تونس: انطلاق الحملات الانتخابية.. والسبسي في مرمى النيران

ويحتدم السجال الانتخابي مع دعوة المحافظ السابق للمصرف المركزي، والمرشح الحالي للانتخابات، مصطفى كمال النابلي، السبسي، ليلة الأحد الماضي في برنامج تلفزيوني، إلى سحب ترشحه من الانتخابات الرئاسية والبقاء في "نداء تونس" للمحافظة على التوازن السياسي العام الذي نجح في إرسائه في البلاد، مشدداً على أن رئيس تونس المقبل ينبغي أن يكون مستقلاً وبعيداً عن الأحزاب.

ويواجه النابلي نفسه، سيلاً من الاتهامات بخصوص "التزكيات المضروبة"، بعد إعلان مجموعة من المواطنين، قرارها برفع شكوى ضد النابلي ومُرشح "الحركة الدستورية" للانتخابات الرئاسية عبد الرحيم الزواري، والمرشح فارس مبروك، والمرشح نورالدين حشاد، والمرشح صافي سعيد، من أجل شبهة "تدليس التزكيات والجريمة الانتخابية"، بعدما أدرجت أسماءهم كمزكين لهؤلاء في الانتخابات الرئاسية من دون علمهم.

وتكثفت نيران النابلي في اتجاه السبسي في الأيام الأخيرة، لا سيما بعد إعلان عدد من قياديّي "نداء تونس" دعمهم للنابلي، مما أدى إلى إقصائهم من الحزب، وبعدما ضمّن النابلي ملفّ ترشحه شهادة طبية، في إشارة إلى ما أُثير حول الجاهزية الصحيّة للسبسي، وهو ما ردّ عليه السبسي بقوة في محطات مختلفة.
ويتواصل الجدل، في ما يتعلق بشبهات "تزوير التزكيات"، إذ قال رئيس الحزب "التقدمي الشعبي" هشام حسني، في تصريح لافت، إنّه "سيطلب من المحكمة الإدارية تعليق الانتخابات الرئاسية إلى حين البتّ في الطعون المقدّمة في مسألة التزكيات". ويتزامن هذا التصريح بعدما وجد ثلاثة أعضاء من حزبه في قائمات مزكيي مرشحين آخرين للانتخابات الرئاسية، مضيفاً أنّ حزبه قرر أيضاً مقاضاة الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم "الجبهة الشعبية" في المهدية، محمود ذويب، إنه قرر بدوره تقديم شكاوى إلى القضاء وأخرى إلى هيئة الانتخابات، بعدما وجد أنه من بين مزكيي محمد فريخة، عوضاً عن حمة الهمامى، وهو ما نفاه الفريخة الذي يواجه اتهامات أخرى من صحافيين فوجئوا بإدراج أسمائهم في قائمة مزكييه، معلنين عن نيتهم رفع قضية أمام أنظار العدالة.

من جهته، دعا حزب "تونس بيتنا" رئيس الحكومة مهدي جمعة، إلى اتخاذ قرار بوقف الحملة الانتخابية وتأجيلها إلى السنة المقبلة، على خلفية عمليات التزوير والتجاوزات التي شهدتها عمليات جمع التزكيات للمرشحين للانتخابات الرئاسية. لكنّ متابعين للشأن التونسي، يقللون من أهمية هذه الدعوات بوصفها "مجرد فرقعات إعلامية"، نظراً لحجم هذه الأحزاب المحدود وغياب تأثيرها نهائياً في الساحة السياسية التونسية، وعدم جديتها من ناحية أخرى.

وحدّدت المحكمة الإدارية، وفق ما أعلنه "حزب المجد"، اليوم الثلاثاء، موعداً لجلسة البتّ في طعن رئيس الحزب عبد الوهاب الهاني، ضد هيئة الانتخابات، بعد رفضها قبول طلب ترشحه للانتخابات الرئاسية.

في المقابل، لم ترحم النيران الصديقة "حركة النهضة"، مع إعلان رئيس "التيار الديمقراطي" والوزير السابق لـ"الترويكا" محمد عبو، أمس الاثنين، في لقاء إذاعي، أنّ "المشاركة مع حركة النهضة في السلطة بعد الانتخابات المقبلة، لن تُفضي إلى أي نتيجة؛ لأنها ستواصل التغوّل إذا تحصلت على عدد كبير من الأصوات". واعتبر أنّ "حركة النهضة" لم تُغير خطابها، ولم تراجع تجربة الترويكا"، لافتاً إلى أنّ "ما يوحي بتغيير خطابها ما هو إلّا ترضية لخصومها". واستبعد في الوقت ذاته، إمكانية تحالفه معها أو مع حزبه السابق "للمؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي كان واحداً من أبرز قيادييه قبل الانسلاخ عنه وتأسيس حزبه الجديد.

وعلى مستوى الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها نهاية الشهر الحالي، لم تمنع الأمطار الغزيرة، بدء الحملات الانتخابية في مختلف الدوائر، وإن كانت بنسق مختلف بين مدينة وأخرى. وشرعت مختلف الهيئات الجهوية للانتخابات في التثبّت من قانونيّة الحملات، ورصدت عديد المخالفات لأحزاب كثيرة لم تلتزم بأماكن تعليق القوائم الانتخابية، لا سيما في جندوبة والكاف والقصرين وسوسة وقفصة، وأصدرت تنبيها على رؤساء القوائم كلما تحددت المخالفة.

وتعهدت الهيئة العليا للانتخابات بمتابعة كل جهة تقف وراء تمزيق القوائم واللافتات الانتخابية، وتتبعها رسمياً. وسُجّلت أطراف مخالفة في قفصة جنوب تونس، عندما أرسل رئيس قائمة انتخابية مستقلة خطاب تهنئة بمناسبة العيد من خلال رسالة قصيرة على جوّال صحافية من إذاعة جهوية في المدينة نفسها، وهو ما اعتبرته الهيئة الجهوية مخالفة للقانون الانتخابي، وحررت محضر مخالفة في الموضوع.
وعلى الرغم من "بساطة" المخالفة، لكنّها تعكس في الوقت نفسه، استعداد ممثلي هيئة الانتخابات منذ اليوم الأول للتصدي لكل أنواع المخالفات، ومحاولة تنقية المناخ الانتخابي الذي أربكته أخبار الانتخابات الرئاسية وتداعياتها.