تونس: السياسة لا تفسد للود قضية

23 اغسطس 2014
أهمية مشاركة المرزوقي تنبع من توقيتها (مارك ويلسون/Getty)
+ الخط -
أثار حضور الرئيس التونسي، منصف المرزوقي، حفل زواج ابنة المعارض الشيوعي، زعيم "الجبهة الشعبية"، حمة الهمامي، ردود فعل طريفة. وتفاعل تونسيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، مع الحدث بطريقة مرحبة بهذا "التقارب".

ولم يكن المرزوقي المسؤول السياسي الوحيد في الحفل، وإنما سجلت شخصيات سياسية عدة حضورها للتهنئة، ومن بينها رئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر. وكان المرزوقي قد حضر أيضاً عقد قران ابنة زعيم حركة "النهضة"، راشد الغنوشي، مع مجموعة من الشخصيات السياسية، من بينها رئيس حزب "المبادرة"، كمال مرجان.

ويريد المرزوقي من خلاله مشاركته في مناسبة عائلية تخص الهمامي، بعث مجموعة من الرسائل للتونسيين، عشية المنافسة على منصب الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وعضوية مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول، في انتخابات يبدو أنها ستكون ساخنة للغاية، أهمها أن هذه الشخصيات التي اجتمعت قبل الثورة معارضة لنظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، في "جبهة 18 أكتوبر" الشهيرة، تحافظ على علاقاتها الشخصية، وتميز بين الذاتي والموضوعي، والخاص والسياسي، لتقول إن التنافس أو الصراع السياسي لا ينبغي أن يؤدي إلى قطيعة اجتماعية وإنسانية.

ويعرف عدد من التونسيين أن الهمامي لم يترك فرصة تمر من دون توجيه سهام النقد إلى مؤسسة الرئاسة، لكن هذا لم يمنعه من توجيه دعوة للمرزوقي، الذي قبلها على الرغم من التوتر السياسي بينهما.

وينسحب الأمر نفسه على دلالات حضور عدد من الشخصيات المختلفة سياسياً لحفل زفاف ابنة الغنوشي، على الرغم من حالة الاحتقان التي شهدتها الساحة السياسية منذ سنة تقريباً، إذ جاءت الصور لتقدم صورة عن الممارسة الحضارية والإنسانية لتميز المشهد السياسي التونسي.

غير أن أهمية مشاركة المرزوقي في حفل ابنة حمة الهمامي، تنبع من توقيتها قبيل انطلاق الحملات الدعائية لأهم انتخابات تعرفها تونس في تاريخها، وتدعو التونسيين إلى المحافظة على علاقاتهم الإنسانية، بعيداً عن الاختلافات السياسية.

ولا تبدو الصورة غريبة إلى هذه الدرجة، إذا أُخذ في الحسبان أن القوى السياسية الفاعلة في المشهد التونسي اليوم، كانت قد تشاركت هماً مشركاً، وخاضت إضرابات جماعية عن الطعام، وتعايشت أطياف منها جنباً إلى جنب، ولكنها تفرقت بعد ذلك، ليلقي التنافس بظلاله على العلاقات، ولكن حدة هذه التنافس انخفضت كثيراً مع أجواء التوافق التي سادت الأشهر الأخيرة في البلاد.
المساهمون