لم تكن زيارة رئيس الاتحاد الوطني الحر، سليم الرياحي، اليوم الثلاثاء، إلى البرلمان زيارة عادية كما أريد لها أن تبدو بقدر ما كانت للبحث عن سند لما وصفه بالمؤامرة السياسية ضده، إثر قرار تجميد أمواله وممتلكاته، ووضع اللمسات الأخيرة لعودته للائتلاف الحاكم مجددا عبر بعث تنسيقية مع النهضة والنداء، بعد أن كان قد أعلن منذ أشهر انضمامه للمعارضة، متهما بطريقة غير معلنة مشروع تونس بمحاولة إفساد ذلك.
وكان الرياحي المجمدة أصوله وممتلكاته في تونس بموجب قرار صادر عن قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي الأسبوع الماضي، قد التقى كتلته النيابية وممثلين عن كتلتي النهضة والنداء بتكليف رسمي من كتلهم.
وقال الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" إثر اللقاء، إنه جاء في إطار توسيع النقاش حول العمل التشريعي للفترة المقبلة، فضلا عن تعبير النواب عن تضامنهم معه في ما يتعلق بتجميد أمواله وأنه قدم لهم تطمينات حول عدم جدية الاتهامات الموجهة إليه والتي تتنزل في سياق سعي أطراف إلى إثارة قضية تعود إلى سنة 2012 ولا علاقة لها بحملة الحكومة المتعلقة بمكافحة الفساد.
وأشار الرياحي إلى أنه توجه للقضاء البريطاني لأن الشركات التي يملكها أسست في بريطانيا وأن الأمر يتعدى مسألة الثقة في قضاء تونس وإنما هو إجراء احترازي للرد على القرار الذي اعتبر انه يستهدفه في شخصه وجزء من مؤامرة سياسية ضده.
وأوضح الرياحي أن المعطى الجديد في قضيته قدمه محام عضو في حركة مشروع تونس ما يجعل الشكوك في تورط حزب مشروع تونس الذي يتزعمه محسن مرزوق في هذه المؤامرة قائمة ومحل تثبت.
ويحاول الوطني الحر توجيه الأنظار إلى حركة مشروع تونس واتهامها بإفساد مشروع التنسيقية بين النداء والنهضة والوطني الحر عبر مهاجمة رئيسه.
وإذ تذهب قراءات بأن النداء يسعى لاستبدال آفاق تونس المرجح مغادرته للحكومة خلال التعديل الوزاري المرتقب عبر استعادة الوطني الحر مجددا في صف ائتلاف الحكم وسد الطريق أيضا أمام مشروع تونس الذي تفيد معطيات متقاطعة بإمكانية حصوله على مقاعد وزارية بمناسبة التعديل، فإن القيادي بالوطني الحر ورئيس كتلته طارق الفتيتي اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن الجزم في مسألة العودة للحكم مؤجل، وستتم مناقشتها في حال إقدام رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد على تعديل وزاري.
الفتيتي اكتفى بالتصريح بأن حركة النهضة، إثر اتفاقها على رفع التنسيق مع النداء إلى أقصى درجاته، بادرت بدعوة الوطني للحر للتنسيق مجددا في إطار تنسيقية تجمعها بالنداء ما سيوفر أغلبية مريحة تقدر بـ137 نائبا كافية لتمرير مشاريع القوانين. ولَم يستبعد الفتيتي أن يكون المشروع "منزعجا" من هذه الخطوة وبعد أن غادر جبهة الإنقاذ، وتفيد معطيات من كواليس المشهد السياسي انطلاقه في نقاشات حول الانضمام للحكومة، وهو ما دفع أحد منتسبيه لإثارة القضية مجددا ضد الرياحي.
وأضاف الفتيتي لـ"العربي الجديد" أن التنسيق سيقتصر على مشاريع القوانين المركزة للهيئات الدستورية وحول مقترحات القوانين التي تتعلق بمكافحة الفساد، وسيتم توضيح ذلك في بيان سيقدم خلال الأيام المقبلة.