تونس ما بعد نوبل

12 أكتوبر 2015
رموز نوبل التونسي
+ الخط -
جاءت جائزة نوبل للسلام نهاية أسبوع مزعج للغاية، أغرق المزاج العام التونسي في حالة من القلق والتوجس الحادّين، بعد سلسلة رسائل مصورة من سويسرا للإعلامي التونسي معز بن غربية ومحاولة اغتيال رئيس النجم الساحلي رضا شرف الدين. الأول ألقى بقنابل عنقودية شديدة الانفجار، إذا ما صحّت الأنباء، عصفت بالمشهد السياسي والأمني في تونس، بزعمه امتلاك حقائق حول اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. والثاني نجا من الموت بأعجوبة دفعت الى حد التشكيك في الرواية، وشرف الدين رئيس فريق كرة أعرق من كل الأحزاب وأكثر شعبية منها، برغم ترؤسه لقائمة حزبية ناجحة في الانتخابات البرلمانية.

وفيما كان التونسيون يتهيؤون لفهم ما جرى في سوسة، وصل الخبر من النروج يمنح "الفكرة التونسية" شهادة حياة جديدة ويمنح الجسد المتعب جرعة أمل أخرى. لكن الجائزة بالخصوص عادت لتلفت انتباه العالم بأسره لتونس، وتطهّر مناخات تشكيك فرضها الوضع الأمني الهش، رغم النجاحات المتتالية للمؤسسة الأمنية، ولكن جراح سوسة وباردو وتفاقم التهريب على الحدود لم تندمل بعد، في الواقع الاستثماري الداخلي والخارجي الذي بقي ينظر لتونس بريبة كبيرة، ويعطّل بالتالي تقدمها البطيء. ثم إن نوبل ساهمت في إنجاح السيوف الداخلية المشهرة إلى أغمادها، بعدما بلغت تجاذبات الداخل حالة قصوى على كل المسارات الحكومية والبرلمانية والاجتماعية، منذرة بخريف تونسي حارق.

كان خبر نوبل صباح الجمعة إيذاناً نهائياً بأن ما حدث في تونس من توافق ذات خريف مماثل في 2013 كان استثنائياً وشكّل للداخل وللخارج تاريخاً فاصلاً في حياة شعب قفز فوق حفرة النار، ورسالة إلى من وقع فيها بأن طريق الحل يأتي من تلك الأرض الصغيرة، تماماً كما ولد فيها ذات صباح من ديسمبر/كانون الأول 2010 أمل عربي صغير في ربيع ممكن. بجميع الأحوال، سيؤرخ التونسيون لأيامهم المقبلة مع مطلع صباح الجمعة، فما كان قبل نوبل لن يكون كما بعدها، ولن يشك التونسيون ولا غيرهم مجدداً، على الرغم من اللحظات الصعبة الممكنة الآتية.