تونس تتشدد في رقابتها على الأدوية

01 مايو 2019
هل يخضع هذا المختبر للمعايير المطلوبة؟ (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

في بعض الأحيان، تخالف شركات تُعنى بالصحة الشروط المطلوبة، بالتالي لا بدّ من معالجة الأمر سريعاً حفاظاً على سلامة الأفراد

سحبت وزارة الصحة التونسية أخيراً 55 نوعاً من الأدوية المطروحة في الأسواق، وذلك على أثر عملية رقابية نفّذتها مصالح الوزارة توصّلت من خلالها إلى وجود تضارب في المعطيات الفنية المتعلّقة بالتكافؤ الحيوي والصادرة عن هيئة أجنبية تعمل في البلاد. وقد اتخذت الوزارة قراراً بغلق الهيئة الأجنبية بعد أخذ رأي اللجنة الفنية التي انعقدت في بداية إبريل/ نيسان المنصرم، مع تعليق مؤقّت لرخص ترويج تلك الأدوية وسحبها من التداول. في المقابل، عملت الصيدلية المركزية على اتخاذ حلول كفيلة بتوفير أدوية مثيلة لتفادي أيّ اضطراب في السوق.




في بيان أصدرته وزارة الصحة في تونس، أوضحت أنّه "بعد التحقيق تمّ التفطن إلى عدم احترام الهيكل الأجنبي لجملة من المعايير الصحية وهو ما يحيل إلى عدم مصداقية المعطيات التي تمّ الإدلاء بها من قبل مخابر الأدوية المعنية قصد الحصول على رخص لترويج أدوية في تونس، وهو ما دفع سلطة الإشراف إلى المطالبة بسحب الأدوية من الصيدليات، فيما تمّ إصدار قرار غلق المخبر من قبل الوزارة". وشدّدت الوزارة في بيانها نفسه على ملاحقة كل الأطراف المتورّطة قضائياً وكل من يكشف عنه البحث في هذه القضية، فيما أكّدت وزيرة الصحة بالنيابة سنية بالشيخ أنّه لم يُسجَّل أيّ إشكال صحيّ بعد سحب 55 دواءً من الصيدليات".

من جهتها، أكّدت الصيدلية المركزية أنّ عملية التحقيق التي نُفّذت أثبتت مخالفة ذلك المختبر لكل الإجراءات المطابقة في تونس، الأمر الذي استوجب إقفاله، مشيرة إلى أنّ لا أضرار سلبية لتلك الأدوية على المرضى لكنّه لا بدّ لهم من مراجعة أطبائهم لاستبدالها بأخرى. وقد صدرت قائمة بتلك الأدوية تمّ نشرها في معظم وسائل الإعلام، لتنبيه المرضى حول ضرورة التوقّف عن استخدامها.

وتُعَدّ صناعة الدواء في تونس من أبرز القطاعات التي عرفت تطوّراً في خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وقد بلغ عدد الشركات 74 شركة تؤمّن أكثر من 80 ألف وظيفة. وتستورد تونس سنوياً أدوية بقيمة 260 مليون دولار أميركي عن طريق الصيدلية المركزية، في حين تبلغ قيمة الصادرات من الأدوية 30 مليون دولار. وتشرف وزارة الصحة على مراقبة تلك الأدوية وعلى منح رخص الترويج، علماً أنّ صناعة الأدوية في البلاد تنقسم ما بين صناعة أدوية ذات علامة تجارية وأخرى تغطّي 75 في المائة من الحاجة إلى الدواء. وتسعى تونس وفق وزارة الصحة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز صناعة الأدوية، خصوصاً بعد أزمة النقص الكبير التي تشهدها البلاد منذ العام الماضي، لا سيّما بسبب فوضى التزوّد بالأدوية المستوردة بواسطة المختبرات الأجنبية التي لم تحصل على مستحقاتها من الصيدلية المركزية.

في السياق، يقول الطبيب محمد لطفي المرايحي، المتخصص بالأمراض الرئوية، والذي أثار القضية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المختبر المشار إليه سبق وتلاعب بالمعايير الصحية للأدوية. والتحقيق تمّ سابقاً، في مارس/ آذار من عام 2018، لتكشف لجنة الرقابة آنذاك وجود خروقات عدّة، أبرزها أنّه من بين 31 مادة أساسية للتصنيع، لم يعلم المختبر إدارة الصيدلة والدواء إلا بخمس منها قبل استيرادها". يضيف لطفي المرايحي أنّ "ثمّة شبهات كذلك حول كيفية إدخال المواد الباقية. كذلك عمد المختبر إلى تغيير أحد مزوّديه من دون إعلام إدارة الصيدلة والأدوية، في حين أنّ ثمّة معطيات مجهولة متعلّقة بطريقة صناعة تلك الأدوية".

ويتابع أنّ "المختبر سبق وعقد صفقات من دون أيّ ضمانات حول سلامة الأدوية التي يوزّعها في تونس"، مشيراً إلى "ضرورة مراقبة كل مختبرات الأدوية في تونس ومدى احترامها للمعايير والشروط القانونية، والتحقّق من طرق تصنيعها للأدوية واحترامها لسلامة المواد المستخدمة، بالإضافة إلى مراقبة كل الأدوية المستورة وما تصدره مختبرات عالمية من تقارير حول أدوية معيّنة توزّع في دول العالم، من بينها تونس التي تستورد كميات كبيرة".




تجدر الإشارة إلى أنّه في خلال الأشهر الماضية، سُحِبت من السوق التونسي أدوية خاصة بارتفاع ضغط الدم، استناداً إلى بيانات وتحذيرات صادرة عن وكالة الأدوية الأوروبية بخصوص وجود شوائب في المادة الفعالة التي تُصنّع منها تلك الأدوية. وقد دعت وزارة الصحة على الأثر مرضى ضغط الدم للاتصال بأطبائهم واستشارتهم لاستبدال الأدوية المعنيّة بالمادة الملوّثة.