حكاية أول مشاركة تونسية في المونديال(العربي الجديد)
+ الخط -
مثله مثل الحب الأول، لا ينسى التونسيون سواء من أسعفه العمر صغيراً أم كبيراً، أو من بلغه الأمر بالقراءة لاحقاً، قصة المشاركة التونسية الأولى في نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي جرت في الأرجنتين عام 1978.

"نسور قرطاج" كانوا أولى مفاجآت المونديال، وتركوا بصمات وذكريات راسخة، ليس في تاريخ البطولة فحسب، وإنما في قلوب كل التونسيين الذين يتذكرون مونديال الأرجنتين وعنوانه "الملحمة الكبرى".

واستعاد علي الكعبي، المدافع الهداف وأحد صناع ملحمة تونس في مونديال الأرجنتين والذي كان له شرف تسجيل أول هدف للمنتخب التونسي في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، ذكرياته صوب هذه المشاركة المميزة في حوار مع "العربي الجديد".

ويتذكر الكعبي تحضيرات تونس للمونديال، ويقول: "بدأنا التحضيرات بشكل مبكر منذ شهر يناير/كانون الثاني من عام 1978 بإجراء معسكر لمدة أسبوعين في يوغسلافيا آنذاك، قبل أن تتفكك إلى دويلات، وخضنا خلاله مباراة ودية في إقليم سراييفو حينها ذي الأغلبية المسلمة وتعادلنا مع المنتخب اليوغسلافي، وكانت المباراة فرصة للظهور الأول للحارس مختار النايلي، إذ أذكر أنه حينها نجح في إثبات جدارته وخطف مركز الحارس الأول من الأسطورة الصادق ساسي الذي اشتهر باسم الصادق عتوقة".

ويواصل علي الكعبي حديثه عن تحضيرات تونس لمونديال الأرجنتين، وقال: "بعد العودة من معسكر يوغسلافيا كنا نتدرب أسبوعيا في تونس وسافرنا إلى فرنسا في معسكر جديد بمدينة ستراسبورغ ثم عدنا إلى تونس وخضنا مباراة ودية مع المنتخب الهولندي الذي هزمنا أربعة أهداف من دون رد".

وتابع: "وكانت العودة بعدها إلى فرنسا في آخر معسكر في أوروبا، إذ واجهنا المنتخب الفرنسي وديا في مدينة ليل وتركنا انطباعا جيدا".

وكان المنتخب التونسي قد أجرى المرحلة الأخيرة من تحضيراته للمونديال الأرجنتيني في البرازيل، وتحديدا في مقاطعة ساو باولو، وعن هذا المعسكر قال علي الكعبي: "أنا أعتبر أن معسكر البرازيل كان من أفضل المعسكرات لنسور قرطاج حيث كان المكان مناسبا لإتمام الاستعدادات على أحسن وجه، بفضل جودة مركز المعسكر الذي كان يقع في منطقة جبلية ساعدتنا على العمل البدني ومزيد التركيز".

ومما يتذكره الكعبي أن "المنتخب التونسي لم يكن يحظى بمعد بدني؛ بل إن المدرب الأول عبد المجيد الشتالي هو من كان يقوم بذلك، إلى جانب مساعده توفيق بن عثمان وطاقم طبي يتكون من ثلاثة أطباء يراقبون صحة اللاعبين، ويتدخلون عند الإصابات".

 

استقبال لا ينسى

بعد الانتهاء من معسكر ساو باولو والذي خاض خلاله منتخب تونس مباراة ودية مع منتخب إقليم ساو باولو وانتهى بالتعادل 2-2، سافر نسور قرطاج إلى الأرجنتين للمشاركة في المونديال وحظوا باستقبال تاريخي ظل راسخا في أذهان الوفد التونسي حتى اليوم، وعن ذلك يقول علي الكعبي: "لم نكن نتوقع ذلك الاستقبال.. كانت هناك حفاوة بالغة وهناك رغبة من الناس لمعرفة من أين نأتي، فاسم تونس لم يكن متداولا عند الأغلبية العظمى وبفضل المشاركة في المونديال".

 

ما سر التحضير بمباراة كرة السلة؟

وذكر علي الكعبي في حديثه عن ذلك المونديال، أن المنتخب التونسي كان قد استعد لمباراته الأولى أمام المكسيك بإجراء مباراة كرة سلة ما بين اللاعبين، وقبل يوم واحد من المباراة، وعن ذلك يقول: "كان هناك قلق وضغط كبير في صفوفنا كلاعبين ترقبا وانتظارا لأول مباراة تاريخية لنا في المونديال، وللتخفيف من ذلك الضغط، اختار المدرب عبد المجيد الشتالي أن نلعب مباراة كرة سلة حتى نبتعد نوعا ما عن أجواء كرة القدم، وكان اللقاء مرحا وصب في صالحنا كثيرا".

 

أسرار الفوز على المكسيك

يوم 2 يونيو/حزيران من عام 1978 وهو تاريخ أول مباراة لنسور قرطاج في المونديال كان يوما تاريخيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لأن فيه تحقق أول انتصار للعرب في كأس العالم.

يتذكر الكعبي تشكيلة منتخب تونس ويقول: "بدأنا اللقاء بتشكيلة فيها مختار النايلي وعمر الجبالي ومختار ذويب ومحسن الجندوبي وعلي الكعبي ونجيب غميض وطارق ذياب وحمادي العقربي وتميم الحزامي (خميس العبيدي دقيقة 88) ومحمد علي عقيد وعبد الرؤوف بن عزيزة (صلاح القروي دقيقة 81).

وحول مجريات اللقاء، قال الكعبي: "لم نقدم خلال الشوط الأول مستوى جيدا، بل كنا أبعد ما نكون عن حقيقة مستوانا، ليتقدم المنتخب المكسيكي علينا بهدف نظيف في الدقيقة 45".

ويتذكر مدافع المنتخب التونسي ماذا طلب منهم المدرب عبد المجيد الشتالي، قائلا: "طلب منا المدرب أن نتدارك وأن نلعب على حقيقة مستوانا وأن ننظر للتونسيين الذين ينتظرون منا فرحة تنسيهم هموم الحياة ومتاعبها ثم أخرج لنا الراية التونسية، وقال لنا انظروا إلى هذه الراية دافعوا عنها".

وكانت عودة المنتخب التونسية قوية جدا، وتاريخية في الشوط الثاني، حيث لم يكتف بالتعديل بل أنهى المباراة منتصرا بثلاثة أهداف وسجل منها المدافع علي الكعبي الهدف الأول الذي يذكره بالقول: "لقد طلب مني المدرب ان أساهم أكثر فأكثر في خط الهجوم وأن أصعد أكثر لمناطق الخصم مثل زميلي المدافع الأيسر للمنتخب مختار ذويب والنتيجة كانت التعديل في الدقيقة 55، ولا أتذكر كيف حصل الأمر، كل ما أعرفه أنني اندفعت من أجل التسديد نحو المرمى وبعدها لا أتذكر بقية التفاصيل كانت لحظة فارقة وتاريخية".

ويؤكد الكعبي أن فرحته ونجاحه بالتسجيل كان من صميم عمل روح المجموعة التي اجتهدت بجد وترجمت ذلك بأفضل طريقة عبر تحقيق انتصار ثلاثي الأهداف حيث سجل نجيب غميض الهدف الثاني في الدقيقة 79، ومختار ذويب في الدقيقة 87 الهدف الثالث.

 

مستوى جيد وهزيمة غير مستحقة

واجه المنتخب التونسي في مباراته الثانية في المونديال الأرجنتيني المنتخب البولندي يوم 6 يونيو/حزيران 1978 ويتذكر الكعبي المباراة قائلا: "مباراتنا الثانية أمام بولندا كانت مباراة سوء الحظ فقد لعبنا أحسن مباراة.. انتصرت بولندا بنتيجة هدف مقابل لا شيء، لكننا كنا الأفضل على مستوى الأداء. وكان صاحب الهدف الوحيد الذي انتصر به المنتخب البولندي نجمه لاتو في الدقيقة 41.

تعادل وضربة جزاء

أما المباراة الثالثة والأخيرة في مونديال الأرجنتين لنسور قرطاج فجمعتهم بمنتخب ألمانيا الغربية يوم 10 يونيو/حزيران 1978 وانتهت بالتعادل السلبي وعن هذا اللقاء يقول مدافع منتخب تونس سابقا: "كانت المباراة الأخيرة وكان هناك أمل لتونس للتأهل لكن نتيجة التعادل لم تكن كافية وأتذكر أن حكم اللقاء حرمنا من ضربة جزاء بدت شرعية لكل من شاهدها".

وأنهت تونس الدور الأول في المركز الثالث برصيد ثلاث نقاط، بعد أن كانت قريبة من تحقيق المفاجأة وهي بلوغ الدور الثاني لأول مرة.

كما كشف الكعبي أن زميله متوسط الميدان المهاري حمادي العقربي كان أفضل لاعب في صفوف نسور قرطاج في المونديال الأرجنتيني، حيث كان الأكثر عطاءً واستقراراً طيلة المباريات الثلاث، والدليل أنه اختير ضمن التشكيلة المثالية للدور الأول في ذلك المونديال.

المساهمون