تونس نحو إدراج اليوان الصيني في احتياطي العملة الصعبة

02 ديسمبر 2016
البنك المركزي في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
يناقش المصرف المركزي التونسي إمكانية إدراج العملة الصينية في احتياطي العملات الصعبة، وفق ما أعلن عنه مجلس إدارة المصرف عقب اجتماعه الأخير. وقال مصدر مطلع إن التوجه جاء بعد توصيات من لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي في ظل ارتفاع متواصل للعجز التجاري بين تونس والصين، الأمر الذي أدى إلى استنزاف مخزونات البلاد من العملة الأوروبية الموحدة والدولار.
ومنذ 2013، بدأت السلطات التونسية تعبر عن قلق من ارتفاع غير مسبوق في العجز التجاري بين البلدين، حيث تتصدر البضائع الصينية قائمة الواردات التونسية، لتحتل بذلك مرتبة الشريك الاقتصادي الثالث بعد فرنسا وإيطاليا.
وسجلت الصادرات التونسية نحو الصين انخفاضا من 30.6 مليون دولار عام 2010 إلى 25.2 مليون دولار العام الماضي، مقابل ارتفاع الواردات من 874 مليون دولار إلى 1.5 مليار خلال الفترة ذاتها، فيما لا يتجاوز حجم الاستثمارات الصينية في تونس 110 ملايين دولار.
وتسعى الصين في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 في تونس، إلى التأسيس لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، عنوانها الأبرز إقامة شراكة استراتيجية ذات بعد سياسي واقتصادي.
وتعتبر الصين تونس بوابتها لأوروبا وأفريقيا، ويجد هذا الطرح صدى لدى السلطات الصينية التي تسعى إلى تقليص العجز التجاري بين البلدين، وتنشيط الحركة السياحية من السوق الصينية في اتجاه تونس.
وتعمل وزارة السياحة مؤخراً على تسهيل حصول السياح الصينيين على تأشيرات دخول تونس عبر نظام التأشيرة الإلكترونية، وتوثيق التعامل مع كبار متعهدي الرحلات.
وبالرغم من النتائج الإيجابية للميزان التجاري من الجانب الصيني، تسعى هذه الأخيرة إلى مزيد من تطوير صادراتها في اتجاه تونس ثم الأسواق المغاربية والأفريقية، في إطار ما يسمى بطريق الحرير.
ويقول الخبير الاقتصادي، مراد الحطاب، إن قرار البنك المركزي التونسي يتماشى مع قرارات دوائر القرار المالي العالمي التي اعتبرت العملة الصينية منذ يونيو/حزيران الماضي عملة مرجعية في التداولات المالية والتجارية العالمية، مؤكدا أن الصين كسبت هذا الموقع بفضل الفائض التجاري الكبير الذي حققته مع العديد من البلدان.
ولفت الحطاب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن تونس لا تستطيع تحقيق استفادة من هذا القرار إلا برفع مستوى صادراتها نحو الصين وتقليص عجز الميزان التجاري بين البلدين، مؤكدا أن البلاد في حاجة إلى رفع الاحتياطي من النقد الأجنبي بما في ذلك العملة الصينية.


ويؤكد خبراء الاقتصاد أن تونس مطالبة بطرق أبواب السوق الصينية في جميع المجالات، سيما أن بكين ضخت مؤخرا قرابة 55 مليار دولار للاستثمار في دول المنطقة العربية، وتسعى إلى فتح أسواق جديدة في مختلف أنحاء العالم، وهو ما يستدعي مزيدا من التحركات الدبلوماسية الاقتصادية في هذا الاتجاه.
وكشف المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، خليل العبيدي، في تصريحات إعلامية، أن تونس قطعت أشواطا متقدمة في مفاوضات مع مجموعة صينية متخصصة في صناعة السيارات والحافلات، لإنشاء مشروع في تونس يعتمد على الطاقة البديلة.
وكشف المعهد التونسي للإحصاء (مؤسسة حكومية) عن تسجيل الميزان التجاري التونسي عجزا بنسبة 21.6% خلال العشرة شهور الأولى من السنة الحالية. وأظهرت أحدث الإحصائيات الرسمية أن نسبة تغطية الصادرات للواردات لا تزيد على 68.4%، وقد تراجعت بنحو 0.5% مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. وزادت الواردات التونسية بنسبة 3.7%، في حين أن الصادرات سجلت نسبة نمو أقل لم تتجاوز 2.9%.
وقُدر العجز التجاري التونسي بنحو 10.781 مليارات دينار (4 مليارات دولار). ووفق ما قدمته مصادر حكومية تونسية حول أسباب تواصل العجز التجاري، على الرغم من وجود وعود حكومية بتشجيع التصدير والعودة إلى نسق التعاملات نفسها مع الخارج، باستمرار العجز المسجل على مستوى الميزان الطاقي المقدر بنحو 2.672 مليار دينار تونسي (نحو مليار دولار)، إذ يمثل هذا العجز ما لا يقل عن 24.8% من العجز التجاري الإجمالي الذي تعرفه تونس.
ووفق الجهات الرسمية نفسها، ساهم تفاقم عجز الميزان التجاري الغذائي بدوره في تواصل العجز التجاري العام، وقدر حجمه بنحو 884 مليون دينار تونسي (400 مليون دولار) خلال الأشهر العشرة الأولى من هذه السنة. أما نسبة التراجع فهي في حدود 31%.
وأعلن صندوق النقد الدولي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إصدار سلة حقوق السحب الخاصة الجديدة، من بينها العملة الصينية اليوان ليتم إدراجها من ضمن سلة عملاته، موضحا أن وزن اليوان في سلة العملات سيكون 10.92%، بعد كل من وزني الدولار الأميركي 41.73% واليورو 30.93%.
وصل حجم تداول اليوان اليومي في سوق الصرف الأجنبية إلى 202 مليار دولار، مرتفعاً من 120 مليار دولار قبل ثلاث سنوات.
وأظهر بحث حديث من صندوق النقد الدولي أن إجمالي 38 دولة تمتلك حالياً أصولاً باليوان، وأن الأخير هو ثاني أكبر العملات في تمويل التجارة، وخامس أكبر العملات في الدفع الدولي، وسابع أكبر العملات الاحتياطية في العالم.