تونس: حكومة الناس تكون في الشارع

02 ديسمبر 2019
يشكو التونسيون من عدم حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية (Getty)
+ الخط -
شهدت مدينة جِلْمة من محافظة سيدي بوزيد وسط تونس مواجهات بين الأمن وعدد من المحتجين ليل السبت - الأحد، إثر تشييع جثمان الشاب عبد الوهاب الحبلاني، الذي توفي يوم الجمعة، متأثراً بالحروق البليغة التي أصيب بها نتيجة إضرامه النار في نفسه، مطالبين بالكشف عن الظروف والأسباب الكامنة وراء الانتحار.
بحسب روايات الأهالي، فإن الحبلاني أقدم على سكب البنزين على جسمه وإشعال النار في جسده احتجاجاً على تردي أوضاع أسرته الاجتماعية المتدهورة وعدم ترسيمه في العمل الذي يقوم به في إطار ما يعرف بالآلية 16، أي طريقة التشغيل المؤقتة التي لم تقدم أي شيء لحل مشكلة البطالة في تونس ولا تعدو أن تكون شكلاً من أشكال التشغيل الهش.
يحدث هذا، بينما تتواصل مشاورات تشكيل الحكومة منذ أسابيع في قصر الضيافة بقرطاج، إحدى الضواحي التي لا تشبه مدن سيدي بوزيد أو القصرين في شيء. يأخذ الساسة كل وقتهم في المشاورات التي لا تنتهي، والبلاد تُدار حالياً بعدد قليل من الوزراء لتصريف الأعمال بعدما استقال أغلبهم إثر انتخابهم في البرلمان الجديد. الأزمات الاقتصادية على حالها، وأصوات الناس بحّت في الأسواق من الأسعار التي تواصل سيرها نحو الاشتعال.
وفي الأثناء يتبجح السياسيون باختلاف وجهات النظر، وعدم الالتقاء على أرضية مشتركة، ويزعم الجميع أنه جاء لإنقاذ الوطن وخدمة الثورة والحد من هموم الناس، فيما تعج الكواليس بأخبار الحروب القائمة داخل الأحزاب حول الحقائب الوزارية، يفرك كثيرون أيديهم في انتظار تعيينهم مسؤولين على رقاب الناس، بينما تغرق جِلْمه في حزنها وهي تودع أحد أحبابها وتئن القصرين من بردها وتستعد سليانة وجندوبة لموجة الثلوج والفيضانات المقبلة. والمشكلة أن هؤلاء كانوا منذ أسابيع قليلة يتحدثون عن رسالة الشعب بعد الانتخابات وغضبه الشديد ممن كان يدير شأنه ويتولى أموره، وكيف عاقب التونسيون الطبقة السياسية بائتلافها الحاكم ومعارضيها، وأقصوا الجميع ومحوا أحزاباً من الوجود. لكن ما العمل إذا كانوا لا يسمعون ولا يعتبرون من الماضي ونتائجه؟ لو كانت الرسالة وصلت كما يقولون لترك الجميع قصورهم وهرعوا إلى جِلمة يخففون الآم الناس هناك، لأن حكومة الناس تكون في الشارع.

المساهمون