تقدم نواب البرلمان التونسي أمس الأحد، بأسئلة شفهية لحكومة الوحدة الوطنية ورئيسها يوسف الشاهد، ووجه أكثر من 85 بالمائة من نواب الائتلاف الحاكم أسئلة محرجة، ما يترجم هشاشة التحالف الحزبي، وغياب الانسجام والتنسيق.
ونظر مكتب البرلمان في حزمة من اثنين وسبعين سؤالاً شفهياً موجّهاً من أعضاء البرلمان إلى الحكومة، وسط طرح سبل تنظيم جلسة عامة قادرة على استيعاب هذه الطفرة من الأسئلة، التي يضعها أصحابها في خانة مراقبة العمل الحكومي، كما يشرعها الدستور في بنده 95 من أن "الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب".
واللافت للانتباه في قائمة الأسئلة أن 60 سؤالاً كان موجهاً من نواب الائتلاف الحاكم، ومن كتلة الأحزاب المساندة لحكومة الوحدة الوطنية، فيما لم يتجاوز نصيب المعارضة من الأسئلة 12 سؤالا، مما يفتح أبواب الريبة والاستفهام عن مدى انسجام الائتلاف الحزبي وصلابته.
وتراوحت الأسئلة الموجهة بين الاستفسار ومحاولات الاستفزاز، رغم أن غالبيتها يدخل في مربع النيران الصديقة، إلا أن بعضها يمكن أن يفسر بحجم الضغط القطاعي، والمطبات السياسية التي تعيشها بعض الوزارات. كما يمكن تفسير البعض الآخر بما يحوم من نوايا لإدخال تحوير جزئي على عدد من الحقائب الوزارية، أو هو نتاج انحسار ثقة البرلمان في بعض الوزراء.
ومما يثير الاهتمام في أسئلة النواب للحكومة توجيه نائب عن "نداء تونس" حزمة من أسئلة لشريكه في الحكم "آفاق تونس" الممثل في وزارة الصحة، كما أن ارتفاع عدد الأسئلة لوزراء التربية والتجهيز والنقل والمالية، يمكن تفسيره بالاحتقان النقابي، والحراك الذي تشهده هذه الوزارات. كما يلاحظ تبادل الأدوار؛ فيوجه نواب النداء أسئلة لوزراء النهضة، والعكس بالعكس في رد للهجوم البرلماني.
ومن بعض هذه الأسئلة وأكثرها إثارة في مسار الضغط البرلماني على الحكومة، تتشبث النائبة منية إبراهيم وعضو مجلس شورى حركة النهضة الاسلامية، بطرح سؤال على رئيس الحكومة يوسف الشاهد حول الجهة الحكومية التي منحت ترخيصاً للصحافي الإسرائيلي، مراسل القناة العاشرة الإسرائيلية لتصوير تحقيق تلفزيوني على الأراضي التونسية، عقب اغتيال المهندس الشهيد محمد الزواري.
كما طرح النائب عماد الدايمي عن حزب "حراك تونس الإرادة" سؤالاً حول أسباب غياب الدبلوماسية التونسية في ليبيا. وسأل صلاح البرقاوي نائب حزب "حركة مشروع تونس" عن موقف الوزارة من الاتصالات التي تجريها بعض الأطراف الحزبية بدول أجنبية، مما يدخل في صلاحيات الدولة، في إشارة إلى الدبلوماسية الشعبية التي يعد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رائدا فيها.
بدورها، طرحت النائبة عن "حركة نداء تونس" سعاد الزوالي سؤالا على وزير الشؤون الدينية بالنيابة غازي الجريبي عن سبب تأخر الوزارة في سد الشغورات في خطط أئمة المساجد والخطباء، مما يمثل خطراً من اندساس أطراف متشددة، والخشية من خروج هذه المساجد عن سلطة الدولة. في حين سأل رئيس كتلة الحرة عبد الرؤوف الشريف، وزير الداخلية الهادي مجدوب، عن مدى استيفاء قائمة المعتمدين المعينين مؤخراً للشروط القانونية، وحول معايير التعيين المتبعة.
وتوزعت هذه الأسئلة على نحو 21 عضوا في حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها، سؤال وحيد إلى رئيس الحكومة، و4 أسئلة إلى وزير الخارجية، وسؤال إلى وزير الداخلية، وسؤال إلى وزير الشؤون الدينية الذي ينوب عنه وزير العدل، و22 سؤالا إلى وزيرة الصحة، وسؤالان إلى وزير الشؤون المحلية والبيئة، و7 أسئلة إلى وزير النقل، وسؤال إلى وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، و4 أسئلة لوزير التربية ناجي جلول، وسؤال لوزير التكوين والتشغيل، و6 أسئلة إلى وزير الفلاحة والصيد البحيري، وسؤال إلى وزيرة الشباب والرياضة، و5 أسئلة إلى وزير التجهيز والتهيئة الترابية و3 أسئلة لوزير الوظيفة العمومية والحوكمة، وسؤالان إلى وزيرة المرأة والأسرة والطفولة، و4 أسئلة لوزيرة الطاقة والمناجم، وسؤالان إلى وزير الصناعة والتجارة، وسؤالان لوزيرة المالية، وسؤال لوزير الشؤون الاجتماعية، وسؤال لوزير التعليم العالي، وسؤال لمحافظ البنك المركزي.
ويعكس هذا التوزيع في الأسئلة فكرة عن علاقة النواب والأحزاب ببعض الوزراء من ناحية، والتركيز على بعض الوزارات الحساسة من ناحية أخرى، فيما يكشف أيضا عن مصير بعضهم في التغييرات الممكنة على حكومة الشاهد، من داخلها أو بدفع من الواقع النيابي والحزبي الجديد.