تبحث سلطات تونس عن حلول سريعة لتطويق أزمة إغلاق حقول النفط في البلاد واستعادة الإنتاج مجدّداً، تجنباً لغضب شركات الطاقة الأجنبية التي باشرت بعمليات تسريح العمال وإحالة آخرين على البطالة الفنية، نتيجة الخسائر التي تكبدتها جراء اعتصامات المطالبين بالعمل منذ منتصف شهر يوليو/ تموز الماضي.
ودفع تصاعد غضب المستثمرين الحكومة إلى الإسراع في تقديم تطمينات والاجتهاد في طرح حلول قريبة لأزمة منطقة الكامور وإعادة تشغيل محطة الضخ الرئيسية التي أغلقتها الاحتجاجات العمالية المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية، وسط تحذيرات من أن يجر استمرار الغلق البلاد إلى المحاكم الدولية لتعويض المستثمرين عن خسائرهم.
وأبدى المستثمرون الرئيسيون في قطاع الطاقة في تونس انزعاجا من تواصل غلق محطة الضخ الرئيسية وعجز سلطات البلاد عن إيجاد حلول مع المعتصمين مهددين بوقف استثماراتهم في البلاد.
وأعلن المدير العام للشركة النمساوية "أو أم في" للطاقة، ويلهام ساكماير، تسجيل مؤسسته لخسائر مالية هامة باتت تهدد استمرارية نشاطها في تونس، ما اضطرها إلى إعادة جدولة أوقات العمل وتخفيض أجور عمالها وموظفيها إلى حدود 60 بالمائة.
وشدّد ممثل شركة "أو أم في" على أهمية تأمين مواقع الإنتاج، وضرورة تلافي التأخير الحاصل في خلاص الفواتير المتخلدة بالذمة لدى الشركاء المحليين قبل نهاية السنة المالية 2020.
وحذر الخبير الاقتصادي أشرف العيادي من أن يجر تواصل توقف الإنتاج الطاقي البلاد إلى المحاكم الدولية لمواجهة شكاوى المستثمرين الذين سيطالبون بتعويضات لخسائر تكبدوها.
وأكد العيادي في تصريح لـ"العربي الجديد"، خطورة الرسالة التي يحملها خروج مؤسسات طاقة من أكبر المستثمرين الأجانب في البلاد بهذه الطريقة، إذ يعرّض ذلك الدولة إلى مخاطر الوقوف أمام التحكيم الدولي ودفع تعويضات على غرار الخسائر التي تكبدتها الدولة التونسية في التحكيم الدولي في قضايا تتعلق بالجهاز المصرفي.
والتقت وزيرة الطاقة التونسية سلوى الصغير، الأسبوع الماضي، ممثلين عن كل شركات الطاقة المتضررة من اعتصام الكامور لبحث حلول معهم ووعدت بالتعجيل بإيجاد حلول للملف.
وقال الخبير في الطاقة والمستشار السابق بوزارة الطاقة، حامد الماطري، إن صافرة الإنذار التي أطلقها المستثمرون تؤكد القلق الكبير لديهم بسبب تكبّدهم خسائر كبيرة نتيجة وقف العمل، مؤكدا أن ملف الكامور تحوّل إلى أولوية مطلقة لدى الحكومة وشركائها الاجتماعيين بسبب التداعيات الثقيلة لتواصل وقف الإنتاج.
وأفاد الماطري في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن السلطات مطالبة بالبحث في وقت وجيز عن حلّ جذري لإنهاء الأزمة وطمأنة المستثمرين، ومن بينهم المستثمر النمساوي "أو أم في"، الذي يعد أهم مستثمر طاقي في تونس بقيمة استثمارات تتجاوز 900 مليون دولار.
واعتبر الماطري أن تصعيد المستثمرين للهجتهم أمر متوقع، غير أنه استبعد رحيل هذه المؤسسات التي ضخت أموالا ضخمة في مشاريع الاستكشاف والحفر، فضلا عن الكلفة العالية لتفكيك المعدات الطاقية وإغلاق مواقع الاستخراج.