وينتهي، اليوم الإثنين، تفويض مجلس الهيئة العليا للانتخابات للرئيس المستقيل محمد التليلي المنصري منذ 5 يوليو/تموز الفائت، بتصريف أعمال الهيئة وقتياً. كما ينقضي، اليوم أيضاً، الأجل الممنوح للبرلمان لانتخاب رئيس جديد وسط رفض من البرلمانيين لتولي مجلس هيئة الانتخابات انتخاب رئيس بالنيابة لتصريف الأعمال بما يكشف عن أزمة جديدة في الأفق.
وما زال البرلمان التونسي يتخبط في صراعات الكتل والأحزاب البرلمانية، عاجزاً عن تجديد الشغورات في مجلس هيئة الانتخابات في ثلاثة مناصب تعتبر قانوناً مستقيلة، في وقت عمد البرلمانيون إلى تأجيل جلسة انتخاب رئيس الهيئة الجديد إلى أجل غير معلوم بالرغم من انطلاق السنة الانتخابية.
وقال عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنور بن حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مجلس الهيئة اتخذ قراره باعتبار رئيس الهيئة المستقيل محمّد التليلي المنصري رئيساً بحالة تصريف أعمال إلى غاية اليوم، وفي حالة عدم انتخاب البرلمان رئيساً جديداً للهيئة بمرور هذا الموعد، سيتولى مجلس الهيئة انتخاب رئيس بالنيابة ويمنحه التفويض اللازم لممارسة صلاحياته إلى حين انتخاب رئيس للهيئة.
ولفت بن حسن إلى أنه لا يمكن اعتبار مهام تصريف الأعمال من بين صلاحية الآمر بالصرف المالي، مضيفاً أنه "لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي مع انطلاق السنة الانتخابية، إذ وجب الإعداد لهذا الحدث الكبير".
واتهمت كتلة "الجبهة الشعبية"، كتل "النداء" و"المشروع" و"الوطني الحر" و"الولاء للوطن" و"الائتلاف الوطني" بالعمل على تأجيل الانتخابات المقبلة بسبب رفضها انتخاب رئيس جديد رغم استيفاء جميع الشروط القانونية وبقاء مرشح وحيد للرئاسة وهو نبيل بفون، في وقت تدفع جميع الكتل ما عدا كتلة حزب "النهضة"، إلى إرجاء الحسم في رئاسة الهيئة.
وقال عضو لجنة فرز الترشيحات الخاصة بهيئة الانتخابات عن "الجبهة الشعبية" هيكل بلقاسم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن كتل "النداء" و"المشروع" و"الحر" و"الولاء للوطن" و"الديمقراطية" و"الائتلاف الوطني" تتمسك بخيار انتخاب ثلاثة أعضاء لتجديد مجلس الهيئة والسماح لهم بالترشح للرئاسة مع المرشح الوحيد المتبقي نبيل بفون، غير أن هذا الخيار قد يستغرق عملياً شهرين أو أكثر ستحسب من عمر الاستعدادات للانتخابات في وقت كان الاتفاق سابقاً على التصويت لانتخاب رئيس للهيئة وهما أمران منفصلان.
وحذّر بلقاسم من مغبة تعمد عرقلة هيئة الانتخابات التي تعيش صعوبات داخلية وخلافات عميقة بين أعضائها واتهامات متبادلة، مشدداً على أن "كل تأخير في تركيز الرئيس الجديد يزعزع استقرار مجلس الهيئة ويغذي الصراعات داخلها بسبب طموح بلوغ رئاستها، وهو ما سيؤثر بدوره على الخارطة الانتخابية وقد يكون علة وسبباً للأحزاب الحاكمة الراغبة في تأجيل المواعيد الانتخابية".
وبين بلقاسم أن "كتلة الجبهة الشعبية ستتصدى لأي محاولة لتأجيل الانتخابات تحت قبة البرلمان من خلال خلق فراغ في مجلسها أو تغذية الصراعات داخلها"، مؤكداً أن "هيئة الانتخابات هي المؤسسة الدستورية الوحيدة القائمة، وضربها ضرب للمسار الانتقالي الديمقراطي والتفاف على الثورة التونسية وأهدافها".
من جانب آخر، زارت وفود أجنبية مختلفة تونس وعبرت لقيادة البلاد عن خوفها وهاجسها من تأخير الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع عقدها خريف 2019، وكان وفد رفيع من الكونغرس الأميركي قد عبر صراحة الأسبوع الماضي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن قلق واشنطن حول مستقبل الانتقال السياسي في تونس، وهو الهاجس ذاته الذي كشفه رئيس فريق مراقبي الاتحاد الأوروبي للانتخابات البلدية ونائب رئيس البرلمان الأوروبي فابيو ماسيمو كاستالدو.
وعلى الرغم من إعلان السبسي صراحة في حوار صحافي تمسكه بمواعيد الانتخابات وحرصه على إجرائها في آجالها، إلا أن عدم استعداد الهيئة أو عجزها سيجعل التأجيل نتيجة حتمية لا مفر منها.