اجتماع بتونس حول "وثيقة قرطاج 2": ثلاثة سيناريوهات لحسم مصير حكومة الشاهد

14 مايو 2018
هل يتم تجديد الثقة بالشاهد؟ (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يحتضن قصر الرئاسة التونسية بقرطاج، اليوم الإثنين، اجتماعاً مصيرياً بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، حيث يبحث رؤساء الأحزاب والمنظمات المُوقّعة على وثيقة اتفاق قرطاج، بإشراف الرئيس الباجي قائد السبسي، مسودة "وثيقة قرطاج 2" من أجل هيكلة الحكومة المستقبلية، وملامحها.

ووقعت تسعة أحزاب، وثلاث منظمات تونسية، في 13 يوليو/تموز 2016، بقصر قرطاج في تونس العاصمة، وثيقة اتفاق قرطاج، وتم على أساسها تشكيل حكومة وحدة وطنية هي الثامنة في تونس بعد ثورة 2011 برئاسة يوسف الشاهد.

وتضمنت "وثيقة قرطاج 1"، خطوطاً عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وحدّدت أولويات في عدد من المجالات، منها: "كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل، ومقاومة الفساد، واستكمال تركيز المؤسسات، وغيرها".

وعادت الأصوات المطالبة بالتعديل الحكومي بعدما ظهرت خلال فترة الانتخابات البلدية التي جرى تنظيمها قبل أسبوع، في وقت لم تتوان فيه قيادة "الاتحاد العام التونسي للشغل"، عن مطالبتها بالتغيير، خلال جميع المؤتمرات النقابية، في المحافظات أخيراً.

وتعتبر قيادة المركزية النقابية أنّ الاستحقاق البلدي رسم خارطة الحكم المحلي التي تقاسمها الائتلاف الحاكم بين "حركة النهضة" و"نداء تونس"، مع تقدم القوائم المستقلة التي مثلت المفاجأة الأبرز للتونسيين، مع تسجيل تراجع ملحوظ للقاعدة الانتخابية للحزبين الحاكمين إثر العزوف الواسع عن المشاركة في التصويت، بما يعكس، بنظر القيادة، فقدان الثقة في الحاكمين بشكل خاص، وفي الأحزاب السياسية بشكل عام.

وأظهرت نتائج الانتخابات البلدية في تونس أنّ "حركة النهضة" تصدرت هذه الانتخابات، متبوعة بـ"نداء تونس"، بينما قالت الهيئة العليا للانتخابات إنّ نسبة المشاركة بلغت 33.7%.

ودعا السبسي لاجتماع، اليوم الإثنين، بهدف المصادقة على "وثيقة قرطاج 2"، بعد أسبوع من إجراء الانتخابات البلدية، التي كانت تمثل بنظر البعض عقبة أمام الحديث عن تغيير الحكومة.

كما يأتي الاجتماع بعد أكثر من 10 أيام على مصادقة فريق الخبراء على مسودة الأولويات ("اتفاق قرطاج 2") مع تحفظ ممثلي "الاتحاد العام التونسي للشغل" حول بعض بنودها، والتي تسلّم الشاهد نسخة منها، يوم الجمعة، بعد لقائه السبسي.

ورحّلت لجنة الخبراء الفنية التي اجتمعت لأكثر من شهرين، الملفات الخلافية إلى لجنة الرؤساء، اليوم الإثنين، وتحديداً الملف السياسي، لا سيما الحديث عن مصير الشاهد وفريقه الحكومي، وملامح الهيكلة الحكومية الجديدة، وتركيبتها وتوزيع الحقائب.


ثلاثة سيناريوهات

وأكد مصدر لـ"العربي الجديد"، أنّه ستطرح خلال الاجتماع، اليوم الإثنين، ثلاثة سيناريوهات، أهمها تقليص أعضاء حكومة الشاهد التي تضمّ حالياً 43 وزيراً وكاتب دولة، وذلك بالاستغناء عن كتاب الدولة إلى جانب عدد من المستشارين برتب وزراء وكتاب دولة دون حقائب. ويقضي السيناريو بالاستغناء عن 15 كاتب دولة، وإبعاد مجموعة من مستشاري الشاهد، كشرط لبقائه على رأس الحكومة.

ويقضي السيناريو الثاني بإبعاد الوزراء من غير المتحزبين، وفي مقدمتهم الأربعة المستقيلين من حزب "آفاق تونس"، والمتحدث باسم الحكومة المستقيل من "الحزب الجمهوري"، ووزير العلاقة مع المجتمع المدني وحقوق الإنسان المستقيل من "التحالف الديمقراطي"، مع التشديد على عدم الإبقاء عليهم حتى في حال التحاقهم بالأحزاب الحاكمة.

ويدور السيناريو الثالث حول دمج عدد من الوزارات القطاعية وذات المجالات المتقاربة في أقطاب، على غرار قطب وزاري للاقتصاد والاستثمار يضم حقائب المالية والتنمية والتجارة والفلاحة، وقطب وزاري للشباب والثقافة والتربية والتعليم العالي، بشكل يقلّص عدد الوزارات إلى 15 وزارة كحد أقصى.

ويرجّح أن يجري الاختلاف حول مسألة تحييد الحكومة عن الانتماءات الحزبية، والبحث عن ربان وفريق من التكنوقراط والخبراء غير المتحزبين، وهو خيار عكس مصلحة الأحزاب الكبرى، لا سيما "نداء تونس" و"حركة النهضة"، التي تعتبر أنّ التمثيل في الحكومة حق مشروع للفائزين في الانتخابات التشريعية.

وبينما يسعى "نداء تونس" و"حركة النهضة" إلى تعزيز حضورهما في الحكومة، بهدف إرضاء كوادرهما وقواعدهما الذين أعطوهم الثقة، تطالب المنظمات الاجتماعية بالتغيير وضخ دماء جديدة في منظومة الحكم، بحسب ما يردّد أمين عام "الاتحاد العام التونسي للشغل" نور الدين الطبوبي.


البحث عن الاستقرار

وتعتبر "حركة النهضة" أشد المدافعين عن بقاء الشاهد على رأس الحكومة الجديدة، بحثاً عن الاستقرار السياسي من جهة، ودرءاً لسيناريو الخروج العسير على غرار ما حصل مع سلفه الحبيب الصيد الذي رفض الاستقالة والتنحي، ولجأ إلى البرلمان طلباً للتصويت على الثقة.

غير أنّ الإبقاء على الشاهد بالنسبة لـ"حركة النهضة"، صاحبة الأغلبية البرلمانية والبلدية حالياً، مشروط بعدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، في محاولة لقطع الطريق أمام استغلال الإشعاع الحكومي لكسب الاستحقاقات القادمة.

من جهته، لا يطرح حزب "نداء تونس" فكرة تغيير رئيس الحكومة "الندائي" يوسف الشاهد، الذي عاد إلى أحضان الحزب بعد خلافات عميقة كادت تودي بمستقبله على رأس الحكومة، وظهر الشاهد، خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، في أكثر من 6 محافظات، داعماً لقوائم "نداء تونس"، وهو ما أثار حفيظة معارضيه وحلفائه، من بينهم "حركة النهضة".


ويبقى الثابت الوحيد قبيل انطلاق الاجتماع لبحث مسودة "وثيقة قرطاج 2"، أنّ مدة الحكومة المرتقبة لن تتجاوز العام ونصف العام، وذلك قبل الانتخابات البرلمانية، في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بما يجعل التشكيل الحكومي المقبل سواء بقيادة الشاهد أو غيره، أقرب لحكومة تصريف أعمال أكثر منها حكومة إصلاحات كبرى.

المساهمون