تونس تعوم على النفط ؟

10 يونيو 2015
مطالب بإزاحة النقاب عن ملفات الطاقة البترولية
+ الخط -
يعتبر ملف البترول في تونس والقطاعات الاقتصادية المتعلقة به من أكثر الملفات المغلقة وغير المتاح الحديث فيها، نظراً للغموض الذي يكتنفها منذ أيام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي حتى اليوم، خصوصاً مع تواتر الحديث عن حقول بترولية في تونس وعن صفقات عمومية لا تستجيب للشروط القانونية، حيث فرّطت الحكومات المتعاقبة في حقول نفطية تونسية لمصلحة شركات دولية عملاقة.

في هذا السياق، لاقت حملة "وينو البترول"، التي انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي، رواجاً كبيراً، وتبنتها مؤسسات المجتمع المدني وناصرتها أحزاب سياسية بطريقة دبلوماسية ناعمة، كما نزل الآلاف الأسبوع الماضي تأييداً للدعوة في شارع الحبيب بورقيبة، مطالبين بإزاحة النقاب عن ملفات الطاقة البترولية في تونس والصفقات العمومية المبرمة في هذا الموضوع.


فقد أكد رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، خلال جلسة استماع للحكومة أن الأخيرة ليس لديها ما تخفيه في هذا الملف، مشيراً إلى أنه ستتم محاسبة كل من تورط في الفساد إذا ما ثبت ذلك. وأضاف الصيد أن حملة "وينو البترول" انطلقت بعد أن استغلت بعض الأطراف التدقيق الذي قامت به دائرة المحاسبات والتفقدية العامة للمالية. وشدد على أنه سيتم عقد جلسة مساءلة لوزير الصناعة والطاقة والمناجم في مجلس نواب الشعب، لتقديم كل المعطيات بخصوص هذا الموضوع.

من جهته، كشف القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، المحامي سمير بن عمر، في تدوينة له بالأسماء والأرقام عن تجاوزات في مجال الطاقة. وأكّد بن عمر أنّها تجاوزات موثّقة في تقارير رسمية، وهي "موضوع ملفات تحقيقية منشورة لدى القطب القضائي منذ سنوات، ولم يتم التعاطي معها بالجدية والحزم اللازمين".

وأوضح المحامي أنّ تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2011 تحدث عن الفساد في الغاز الطبيعي فيما يزيد عن أربعين صفحة، تعرّض من خلالها إلى مظاهر من الفساد "ولكن مع الأسف ليس كلها". وأضاف بن عمر أنّ تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة تحدث عن مافيا الطاقة التي شارك بن علي في تغذيتها.

أما القيادي في حزب الاتحاد الوطني الحر، ورئيس كتلته في مجلس نواب الشعب، محسن حسن، فقال لـ"العربي الجديد" إن حملة "وينو البترول" حملة مشبوهة ومغرضة، مشيراً إلى أنه من حق الشعب التونسي أن يعرف مصير وحقيقة ثرواته الطبيعية، لكن ليس عبر تجييش الشارع وإثارة الفتنة بين الجهات، خدمة لأجندة أجنبية.


من جهته، أكد وزير الصناعة والطاقة زكرياء حمد، لـ"العربي الجديد" أن حملة "وينو البترول" مرفوضة، ويجب تطويقها حتى لا تتسبب في فتنة بين مناطق البلاد، إذ "تنتج تونس 54 ألف برميل نفط يومياً، وهذا الإنتاج تقلص إلى 51 ألف برميل بعد أحداث الفوار في قبلي، التي اندلعت عقب الإعلان عن بئر نفط جديدة في الجهة". يضيف حمد أن الإنتاج النفطي في تونس يُغطي أكثر من نصف الحاجات، موضحاً أن حقول البرمة وعشترت وصدر بعل تشكل مخزوناً نفطياً كبيراً، وتوفر 39% من إجمالي إنتاج النفط التونسي، لافتاَ إلى أن مخزون بقية الحقول والمنشآت النفطية بسيط وهامشي.

وكشف المدير العام للشركة التونسية للأنشطة البترولية، محمد العكروت، لـ"العربي الجديد" أن 80% من مداخيل النفط، تعود إلى الدولة التونسية، ونصيب المستثمر الأجنبي 20% فقط. وأوضح أنه في حال اكتشاف كميات جديدة من النفط في تونس، فإن نصيب الدولة التونسية منها 50% من الإنتاج، بالإضافة إلى أسعار تفاضلية في شراء البترول، مشيراً إلى أن المستثمرين الذين يخاطرون بالتنقيب عن النفط في تونس لا تتعدى حصتهم 20%.

اقرأ أيضا: أزمة البترول تُرحّل إلى البرلمان التونسي

من جهته، أشار مدير مؤسسة "سيغما كونساي" لسبر الآراء، حسن زرقوني، إلى أن تونس تنتج حالياً 55 ألف برميل من النفط يومياً، أي ما يعادل 1% من إنتاج الجار الجزائري، كما لتونس القدرة على تكرير 38 ألف برميل يومياً، ويتم استهلاك 30 % محلياً، فيما تستورد الحاجة الباقية".

وينفي زرقوني أن تكون تونس عائمة فوق بحر من النفط، داعياً أصحاب حملة "وينو البترول" إلى العمل وعدم التكاسل، مشيراً إلى ضرورة الاتعاظ مما يحدث في العراق وليبيا، برغم أنهما من أكثر الدول إنتاجاً للنفط في العالم.
المساهمون