تبحث تونس هذه الأيام، تنويع مسارات صادراتها إلى أسواق غير تقليدية، ولا سيما روسيا، التي تستوعب قرابة 150 مليون شخص، يشكلون سوقا مغرية، في ظل حالة الركود التي يعيشها الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأول لتونس.
وقال وزير التجارة محمد حسن، إن اللجنة الاقتصادية التونسية - الروسية التي عقدت اجتماعاتها في موسكو، قبل أيام، اتفقت على الانطلاق قريبا في مفاوضات توقيع اتفاقيات للتبادل الحر بين تونس وروسيا، إلى جانب اتفاقيات شراكة في المجال التجاري والسياحي بين البلدين.
وأضاف الوزير في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، أنه تم الاتفاق، أيضا، على إنشاء مؤسسة تونسية لتسويق الحليب التونسي في روسيا، مشيرا إلى أن دعم التعاون مع السوق الروسية مهم جدا بالنسبة لتونس في هذه المرحلة بفضل إمكانات التصدير نحو هذه السوق الشاسعة جدا.
ولفت وزير التجارة إلى أن العلاقات التجارية بين البلدين قديمة جدا، غير أن النتائج المحققة من الجانب التونسي تبقى دون المأمول، وهو ما يتطلب مزيدا من الجهد في إطار الغرف المشتركة ومنظمات الأعمال ومركز النهوض بالصادرات إلى جانب رفع العراقيل المتعلقة بالنقل وتحويل العملة، لتسهيل نفاذ السلع التونسية إلى هذه السوق الشاسعة، حسب قوله.
وترتفع المبادلات التجارية وفق بيانات عام 2014، إلى نحو مليار دينار سنويا (نصف مليار دولار)، لفائدة الاتحاد الفيدرالي الروسي، مقابل 45 مليون دينار لفائدة تونس.
وقد أبدى الجانب الروسي عقب اجتماع اللجنة العليا المشتركة استعداده لتحقيق التوازن في التبادل التجاري بين البلدين، كما سبق أن قبلت موسكو مضاعفة عدد الطلبة التونسيين المنتفعين بمنح تعليمية في روسيا.
وعلى مستوى التعامل الأمني والعسكري، وافقت الحكومة الروسية على تقديم الدعم لتونس من حيث التدريبات والمعدات.
وأكدت رئيسة مجلس الأعمال الروسي التونسي، تاتيانا سادوفيا، أن روسيا قررت تخفيض الجمارك على المنتجات التونسية التي يجري تصديرها إلى الأسواق الروسية بنسبة 25%.
وأوضحت سادوفيا، خلال ملتقى حول "السوق الروسية وآفاق تطوير التعاون التجاري بين البلدين" في يناير/كانون الثاني الماضي، أن حجم التخفيض يبلغ 25% من الضرائب على المنتجات التونسية المصدرة للأسواق الروسية.
وحثت سادوفيا، في تصريحات إعلامية المؤسسات التونسية على "تحديد أسعار مضبوطة وملائمة للمنتجات التونسية الموجهة للتصدير، لتمكينها من المنافسة في السوق الروسية".
وأكدت سادوفيا، أن المنتجات التونسية يمكن أن تحظى بمكانة جيدة في الأسواق الروسية وبإقبال من الروس بفضل جودتها العالية.
في المقابل، أعربت تونس عن استعدادها لزيادة حجم تصدير زيت زيتون ومنتجات زراعية أخرى إلى روسيا لتعويض النقص الناجم عن تقييد تصدير المنتجات الأوروبية.
وبالإضافة إلى التبادل التجاري، تسعى الحكومة التونسية إلى تنويع التعاون الاقتصادي مع روسيا، عبر فتح بوابات السياحة والرفع من حصة السياحة التونسية من السياح الروس، حيث وضعت وزارة السياحة منذ سنة 2014 هدفا برفع عدد سياح هذه السوق إلى 350 ألف وافد سنويا.
ووقّعت تونس مع روسيا، العام الماضي، اتفاقية حول التعاون في مجال السياحة، كما تم إعداد برنامج تموله الحكومة الروسية لتحفيز 2.5 مليون متقاعد في موسكو على السفر إلى تونس للسياحة والترفيه، وفي انتظار تعميم المشروع ليشمل باقي متقاعدي المدن الروسية، والمقدر عددهم بعشرات الملايين.
واستقبلت جزيرة جربة 500 كلم جنوب شرق العاصمة منذ أيام، وفدا من متعهدي الرحلات الروسية كما تم الاتفاق مع عدد من وكلاء السفر على برمجة تونس ضمن رحلاتهم على امتداد الأشهر القادمة.
وتعول وزارة السياحة على الاستقرار الأمني في الجزيرة، حتى تكون بوابة لعودة السياح، فيما تتواصل المباحثات مع المصرف المركزي التونسي من أجل إقناعه بقبول العملة الروسية (الروبل)، لمزيد تشجيع التبادل السياحي في الاتجاهين.
ومنذ سنة 2008، أصبحت روسيا شريكاً ثالثا على الصعيد التجاري الخارجي بالنسبة لتونس، فيما بلغت الصادرات التونسية إلى روسيا 25 مليون دولار فقط.
ومن الصادرات الروسية الأخرى، يمكن ذكر الأخشاب والورق والسبائك الفولاذية، أما تونس فتصدر إلى روسيا زيت الزيتون والمنتجات الزراعية ومنتجات النسيج.
وفي عام 2008، تم إنشاء أول مؤسسة روسية تونسية مشتركة تعمل على تعبيد الطرق في تونس، وفي عام 2008 حصلت المؤسسة الروسية الفيتنامية المشتركة على ترخيص بتنقيب النفط في تونس.
ويواجه المصرف المركزي التونسي شحاً في رصيده من النقد الأجنبي، بعدما انخفضت احتياطياته بنحو يفوق 10% خلال أول شهرين من العام الجاري، ما يجبر الحكومة على تعزيز إيراداتها من النقد الأجنبي عبر الصادرات والسياحة