تونس تنهي تغوّل شركات نقل الفوسفات

07 ديسمبر 2016
ناقلة لتصدير الفوسفات في تونس (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -


تسعى الحكومة التونسية إلى فرض سيطرتها على قطاع نقل منتجات الفوسفات من المناجم إلى مواقع التكرير والموانئ، بعد أن فقدت شركة السكك الحديدية الحكومية جزءاً كبيراً من هذا النشاط على مدار السنوات الخمس الماضية لصالح شركات النقل الخاصة.
وأعلنت وزارة النقل قبل يومين، عن إبرام صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية لشراء 20 قاطرة جديدة ذات حمولة كبيرة تتجاوز 2400 طن للقاطرة الواحدة مقابل سعة لا تتعدى 1500 طن للقاطرات المستعملة حالياً.

وتهدف الحكومة عبر هذه الصفقة، تطوير قدرة النقل السنوية للفوسفات إلى 11 مليون طن سنوياً والوصول لتحسين البنية التحتية للسكك الحديدية في مواقع الإنتاج بمشروع كامل بكلفة 200 مليون دينار (91 مليون دولار)، إضافة إلى تطويرات أخرى ستكون بقيمة 120 مليون دينار.
ومنذ إنشاء شركة فوسفات قفصة في عشرينيات القرن الماضي، تم مد ّخطوط حديد قفصة كما تم إنشاء الخط الحديدي الرابط بين المتلوي وميناء صفاقس (غرب تونس) ليتوسع مجالها فيما بعد إلى مناجم "المظيلة" و"الرديف" و"أم العرائس"، مما جعل من نقل الفوسفات نشاطاً حصرياً للشرطة الوطنية للسكك الحديدية التونسية الحكومية.

ومع الاضطرابات التي شهدتها منطقة الحوض المنجمي وإغلاق السكة الحديد من قبل المحتجين المطالبين بالتشغيل، سيطرت شركات النقل البري الخاصة على ما تبقى من نشاط نقل الفوسفات لتنهي بذلك عقوداً من الاحتكار الحكومي لهذا القطاع.
ويقول العديد من أبناء منطقة المناجم إن جزءاً من الاحتجاجات لم يكن عفوياً، بل بدافع من شركات النقل الخاصة التي تدفع بالمحتجين إلى بناء حواجز على السكة الحديد ومنع القطارات من دخول المناجم لرفع نشاط شركات النقل الخاصة.

وتعيش منطقة المناجم منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في يناير/كانون الثاني 2011 على وقع الاحتجاجات الاجتماعية، مما أثر بشكل كبير على الإنتاج التونسي من الفوسفات، فيما تشير بيانات حكومية إلى أن البلاد خسرت موقعها على خارطة أكبر مصدري هذه المادة بسبب عدم استقرار الصادرات.
وإلى عام 2010، كانت عائدات صادرات الفوسفات تناهز 10% من جملة صادرات البلاد، بمعدل إنتاج يناهز 8 ملايين طن سنوياً، غير أن هذا الإنتاج لا يزال يتراجع على مدر السنوات الخمس الماضية ليتقلص بنسبة 60% وفق آخر بيانات رسمية كشفت عنها شركة الفوسفات الحكومية مما كبد البلاد خسائر في حدود 2.2 مليار دولار.

ويقول عضو البرلمان عن منطقة المناجم عدنان الحاجي، إن تجديد الأسطول الحديدي لنقل الفوسفات سيعطي الشركة دفعاً جديداً، مشيراً إلى أن الصعوبات المالية التي تعرضت لها المؤسسة في السنوات الأخيرة حالت دون تطوير المعدات في الوقت الذي تقفز فيه الأسواق المنافسة أشواطاً في مواكبة المستجدات في قطاع المناجم.
وأضاف الحاجي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن منطقة المناجم تحتاج إلى كل الاستثمارات التي من شأنها أن تعزز النسيج الاقتصادي في هذه المنطقة، بهدف استيعاب مزيد من طالبي العمل وتنقية المناخ الاجتماعي، سيما أن المنطقة لم تحظ إلى حد الآن بالاهتمام الحكومي الذي تستحقه.

ويعد الفوسفات من أهم الملفات الاقتصادية التي تعمل عليها حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد، منذ توليها، حيث يعد كسب رهان العودة إلى نسق الإنتاج الطبيعي وفق إجماع خبراء الاقتصاد، من النجاحات التي ستحسب لهذه الحكومة.
وفي 26 أغسطس/آب الماضي، كان خطاب الشاهد أمام البرلمان في جلسة كسب الثقة لحكومة الوحدة الوطنية صارماً، فيما يخص اعتصامات الحوض المنجمي، حيث قال رئيس الحكومة: "سنكون حازمين في التصدي لكل الاعتصامات غير القانونية"، ما أثار مخاوف من إمكانية عودة العصا الغليظة للسلطة في التعاطي مع مختلف أشكال الحراك الاجتماعي.