تونس: ضغوط تسبق اجتماع مجلس شورى النهضة وموقفها من الحكومة

12 يوليو 2020
الاتجاه السائد داخل النهضة يميل باتجاه سحب الثقة من الحكومة (Getty)
+ الخط -

تشهد الساحة السياسية التونسية تسارعا غير مسبوق في الأحداث والتصريحات، ما ينبئ بتغيرات في المواقف والمشهد السياسي برمّته، ففي الوقت الذي تعقد فيه حركة النهضة مجلس الشورى اليوم الأحد لحسم موقفها بشأن الحكومة، وسط تسريبات بأن الاتجاه السائد داخلها هو سحب الثقة من رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، أو الدعوة إلى سحب وزرائها، انطلقت مشاورات بعض الكتل البرلمانية، ومنها "تحيا تونس" و"التيار الديمقراطي" و"الشعب" و"الإصلاح الوطني"، وسط دعم من "الدستوري الحر" لسحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، الأمر الذي يصفه متابعون بأنه محاولة للضغط على حركة النهضة أو دفعها إلى تعديل موقفها من الحكومة؛ فهل يكون بقاء الفخفاخ على رأس الحكومة مقابل عدم سحب الثقة من رئيس البرلمان؟

تحسم حركة النهضة اليوم موقفها بشأن الحكومة، وسط تسريبات بأن الاتجاه السائد داخلها هو سحب الثقة من رئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، أو الدعوة لسحب وزرائها

 النائب عن حركة النهضة، أسامة الصغير، أكد أن "مسألة سحب الثقة من رئيس البرلمان لا تتعدى مجرد التصريحات، ولكن عملياً لم تحصل أي خطوات ملموسة  في هذا الصدد"، موضحا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الذهاب في هذا الاتجاه ستكون له عدة تبعات، ولكن لن تكون لعدة أطراف الشجاعة لاتخاذ مثل هذا القرار، بدليل تسريب صور من نص رديء لا يخلو من أخطاء، ما يعني غياب الجدية"، مؤكدا أنه "حتى وإن قررت بعض الكتل سحب الثقة من رئيس البرلمان، فهذا يعكس تعدد الآراء والمواقف".

وأفاد بأن "اجتماع مجلس شورى النهضة يعتبر منذ أعوام حدثا وطنيا، وطبيعي أن يسعى البعض إلى التأثير على مجرياته، سواء عبر التصريحات أو البيانات، وهناك حتى من يتودد لقيادات الحركة قبل موعد مجلس الشورى، وهو موعد مبرمج بصفة مسبقة، والهدف منه بحث التطورات في الساحة السياسية، ومن الطبيعي أن يتحدث عنه البعض أو يحاول التأثير"، مشيرا إلى أنه "لا يجب استباق الأحداث بخصوص سحب وزراء الحركة من الحكومة، وسيتم التطرق للأزمة السياسية الحالية، فالنهضة لا تناقش الفرضيات بل تقرر، فالحزب كبير وهناك تأثير لأي قرار يتخذه على الحكومة والبلاد".

تقارير عربية
التحديثات الحية

رئيس كتلة الإصلاح الوطني، حسونة الناصفي، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ما أوصلهم إلى هذا الخيار، أي سحب الثقة من رئيس البرلمان، هو "طريقة تسيير المجلس والعمل داخله، خاصة  أمام الفوضى الحاصلة في البرلمان في ظل غياب جهود للحد من هذه الظاهرة، أو العمل على محاولة إعطاء قيمة للبرلمان"، مشيرا إلى أنهم "يشعرون أنهم إزاء رئيس كتلة وليس رئيس مجلس نواب، إذ يغلب المنطق الحزبي و التعاطف مع كتل من دون أخرى".

وقال الناصفي إن "هذا الأمر من شأنه أن يؤثر على العمل البرلماني في ظرف صعب ودقيق ومشاكل من كل حدب؛ فرغم أنه من المفروض أن يعمل البرلمان فيه على تسهيل العمل، ويحد من تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه للأسف لا وجود لأي جهد في هذا الصدد"، مؤكدا أن "ما يحصل في تسيير دواليب المجلس، بالإضافة إلى ما حصل من قبل ائتلاف الكرامة، ومحاولة رئيسه سيف الدين مخلوف إدخال شخص مشبوه، يضاف إليه تدخل رئيس ديوان البرلمان في مسائل أمنية غاية في الخطورة، في بلد يعيش حالة طوارئ، هذه المسألة شكلت القطرة التي أفاضت الكأس".

وبيّن المتحدث أنه "لا يمكن تحديد الكتل البرلمانية المساندة لسحب الثقة حاليا، لأن هناك مشاورات في الصدد، وقناعة راسخة من قبل عديد النواب  مفادها عدم الرضا عما يحصل في مجلس نواب الشعب"، مضيفا أن "ما يحصل غير طبيعي، ولا بد من وضع حد له، وسيتم بداية من غد الإثنين التفكير في الخطوات الواجب اتخاذها في هذا الشأن، فالمسألة ليست سهلة، ولن يكون الأمر بسيطا في ظل التوازنات البرلمانية الحالية، وبالتالي يجب دراسة كل الخطوات جيدا".

وحول تزامن هذه الدعوة مع اجتماع مجلس شورى النهضة، قال الناصفي إن "الموقف المتخذ، على الأقل من قبلهم، لم يتم تعديله على بوصلة مجلس شورى النهضة، لأن ما يسبق انعقاده هو عادة ما يتلوه، والاجتماع شأن داخلي للنهضة، وبالتالي هناك مستجدات في الساحة السياسية، وما تتخذه النهضة من قرارات تتحمل هي تبعاته، وسيتم  التفاعل مع أي مستجدات أو قرارات تهم الائتلاف الحكومي، فالنهضة مكون من مكونات الائتلاف، وجزء من المشهد السياسي، ولكنها ليست حزبا أغلبيا يقرر مصير البلاد، والمشهد السياسي يضم عديد المكونات وسيجمع كل من تهمه مصلحة تونس".

ويرى المحلل السياسي ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المشهد السياسي الحالي متأزم، ومناخ الشيطنة والتحريض يزيد في توتير الأجواء"، واصفًا ما يجري بأنه "نوع من المقايضة؛ بمعنى استمرار حكومة الفخفاخ مقابل استمرار الغنوشي في البرلمان، وهذا سبب الدعوة إلى سحب الثقة من رئيس البرلمان، وتزامنها مع انعقاد مجلس الشورى هو محاولة للضغط".

البرهومي: ما يجري نوع من المقايضة؛ بمعنى استمرار حكومة الفخفاخ مقابل استمرار الغنوشي في البرلمان

وبيّن البرهومي أن "الغريب في الأمر أن تأتي هذه الدعوات لسحب الثقة من رئيس البرلمان والمدافعة عن الفخفاخ من قبل أحزاب كثيرا ما رفعت شعار مقاومة الفساد، وللأسف الصراع السياسي يأتي في ظرف دقيق وحساس، مع تدهور اجتماعي واقتصادي كبير"، مشيرا إلى أن "التوتر الحاصل سببه أيضا أن النهضة ترفض تغيير شكل النظام السياسي وعدم إسناد صلاحيات كبرى لرئيس الجمهورية، لأنها تراهن دائما على الانتخابات التشريعية ونادرا ما ترشح شخصا من داخلها للرئاسة". 

وفي المحصلة، يرى المتحدث ذاته أن"نتائج الصراع ليست في مصلحة تونس، فإما سحب الثقة من الحكومة، ما يعني الفراغ والفوضى، أو مواصلة عمل رئيس حكومة تحوم حوله شبهات تضارب مصالح، مقابل صفقة بين الأحزاب مفادها الفخفاخ في الحكومة مقابل الغنوشي في البرلمان، وفِي كل السيناريوهات قد تحصل صفقة ستخسر بمقتضاها تونس والأحزاب السياسية الكثير". 

المساهمون