يبدو أن حالة المهادنة التي عاشتها مصالح الإعلام برئاسة الجمهورية التونسية والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين لم تعمر طويلاً. فبعد ثلاثة أشهر من تولّي الرئيس الباجي قايد السبسي زمام الحكم في تونس والاستقرار في قصر قرطاج، فاجأ ناجي البغوري، نقيب الصحافيين التونسيين، الرأي العام التونسي، بتصريح أعلن فيه "أن هناك سياسة ممنهجة لتركيع الإعلام التونسي وإعادته إلى ما كان عليه في العهد السابق".
وأضاف البغوري أنّ "لدى النقابة شهادات لعدد من الإعلاميين الذين مورست عليهم الضغوطات من قبل مصالح الإعلام والاتصال برئاسة الجمهورية". وأشار إلى "أن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، اتصل برؤساء تحرير المؤسسات الإعلامية العمومية، لتكليف صحافيين قارين عن كل مؤسسة، وتكون مهمتهم متابعة نشاط رئيس الجمهورية وتلميع صورته".
وأضاف ناجي البغوري أن "الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي فشل في محاربة نقابة الصحافيين ودفع ثمن ذلك الإطاحة به من كرسي قرطاج".
هذه التصريحات النارية لنقيب الصحافيين التونسيين، ردّ عليها معز السيناوي، المستشار الأول للرئيس السبسي، والمكلف بالإعلام والاتصال، في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم"، حيث قام البغوري بتقديم الأدلة والحجج التي تُثبت تدخل رئاسة الجمهورية في عمل الصحافيين.
وأضاف السيناوي أن "رئيس نقيب الصحافيين قدّم مغالطات بخصوص مسألة اعتماد صحافيين في رئاسة الجمهورية"، مشيرًا إلى أنّ "اللجوء إلى الصحافيين المعتمدين هو إجراء معمول به في الديمقراطيات العريقة". وأوضح "أنه طلب قائمة بصحافيين تتم دعوتهم لتغطية نشاط رئيس الجمهورية وأنه لم يطلب صحافيين متفرغين بالعمل لدى رئاسة الجمهورية".
أما عن تدخله فى عملية المونتاج التلفزيوني لنشاط رئيس الجمهورية، فقد نفى معز السيناوي ذلك، لكنه في المقابل أعلن "تمسكه بحقه في القيام بعملية التثبت مما سيبث"، وهو ما رأى فيه البغوري "رقابة مسبقة".
اقرأ أيضاً: تونس: الإفراج عن المدون ياسين العياري
هذه الحرب الكلامية بين نقيب الصحافيين التونسيين ومصالح الإعلام والاتصال برئاسة الجمهورية التونسية اختلفت حولها الآراء. ففي حين رأى البعض من الإعلاميين أن ما قام به ناجي البغوري هو عملية شرعية واستباقية لكل محاولة لإدخال الإعلام التونسي وخاصة الرسمي منه بيت الطاعة، ذهب آخرون إلى الدفاع عن إجراء السيناوي.
يبدو أنّ الموضوع مرشح إلى مزيد من التصعيد، خصوصاً في ظل الأجواء المشحونة التي يعيشها التلفزيون الرسمي التونسي، بحسب ما صرّحت لـ"العربي الجديد" إحدى المذيعات في التلفزيون، والتي رفضت ذكر اسمها. وقالت المذيعة إنّ "البعض من العاملين في التلفزيون التونسي يعرضون خدمات مجانية للسلطة القائمة طمعًا في مراكز مهنية متقدمة، وهو ما ترفضه نقابة الصحافيين التونسيين".
فى المقابل ما يزال البعض من المتابعين للشأن الإعلامي التونسي ينتظرون رد فعل النقابة العامة للإعلام، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية في تونس، والتي لم تصدر إلى حدّ الآن موقفًا واضحًا من هذه الحرب الكلامية.
اقرأ أيضاً: تونس: حرية التعبير في مرمى الانتهاك