طلبت حكومة تونس مساعدة برلمانية من أجل إيجاد حلول لدعم الأسس المالية لمصارفها العمومية الثلاثة واسترداد ديونها المتعثرة، بعد أن تعذّر عليها مواصلة المسار الإصلاحي الذي بدأته سنة 2015 عبر الإعلان عن هيكلة هذه المصارف.
وقدمت الحكومة الأسبوع الماضي للبرلمان مشروعاً يقترح إحداث لجنة لمراقبة الإصلاح الإداري والهيكلي وسياسات الاستخلاص والتدقيق في هذه البنوك تضم 12 عضوا من بينها 5 نواب عن البرلمان.
ويقول عضو البرلمان ووزير المالية الأسبق سليم بسباس في حديث لـ"العربي الجديد" إن هذا القانون سيمثل أداة مهمة في يد المصارف لتحسين شروط التفاوض حول استرجاع ديون متعثرة يعود جزء منها إلى أكثر من 3 عقود مضت.
وأضاف بسباس أن المصارف الحكومية تحتاج إلى فكّ القيود التي تفرضها القوانين حتى تتصرف في أصول الديون وفوائضها مع المقترضين مثل الإجراءات التي تقوم بها المصارف الخاصة لاستعادة الديون المتعثرة.
ويأتي هذا المقترح الحكومي في ظل إقرار الحكومة بعدم توصل مخطط إصلاح البنوك لحقيق النتائج المرجوة في تخفيض حجم الديون المتعثرة. وتستهدف الحكومة من وراء هذا الإصلاح الذي يندرج في إطار حزمة توصيات صندوق النقد الدولي إلى استرجاع جزء من الديون المتعثرة التي منحتها المصارف لمستثمرين إلى جانب ضمان صلابتها المالية لأذرع مالية لتمويل الاقتصاد ومرافقة المستثمرين في الخارج في مرحلة لاحقة.
وفي تصريحات سابقة قال وزير الإصلاحات الاقتصادية توفيق الراجحي إن "الحكومة تدرس خططا لاسترجاع ديون بقيمة 6.5 مليارات دينار (2.72 مليار دولار) في البنوك الثلاثة ضمن خطط لإصلاح القطاع المصرفي".
وأوضح أن الحكومة بدأت بالفعل خطوات إصلاح القطاع "عبر خطط للحوكمة الجيدة ثم رفع رأسمال البنوك الثلاثة، والآن نسعى لتحسين أداء تلك البنوك عبر خطة تتيح لها استرجاع الديون المتعثرة التي منحتها البنوك العمومية".
وسنة 2015 ضخت الدولة نحو 757 مليون دينار أي نحو 315 مليون دولار لإعادة رسملة الشركة التونسية للبنك وقرابة 110 مليون دينار أي نحو 46 مليون دولار لفائدة بنك الإسكان.
وتشير التقديرات إلى أن البنوك في تونس، والبالغ عددها 24 بنكا، توفر حوالي 87 % من الاستثمارات، وبالتالي فإن إعادة هيكلتها على أسس مستدامة يمكن أن تنعش الاقتصاد.
ويرى الخبير المتخصص في مجال المخاطر المالية مراد الحطاب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مسألة الديون غير المستخلصة (المتعثرة) مرتبطة أساسا بالظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ سبع سنوات، مشيرا إلى أن تراجع مؤشرات كل القطاعات، لا سيما السياحة والصناعة، ساهم بشكل كبير في تراجع قدرة المؤسسات على تسديد قروضها لدى المصارف.
ولفت الحطاب إلى أن الديون المتعثرة تأكل من المدخرات والموارد الذاتية للمصارف، ما جعل غالبيتها في وضع صعب، مؤكدًا أن رفع نسب استخلاص الديون المتعثرة مرتبط بعودة النشاط الاقتصادي.