ينتظر أن يشهد البرلمان التونسي اليوْم الاثنين صراعاً بين المعارضة وممثلي رئاسة الجمهورية، لأسباب تبدو في ظاهرها متعلقة بموازنة إدارة الرئيس، الباجي قائد السبسي للعام 2018، ولكنها في الواقع تنسحب على السياسات والصلاحيات وسط انتقادات واسعة لما سموه تضخم الاعتمادات مقارنة بتراجع موازنة البرلمان، ما يمثل انحرافاً في النظام السياسي البرلماني وعودة مقنّعة إلى النظام الرئاسي.
وقالت سعيدة قراش، المتحدثة باسم رئاسة الجمهورية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الموازنة لم تعرف ترفيعا بالنسبة للعام المقبل بالرغم من الترفيع المسجل في الأجور، مشيرة إلى أن أكثر من 60 بالمائة منها موجه إلى الحرس الرئاسي، الذي يتولى تأمين الشخصيات الرسمية في البلاد والمنشآت السيادية، كقصر البرلمان والحكومة، ومختلف القصور، كما يذهب جزء هام إلى الهيئات الخاضعة لإشراف الرئاسة.
وتستعد المعارضة البرلمانية لتوجيه وابل من الأسئلة والانتقادات لممثلي السبسي حول السياسات وصلاحيات الرئيس، حيث عبر ممثلوها عن استغرابهم من تواصل رصد اعتمادات مماثلة لموازنة رئاسة الجمهورية للعام القادم في حدود 108.5 ملايين دينار، أي حوالي 43.37 مليون دولار، في حين لا تمثل موازنة مجلس نواب الشعب التونسي أكثر من ثلث هذا الرقم.
وقال عماد الدايمي، أمين عام حزب حراك تونس الإرادة، لـ"العربي الجديد"، إن المطلوب اليوم تجسيم الدستور الجديد وتنزيل أحكامه بإعطاء كل سلطة الصلاحيات التي تستحقها، مشيرا إلى أن الاعتمادات تترجم أهمية السلط ووسائل العمل والتحرك السياسي، وأضاف أنه يجب أن تعطي القيادة الحالية المثل في التقشف لا أن تطلب من الشعب التضحية لفائدتها.
ومن المعسكر الآخر، يستعد نواب حزب نداء تونس للدفاع عن الرئيس الشرفي للحزب ومؤسسه، الباجي قائد السبسي، حيث كان موضوع مناقشة موازنة الرئاسة، حاضراً خلال الأيام البرلمانية التي عقدها الحزب استعدادا لهذه المعركة المنتظرة.
إلى ذلك، اعتبر نواب الكتلة الديمقراطية والجبهة الشعبية أنه في بلد نظامه السياسي برلماني، ويطلب من المجلس النيابي لعب أدوار ومسؤوليات تشريعية ورقابية ودبلوماسية باعتمادات أقل من رئاسة الجمهورية، محدودة الصلاحيات والمهام بحسب الدستور الجديد، فإن هذا يشكل اختلالا واضحا رغم مرور 4 سنوات على التصديق على الدستور.
واعتبروا أن هناك استبطانا على مستوى قصر الرئاسة بقرطاج إلى نفوذ الحكم الرئاسي، واعتداء مقنعا على صلاحيات لا تجوز له قانونا ودستورا، فحتى حجة التأجير تسقط إذا ما تخلت الرئاسة عن مؤسسات تخضع لإشرافها ومن المفترض ان تُلحق بالبرلمان، على غرار الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية التي تمثل آلية رقابة على السلطة التنفيذية وجب إلحاقها بالبرلمان.
كما انتقدت المعارضة بشدة تضخم نفقات السفر والإقامات والاستقبالات والقصور والحراسة التي من المفترض أن ينقل جزء هام منها إلى سلطة رئيس الحكومة، الذي يصنفه الدستور بالذراع التنفيذي الأكبر في نظام الحكم الحالي وفي إطار تقاسم الصلاحيات.