تونس: اعتداء "باردو" يضرب الاقتصاد العليل

20 مارس 2015
احتجاجات واسعة في تونس ضد العملية الإرهابية (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

أربكت العملية الإرهابية التي ضربت متحف باردو في العاصمة التونسية، يوم الأربعاء الماضي، المشهد الاقتصادي لتونس التي تعاني صعوبات، فيما سارعت وزارة المالية بتقدير حجم الخسائر المتوقعة بنحو 350 مليون دولار، بسبب انعكاساتها السلبية على عدة قطاعات أبرزها السياحة والاستثمار.

وتوقع محللون اقتصاديون أن تتسع دائرة التأثيرات السلبية، لتمتد إلى تخفيض التصنيف الائتماني لتونس وتراجع حماس المؤسسات المالية الدولية في تقديم التمويل لتونس، فضلاً عن مواجهة الحكومة صعوبات في إقناع المانحين، وخاصة صندوق النقد الدولي، بصرف القروض المتفق عليها في السابق.

وخلّف الهجوم الإرهابي على متحف باردو الوطني 23 قتيلاً، وعدداً كبيراً من المصابين.

وهذا أسوأ هجوم على مواقع سياحية تونسية خلال سنوات، ويضيف متاعب جديدة لصناعة السياحة، التي تجلب أفواجاً من السياح الأجانب سنوياً إلى شواطئ تونس على البحر المتوسط، وواحاتها الصحراوية، وآثارها الرومانية، والتي كانت قد بدأت للتو في التعافي بعد سنوات من الركود.

وقدّر وزير المالية، سليم شاكر، خسائر تونس بأكثر من 700 مليون دينار (350 مليون دولار)، متوقعاً أن تكون للعملية الإرهابية انعكاسات خطيرة على مستوى السياحة والاستثمار الأجنبي.

ووجّه رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، عقب هذه العملية، رسالة طمأنة للتونسيين والمستثمرين الأجانب قائلاً: "هذا العمل الإرهابي لن يمنعنا من الاستمرار في تعزيز الوجهة التونسية للسياح، وسوف نعمل على استرجاع مكانة تونس في أقرب وقت ممكن".

لكن مجموعتين إيطاليتين للرحلات البحرية الترفيهية، هما "كوستا كروازيير"، و"ام اس سي"، قررتا، أمس، إلغاء توقف سفنهما في تونس في كل رحلاتهما المقبلة، دون أن توضحا ما إذا كان ذلك لفترة معينة من الزمن.

وقالت وزيرة السياحة، سلمى اللومي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن خلية المتابعة التي تم تشكيلها تعمل على إيجاد حلول لتفادي أي تأثيرات للعملية الإرهابية على القطاع السياحي.

وأشارت إلى أنه سيتم دعم السياحة الداخلية والمغاربية إلى جانب القيام بحملات ترويجية لإقناع التونسيين المقيمين في الخارج بالعودة إلى تونس لقضاء العطلة الصيفية والمساهمة في تنشيط الاقتصاد.

اقرأ أيضاً:
اقتصاد تونس "العليل" يترقّب إنعاش السياحة والإنتاج

وينظر الاقتصاديون بحذر إلى تأثيرات هذه الضربة التي تزيد متاعب الاقتصاد العليل. وقال النائب البرلماني، نور الدين البحيري، عن حركة النهضة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن العملية الإرهابية التي استهدفت السياح الأجانب ستؤثر على "خبز التونسيين" وسيكون لها وقع كبير على القطاع السياحي.

وأكد البحيري على ضرورة إسراع البرلمان في إصدار النصوص القانونية ذات الصبغة الاقتصادية، لتقديم حوافز جديدة للمستثمرين وامتصاص الآثار المرتقبة لعملية المتحف على الاقتصاد التونسي والاستثمار الخارجي.

وقال الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، إن الضربات الإرهابية تبعث برسائل سلبية للمستثمرين والمقرضين، مشيراً إلى أن الشركاء الماليين لتونس، سواء المقرضين أو المستثمرين، يتأثرون عموماً بالوضعية الأمنية، لأنهم مدفوعون في الغالب إما بتحقيق أرباح عبر الاستثمار أو بضمان القروض التي قدموها.

وأضاف أن الحكومة قد تواجه صعوبات في إقناع المانحين، وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لتمكينها من القروض التي تم الاتفاق عليها لتمويل الموازنة، وسداد الديون التي

تحل آجالها في أبريل/ نيسان المقبل.

كما لم يستبعد الخبير الاقتصادي أن تؤثر العملية الإرهابية على التصنيف السيادي لتونس بتخفيضه، بعد أن أعلنت وكالة "موديز" العالمية أخيراً عن نيتها مراجعة تصنيف تونس إيجابياً في الفترة بين 2015 و2016.

وبدا القلق واضحاً على النائب البرلماني عن حركة نداء تونس، ناصر شويخ، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أنه بحكم إدارته لشركة دولية تلقى، منذ أول أمس، العديد من الإشعارات بإلغاء كل اللقاءات التي كانت ستجمعه خلال الأسابيع المقبلة مع شركائه من دول الأجنبية.
 
وقال شويخ إن هذا الوضع قد يستمر لأسابيع قبل أن تستعيد الأسواق التونسية ثقة المستثمرين الأجانب تدريجياً، وهو ما قد يؤثر حتماً على كل المؤشرات الاقتصادية للبلاد، التي تم على أساسها إعداد موازنة 2015.

وتستهدف الحكومة بلوغ نمو اقتصادي نسبته 7% في خمس سنوات، ضمن برنامج تنموي يمتد بين 2016 و2020. وحسب بيانات صندوق النقد، فإن الاقتصاد التونسي نما في 2014 بنسبة 2.8%، ويتوقع أن ترتفع النسبة إلى 3.7% العام الجاري.

وتعيش البلاد وضعاً اقتصادياً صعباً، إذ يرتفع معدل البطالة لدى حاملي الشهادات من الشباب إلى 31%، كما هوت الاستثمارات العام الماضي بنسبة 21% مقارنة بحجمها عام 2013، وزاد عجز الموازنة العامة مرتين ونصف المرة منذ عام 2010.

كما تواجه تونس ضغوطاً من مقرضيها لخفض الإنفاق العام، وإصلاح دعم أسعار الوقود والأغذية الأساسية، وهي مسألة ذات حساسية اجتماعية وسياسية.

وتعرضت البورصة التونسية لخسائر كبيرة في يوم العملية الإرهابية نفسه، حيث خسرت السوق قرابة 411 مليون دينار (205 ملايين دولار)، حسب الخبير في البورصة، فؤاد

بودبوس.

وأكد بودبوس، لـ"العربي الجديد"، أن ردة فعل السوق المالية كانت سريعة، حيث نزل مؤشر الأسعار بشكل حاد، مسجلاً تراجعاً بلغت نسبته 2.4%، وهي نتيجة لم تبلغها البورصة التونسية منذ سنوات بسبب خوف المتعاملين من المستقبل.

وأشار إلى أن السوق عادوت الصعود الحذر، أمس، ليسجل مؤشر الأسعار ارتفاعاً بنحو 1.43%، مستردّاً تقريباً نصف الخسارة التي جرى تسجيلها يوم الأربعاء.

وقال الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، في تصريحات صحافية، أمس، إن عملية متحف باردو تهدف لـ"ضرب الاقتصاد التونسي لمحاولة عرقلة التجربة الديمقراطية".


اقرأ أيضاً:
الإرهاب يضرب السياحة التونسية

المساهمون