تونس: مستثمرون يضغطون على الحكومة لإعفاء العقارات من الضريبة

29 أكتوبر 2017
قلق من الركود حال ارتفاع الأسعار(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت ضريبة محتملة على العقارات في تونس، قلق المستثمرين العقاريين من أن تتسبب في ارتفاع الأسعار، ما يزيد من ركود المبيعات، بفعل تراجع القدرة الشرائية للكثير من التونسيين، خلال السنوات الأخيرة.
ويناقش البرلمان ضريبة القيمة المضافة على المساكن بنسبة 19% ضمن قانون المالية لعام 2018 (الموازنة)، بينما يتوقع مستثمرون عقاريون أن يؤدي ذلك إلى زيادة جديدة في الأسعار لا تقل عن 20%.

ويمارس المطورون العقاريون ضغوطا على لجان البرلمان لإسقاط الفصل المتعلق بهذه الضريبة، معتبرين أن إقرارها يعني الإجهاز كليا على حلم امتلاك المسكن لدى التونسيين، وإحالة مئات الآلاف من العاملين في قطاع الإنشاء إلى البطالة.
ويمثل قطاع التطوير العقاري 14% من جملة الاستثمارات السنوية في البلاد، و12.6% من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، و8% من جملة القروض المصرفية الممنوحة للقطاعات الاقتصادية.

ويقول محمد القمودي، المطور العقاري (المستثمر العقاري)، إن أغلب المطورين جمّدوا مشاريعهم المقررة للعام المقبل، في انتظار اتضاح الرؤية بشأن ضريبة القيمة المضافة المقترحة، مشيرا إلى أن الدخول في مشاريع جديدة يعني مجازفة غير محسوبة، في ظل حالة الخوف والقلق التي تنتاب الكثير من التونسيين مما ينتظرهم في 2018 من ارتفاع في كلفة المعيشة.
ويضيف القمودي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القطاع العقاري يعتمد بنسبة كبيرة في مبيعاته على الموظفين بمختلف قطاعاتهم ودرجاتهم، لافتا إلى أن هذا الصنف من العملاء في طور الاندثار، لأن الرواتب لن تغطي مستقبلا إلا النفقات الضرورية للمعيشة.

ويقول إن المصارف باتت تشعر أيضا بالخطر، ما دفعها إلى تشديد شروط الإقراض في الفترة الأخيرة، عبر مطالبة المشترين أو المستثمرين بضمانات أكثر، في الوقت الذي يفترض أن تقدم تسهيلات لكسب شرائح جديدة من العملاء.
وبعد سنوات الازدهار التي تلت الثورة مطلع 2011، يعاني قطاع التطوير العقاري منذ نهاية عام 2014، من ركود المبيعات، وارتفاع أسعار المواد الأولية، خاصة المستوردة، وتراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية، فضلا عن نقص الأيدي العاملة المختصة.

وتستعد الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين إلى تقديم مقترحات بديلة، تأخذ بعين الاعتبار وضع القطاع والقدرة الشرائية للمواطن، مع ضمان تكريس العدالة الجبائية، وحق الدولة في توفير موارد إضافية، مقابل سحب الفصل المتعلق بالضريبة الجديدة على العقارات، بحسب تصريح لرئيس الغرفة، فهمي شعبان، لـ"العربي الجديد".
ويقول شعبان إن 60% من التونسيين لا يملكون القدرة في الوضع الحالي على امتلاك مساكن، نظرا لتدهور القدرة الشرائية، مؤكدا أن توظيف ضرائب جديدة على القطاع سيزيد من تعميق الأزمة.

وتطاول مخاوف الأزمة العقارية القطاع المصرفي، الذي يعتمد في جزء كبير من أرباحه على القروض العقارية طويلة المدى، والتي تصل نسبة فائدتها إلى 7.5%، بحسب مسؤول مصرفي.
ويقول المسؤول المصرفي، لـ"العربي الجديد"، إن البنوك لا تموّل فقط مشاريع السكن، بل كل الأنشطة الصناعية ذات العلاقة بقطاع البناء، مؤكدا أن ركود العقارات يعني دخول حلقة إنتاج كاملة في طور السبات وانحسار سوق العمل.

ولتعديل الكفة واسترضاء المطورين، تخطط الحكومة إلى توسيع قاعدة المنتفعين بالقروض المصرفية الموجهة لتمويل السكن، عبر توفير الضمانات الكافية لمن ليست لديهم دخول مستقرة، حتى يتمكنوا من الاستفادة بخطوط التمويل التي توفرها المصارف التجارية في هذا المجال.
وانطلقت وزارة التجهيز والإسكان في إعداد الإطار التشريعي لإنشاء صندوق ضمان القروض الموجهة إلى الفئات من ذوي الدخل غير المستقر، والذي يهدف إلى تمكين هذه الفئات المستثناة حاليا من القروض البنكية، من حصولهم على قروض بضمان من الصندوق المقرر عمله رسميا العام المقبل، بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان.

ويمثل المحرمون من القروض المصرفية شريحة مهمة من التونسيين، يقدّرها خبراء الاقتصاد بنحو مليون شخص، يعملون في القطاع الخاص أو لحساباتهم الشخصية بدون دخل مستقر، ما يحرمهم من الحصول على تمويلات لشراء المساكن أو غيرها من القروض الموجهة للاستهلاك.
وبدفع من المطورين العقاريين، تعمل الحكومة على تطوير المنظومة التشريعية التي تنظم عمل الصناديق المعنية بتمويل السكن، وذلك عبر هيكلتها أو رفع نسب المنح التي تقدمها، تماشيا مع تطور أسعار العقارات في البلاد.

وبحسب بيانات حديثة للقطاع العقاري، يوجد في تونس حوالي 2500 شركة استثمار عقاري تنشط منها 500 شركة على أقصى تقدير، ولا تنجز هذه الشركات إلا حوالي 10 آلاف مسكن في السنة، بمعدل 4 مساكن لكل شركة، وهو معدل ضعيف للغاية، لذلك فإنّ أغلب العقارات التي تُبنى كل سنة هي من إنجاز المواطنين مباشرة الذين يُقدمون على بناء مساكن فردية فوق أراض مهيأة وغير مهيأة، أو يقومون ببناء طوابق علوية على بناءات موجودة، وأغلب هذه البناءات تتمّ بطريقة عشوائية، وهو ما يفسّر تفاقم البناء العشوائي في أغلب المدن والقرى التونسية.


المساهمون