تونس: المركز العربي يتناول التوظيف السياسي وتعامل الأحزاب مع الحراك الاجتماعي
وقال الباحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عادل العياري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الثورة لا يمكن أن تخمد الاحتجاجات، فهي تعبر عن نفسها وتستقوي، ولكن إدارة ما بعد الثورة والانتفاض، وما بعد الأزمة، هي مرحلة وضع السياسات ووضع البرامج وتشريك السياسيين، والبحث عن مزيد النجاعة، وهو ما عجزت عنه الانتفاضات، وربما هناك حاجة للمزيد لتنجح في ذلك، لكن لا توجد برامج لإدراج مشاغل الشباب في أولويات الحكومات المتعاقبة".
وبيّن العياري أن "السياقات الانتقالية في البلدان العربية هي سياقات عنيفة، وتتغذى من الأزمات الاجتماعية. في مقابل ذلك، لم يتمكن الفاعلون السياسيون في الحكومات المتعاقبة من وضع برامج يمكن أن تخمد الاحتجاج، أو تحقق بعض الرضى"، معتبرا أن "كل المؤشرات تؤكد تراجع القدرات الشرائية والسلم الاجتماعي والقدرات التعبوية والتنموية، وتدفع الشباب قسرا إلى الهجرة والبحث عن مشروع حياة في فضاءات أخرى".
وأضاف الباحث ذاته أن "جزءاً كبيراً من عدم فعالية الحركات الاحتجاجية التي قادها حاملو الشهادات العليا هو التوظيف السياسي لبعض الأحزاب لهذا الحراك، إذ استفادت الأحزاب أكثر مما استفاد الحراك. وجزء من الأحزاب لا نراه، وبعضها أعادت هيكلتها وقدمت نفسها على أساس أنها تهتم بمشاكل هذه الفئة الاجتماعية والتحركات الاجتماعية".
واعتبر العياري أن "الوضع لا يزال مزرياً، وهذا التوظيف تزامن مع عجز الدولة والحكومات المتعاقبة التي أدارت الانتقال الديمقراطي في وضع حد لاتساع رقعة البطالة، وقد تبرز مستقبلاً نجاحات للحركات الاحتجاجية، ولكن كفئة اجتماعية فإن حاملي الدبلوم الجامعي محرومون من التمتع والاعتراف المجتمعي والسياسي بقدراتهم".
وقال الباحث التونسي كاظم دبيش، الذي قدم، اليوم الجمعة، مداخلة بعنوان "الدور المثير للجدل للجان حماية الثورة في مسار الانتقال الديمقراطي"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "لجان حماية الثورة"، التي تكونت في تونس في 14 يناير/ كانون الثاني 2011، خلفت الكثير من الجدل، وانقسمت آراء الأحزاب والطبقة السياسية حولها، لأن "هذه اللجان حاولت الخروج من دورها في حماية الأحياء إلى لعب دور أكبر، مستغلة حالة التصحر التي تركها نظام بن علي".
وأوضح دبيش أن "لجان حماية الثورة تعتبر ظاهرة فريدة ومركبة في تونس، إذ نشأت بصفة عفوية، وكانت تتميز عن باقي الحركات التي ظهرت في الوطن العربي وفي بلدان ما بعد الربيع العربي"، معتبرا أنها "تكونت من لجان لحماية الأحياء، ولعبت دوراً أساسياً في حماية الأحياء السكنية والمدن الصغيرة، وكان منشأها في البداية ضيقاً، ثم توسع نشاطها لاحقاً، إذ سعت إلى تغيير النظام ككل، وازداد سقف مطالبها وأهدافها لاقتناص الفرص السياسية، خاصة بعد فرار رئيس النظام، وبعد حدوث خلل في النخب السياسية".
وأشار إلى أن "نظام بن علي المغلق ترك تصحراً تاماً في تونس، ولم تكن هناك أحزاب قادرة على الإمساك بزمام الأمور، وهو ما حاولت لجان حماية الثورة العمل عليه".
وبيّن الباحث أن "تسمية روابط حماية الثورة تسمية خاطئة، لأن هناك رابطة واحدة وهي الرابطة الوطنية لحماية الثورة، والتي أسست فروعا لها في كامل الجهات إلى أن تم حلها من قبل القضاء في 26 مايو/ أيار 2014"، موضحا أن "هذه الروابط دفعت العملية الاحتجاجية في تونس، وكانت تقلق عناصر من النظام القديم، وعناصر من الفئات الحاكمة، وتثير الجدل بين الأحزاب والحساسيات السياسية".
وأكدت الباحثة التونسية سوسن غريبي، التي قدمت اليوم مداخلة بعنوان "الفعل الاحتجاجي في سياقات انتقالية حملة (مانيش مسامح)، دراسة حالة"، لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك الاجتماعي الجماعي هو فعل عقلاني ومخطط له، وله استراتيجات وليس اعتباطيا"، معتبرة أن "تعامل السلطة مع (مانيش مسامح) كان مختلفاً، إذ إن بعض الأحزاب السياسية شجعتها، في حين أن أحزاباً أخرى، وتحديداً الأحزاب الحاكمة كـ(النداء) و(النهضة)، كانت في حالة صراع معها، وواجهت الفاعلين في الحملة وتم اتهامهم".