تعوّل تونس على الجهود الدولية لمساعدتها في مقاومة البطالة، انطلاقاً من خطوط التمويل الأجنبية التي تضعها دول أوروبية وعربية لصالح العاطلين عن العمل، وللحد من الاحتجاجات التي ينفذها عاطلون أمام بعض المؤسسات الإنتاجية للمطالبة بالتعيين.
وتسعى الحكومة إلى تنشيط مبادرتها التي أطلقتها بداية العام الجاري لمواجهة البطالة، عبر تسهيل نفاذ الشباب إلى مصادر تمويل لبعث مشاريعهم الخاصة وتشجيع المبادرات الذاتية.
وحصلت تونس على هامش زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على وعد بتوفير تمويلات لإنشاء صندوق لدعم التنمية والمؤسسات المبادرات الشبابية في تونس.
وأعلن الرئيس الفرنسي في زيارته لتونس الأربعاء تخصيص 500 مليون يورو إضافية لدعم تونس حتى سنة 2022، إضافة إلى 1.2 مليار يورو تم إعلانها سابقا، ستغطي 4 مجالات، من بينها مكافحة الهجرة غير الشرعية ودعم المؤسسات والمبادرات الخاصة.
وإضافة إلى وعد فرنسا، شريك تونس الاقتصادي الأول، تقدم عدد من أعضاء البرلمان بمبادرة لفتح باب التشغيل في دولة قطر، عبر رسالة توجهوا بها إلى السلطات في البلدين من أجل توفير 25 ألف فرصة عمل للشباب التونسي في قطر، شريك تونس الاقتصادي الثاني.
وفي السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي، محمد الظريف، الدعم الدولي مهما جدا لتونس في هذه الفترة، مؤكدا أن مواصلة تونس الحصول على خطوط تمويل لتسهيل اندماج الشباب في سوق العمل، مؤشر سيقلص الاحتقان الاجتماعي ويدفع الشباب نحو المبادرة الذاتية، في حال توافر الضمانات والتمويلات اللازمة لبعث مشاريعهم الخاصة.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال الظريف إن العديد من خريجي الجامعات تعوزهم الإمكانات المادية والشروط المجحفة للمصارف، رغم توافر العديد من الأفكار لديهم لمشاريع مربحة وذات نسبة نجاح عالية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه إضافة إلى توفير خطوط التمويل، يتعين على الدول المانحة تمكين الشباب من الإحاطة والمرافقة اللازمة لإنجاح مشاريعهم، انطلاقا من تجارب مماثلة في دول كسبت هذا الرهان.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه إضافة إلى توفير خطوط التمويل، يتعين على الدول المانحة تمكين الشباب من الإحاطة والمرافقة اللازمة لإنجاح مشاريعهم، انطلاقا من تجارب مماثلة في دول كسبت هذا الرهان.
وفي بداية يناير/ كانون الثاني الماضي، شهدت محافظات تونسية موجة من الاحتجاجات الشعبية عبّر فيها الشباب عن غضبهم من فشل الحكومات في منحهم حق الشغل الذي كان من المطالب الأساسية للثورة.
وردت الحكومة على مطالب الشباب بالإعلان عن أن 2018 ستكون سنة التشغيل، حيث كشف رئيس الحكومة يوسف الشاهد في يناير/كانون الثاني الماضي عن ملامح الخطة، والتي تقوم على تشجيع المبادرة الذاتية المستقلة لإيجاد جيل من مستثمري المؤسسات الخاصة مع ضمان تسويق منتجات هذه المؤسسات بما يضمن نجاحها واستمراريتها.
وأعلن الشاهد أن الدولة ستوفر لمدة 3 سنوات "سوقا إطاريا" في جميع محافظات الجمهورية لهؤلاء الباعثين بما يضمن تواصل مشاريعهم، مؤكدا أن الباعث ضمن هذا المشروع بإمكانه تقديم مطلب الاستفادة من التمويل الذي يقدمه البنك التونسي للتضامن (حكومي) حتى 150 ألف دينار (62 ألف دولار).
كما رصدت الحكومة لموازنة العام الحالي 100 مليون دينار (نحو 41 مليون دولار) لتمويل مشاريع شبابية، وتشجيع المبادرة الذاتية في ظل انحسار الانتداب في القطاع الحكومي.
وتجد الحكومة دعما كبيرا من المقرضين والمانحين الدوليين في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن مشروع بعنوان "مبادرة رائدة للتنمية المحلية المتكاملة" يمتد في الفترة من 2018 إلى 2022 لخلق ديناميكية اقتصادية محلية في 12 بلدية حديثة العهد بكل من محافظات جندوبة والقصرين وقفصة وتطاوين لاستغلال الثروات المحلية، ودفع بعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة في البنية التحتية، واستيعاب كثافة عمالية عالية إلى جانب دعم القطاع الخاص لخلق القيمة المضافة.
ويبلغ عدد العاطلين عن العمل في تونس 665 ألف عاطل، من بينهم 250 ألفا من حاملي الشهادات الجامعية. وفي المقابل، تضاعف عدد موظفي القطاع الحكومي 16 مرة منذ الاستقلال، إذ ارتفع من نحو 36 ألفا عام 1956 إلى أكثر من 690 ألفا عام 2017.