أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في الأمم المتحدة، لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك، أن وزارة الخارجية التونسية استدعت سفيرها للأمم المتحدة ومجلس الأمن في نيويورك، قيس قبطني، للعودة إلى البلاد على وجه السرعة، دون تحديد أي سبب للإقالة من منصبه كسفير لتونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
وجاء استدعاء قبطني عن طريق برقية بعثت بها وزارة الخارجية تطلب فيها منه العودة إلى البلاد، دون تحديد أسباب الاستدعاء التي يبدو أنه لم تفاجئ البعثة التونسية وسفيرها فحسب، بل كذلك عدداً من الدبلوماسيين في مجلس الأمن، وفقاً لمصادر رفيعة المستوى.
وعمل قبطني، قبل توليه منصبه سفيراً لتونس لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن في نيويورك نهاية مارس/ آذار، مندوباً لبلاده في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، ومندوب تونس الدائم لدى الاتحاد الأفريقي. كذلك، سبق أن شغل عدداً من المناصب الدبلوماسية رفيعة المستوى، من بينها سفير تونس لدى كل من جيبوتي ومدغشقر والسيشيل.
كذلك، سبق أن تولّى مهمة مستشار للشؤون الخارجية بالبعثة التونسية للأمم المتحدة في نيويورك بين 2001 -2007، تقلد خلالها عدداً من المناصب، من بينها نائب رئيس لجنة الإعلام للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومنصب مقرر لجنة الشؤون السياسية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك 2004 -2005.
وكان قبطني قد تولى مهامه كسفير تونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك في شهر مارس/ آذار الأخير بعد ضجة دبلوماسية إثر إقالة سلفه، المنصف البعتي، في شهر فبراير/ شباط أيضا، بشكل مفاجى من منصبه.
وجاءت إقالة السفير البعتي لأسباب تتعلق بضغوط أميركية وموقفه من مشروع قرار حول فلسطين كان البعتي وفريقه يعمل على صياغته مع إندونيسيا، ودولة أخرى غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، بحسب تصريحات دبلوماسية رفيعة المستوى آنذاك لـ"العربي الجديد" في نيويورك. بينما تأتي إقالة قبطني، على ما يبدو، بسبب انقسامات داخلية تونسية.
كان قبطني قد تولى مهامه كسفير تونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك في شهر مارس/ آذار الأخير بعد ضجة دبلوماسية إثر إقالة سلفه، المنصف البعتي، في شهر فبراير/ شباط أيضا، بشكل مفاجى من منصبه
وكانت تونس قد تولت عضويتها في مجلس الأمن الدولي خلفاً للكويت بداية يناير/ كانون الثاني الماضي.
وتستمر عضويتها لمدة سنتين، أي حتى نهاية 2021، وهي الدولة العربية الوحيدة العضو في مجلس الأمن الدولي.
وأدى استدعاء تونس آنذاك لسفيرها، المنصف البعتي، في نيويورك إلى ضجة دبلوماسية، خاصة بعد البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية، الذي وصف استدعاءه بأنه جاء "لاعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل هامة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي".
واللافت أن ذلك البيان الذي وصف أداء السفير بأنه ضعيف تناقض مع عدد من التصريحات لدبلوماسيين في نيويورك عملوا معه، كما يتناقض مع أسباب اختياره في الدرجة الأولى.
وكان البعتي متقاعداً عندما تمّ استدعاؤه للعودة إلى العمل كسفير لتونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك لتوليها مقعدا في مجلس الأمن، وعيّن في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، إذ وصفه عدد من السفراء والدبلوماسيين في الأمم المتحدة، والذين عملوا معه، بأنه يتحلى بـ"مهنية عالية وتواضع وحنكة وخبرة ممتازة". وأصرّ عدد من الدبلوماسيين في مجلس الأمن آنذاك على أن الولايات لمتحدة كانت تمارس ضغوطا شديدة على جميع الدول حول مشروع قرار متعلق بفلسطين و"صفقة القرن" الأميركية التي تهدف لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.
وكما في إقالة البعتي، فقد أثارت إقالة قبطني استغرابا في أوساط عدد من الدبلوماسيين في مجلس الأمن.
وقال مصدرلدبلوماسي، رفض التعليق رسمياً على استدعاء قبطني: "لقد تفاجأنا لسماع الخبر، وخاصة أن هذا السفير الثاني الذي تتم إقالته في أقل من سنة. لا أدري ما هي الأسباب، ولكن قبل قرابة الشهرين فقط تمكنت تونس، بقيادة قبطني، من الحصول على إجماع مجلس الأمن لتبني قرار دولي حول كورونا صاغته بالاشتراك مع فرنسا بعد مشاورات استمرت لأشهر".
وعزا مصدر دبلوماسي آخر السبب وراء الإقالة إلى خلافات وصراعات سياسية داخلية لا علاقة لها مباشرة لها بالسفير وعمله في نيويورك.
وقال المصدر في الوقت ذاته: "هذا القرار المفاجئ الذي يأتي قبل قرابة الأسبوعين من افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد خمس أشهر من تعيينه، لا ينعكس جيدا على صورة تونس الدبلوماسية في مجلس الأمن، وخاصة أنها الآن دولة عضوة فيه، ومن المفترض أن تتولى رئاسته في يناير/ كانون الثاني المقبل. وهذا السفير الثاني الذي يتم استدعاؤه خلال ثمانية أشهر".
وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى مشروع قرار تونسي فرنسي حول جائحة كورونا في شهر يوليو/ تموز الأخير بعد مفاوضات مضنية حول نص القرار، بسبب خلافات بين كل من الولايات المتحدة والصين أخرّت تبني القرار نحو ثلاثة أشهر.
ودعم القرار مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، التي أطلقها وسط مارس/ آذار، والداعية لوقف إطلاق نار دولي، والتصدي لفيروس كورونا الجديد. كما كان ذلك أول قرار يصدر عن مجلس الأمن لمواجهة آثار جائحة كورونا، مما عنى أن المجلس يرى أن الجائحة تهدد الأمن والسلم الدوليين.
كما جاء اعتماد القرار بالإجماع، بعد خلافات صينية أميركية حول عدد من القضايا، لعل أبرزها منظمة الصحة العالمية. وعلى الرغم من أن نص القرار لا يذكر بالصريح المنظمة أو يشيد بمجهوداتها، إلا أنه يحيل إلى قرار آخر للجمعية العامة للأمم المتحدة وهو القرار 270/74، والذي يتحدث عن الدور الريادي لمنظمة الصحة العالمية وضرورة دعم مجهوداتها لمكافحة وباء كورونا.