تونس: إحياء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب ودعوات للمحاسبة

08 مايو 2019
لقاء الائتلاف الوطني لمناهضة التعذيب (العربي الجديد)
+ الخط -


أحيت تونس اليوم الأربعاء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب وسط مطالبات رفعتها منظمات وحقوقيون بوضع حد للتعذيب والإفلات من العقاب.

وقال رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، جمال مسلم، إن يوم 8 مايو هو يوم وطني لمناهضة التعذيب في تونس وللقوى المؤمنة بالحقوق والحريات، فالتعذيب كان قبل الثورة ممارسات ممنهجة لاقتلاع اعترافات، ولكن بعد الثورة انتهت الممارسات الممنهجة لكن لا تزال هناك اعتداءات على حقوق الإنسان وسوء معاملة.

وأضاف مسلم في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الائتلاف الوطني المكون من عديد المنظمات والجمعيات المشتغلة على حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب أصدرت تقريرا حول التعذيب لعامي 2018 و2019، لمناسبة اليوم الوطني لمناهضة التعذيب. وأشار إلى أن رابطة حقوق الإنسان منذ نشأتها اهتمت بالملفات المتعلقة بالتعذيب، ورافعت عن الضحايا، في سياق دعوتها للوقوف الجدي لمناهضة التعذيب، مبينا أن التبريرات على مستوى السلطات مهما كانت غير مقبولة، إذ لا يمكن اقتلاع الاعترافات تحت التعذيب.

وقال رضا البركاتي رئيس منظمة" شهيد الحرية نبيل بركاتي.. ذكرى ووفاء"، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الهدف اليوم هو أن يدخل تاريخ 8 مايو طورا جديدا من الحريات، وهو تاريخ وفاة الشهيد نبيل البركاتي في قعفور بسليانة شمال غرب تونس.

وأفاد بأنه بحضور مكونات من المجتمع المدني وحقوقيين إلى قعفور تأسست ذكرى الشهيد وتكونت لجنة لإحياء ذكراه، ثم تم إقرار يوم 8 مايو يوماً وطنياً لمناهضة التعذيب، وتكونت منظمة شهيد الحرية نبيل البركاتي. وقال: "نحن مستبشرون بانتهاء هذه الممارسات"، مؤكداً أن "تونس قطعت أشواطا هامة بتوقيعها على اتفاقية مناهضة التعذيب والقوانين التشريعية التي سنّتها، وإن الحقوق والحريات بعد الثورة مثلت مكسبا للتونسيين، ولكن لا يزال هناك عمل كبير يجب القيام به لوضع حد للاعتداءات المريبة".

وبيّن عضو المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أسامة بوعجيلة، أنه على قدر أهمية هذا اليوم الوطني إلا أنه لم يجد أهتماماً سياسياً كافياً، مبيناً أن تقرير التعذيب وسوء المعاملة الذي يمارسه أعوان إنفاذ القوانين أثناء الاحتجاز وفي التحقيق وخلال عمليات المطاردة والتي قد تنتهي بوفاة الضحية يدلّ على أن التعذيب لا يزال يمارس.

وقال العجيلي في تصريح لـ"العربي الجديد": "إن ضحايا التعذيب هم الشباب بين 18و35 عاماً، ومجموعات من الأحباء من الجمعيات الرياضية، مشيرا إلى أن الخطاب الرسمي حول التعذيب ظل محتشما وغامضاً، وعادة يتجنب الاعتراف بالتعذيب صراحة والاكتفاء بالحديث عن حالات معزولة.

ورأى أن الاعتداءات المتواصلة لا تزال مستمرة حتى اليوم، كما أن حالة الطوارئ وفقا لمرسوم 26 يناير/كانون الثاني 1987 لم تعد مقبولة، معتبراً أن هذه الحالة تفتح المجال لتطبيق العديد من الإجراءات التعسفية مثل الإقامة الجبرية والإجراء الحدودي أس 17 الذي يحد من الحريات دون حكم بالإدانة. وأكد استمرار التنديد بإجراءات الفحوص الطبية لإثبات الأفعال الجنسية مثل المثلية على غير رضا المتهم، مشيراً إلى تسجيل 120 قضية من هذا النوع، بحسب الائتلاف المدني للدفاع عن الحريات الفردية، مع عدم إمكانية الوصول إلى إحصائيات دقيقة.

وأوضح ان ظروف الاحتجاز في السجون التونسية لا تزال دون المعايير الدولية بسبب اكتظاظ السجون اذ بلغ عدد السجناء خلال شهر ديسمبر/كانون الأول العام المنقضي 22663 سجينا، في حين لا تتجاوز طاقة الاستيعاب في السجون 17762 سجيناً، وهذا يرجع إلى السياسة الزجرية المعتمدة حتى في الجرائم البسيطة وغياب عقوبات بديلة ما يفاقم ظاهرة اكتظاظ السجون. ولفت إلى تسجيل حالات وفاة في أماكن الاحتجاز لأسباب غير معروفة بعد الثورة لم توضح أو تحدد، وآخرها وفاة سجين في 10 إبريل 2019 في ظروف غامضة.

وبيّنت الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيين، روضة القرافي، أن القضاء يلعب دوراً هاماً في التصدي لظاهرة التعذيب وسوء المعاملة، وأن التعذيب كان ممنهجاً إضافة إلى الإفلات من العقاب في فترة الدكتاتورية، وكان كل من يطالب بحرية التعبير يضطهد.

وقالت لـ "العربي الجديد": "لا يوجد إرادة سياسية في المحاسبة ووضع حد لبعض الممارسات بعد الثورة، ولا نجد مآلات للقضايا المتعلقة بالتعذيب، وحين توفرت الإرادة السياسية لمقاومة الإرهاب وفرت الدولة سياسة جزائية تظهر في التتبع، ووضعت الإمكانيات اللازمة لذلك، ولكن في قضايا التعذيب نلاحظ غياب التخصص كما أن القضاة لم يتكونوا على التعاطي مع جرائم التعذيب.

وأشارت القرافي إلى أن الأعوان المتهمين بالتعذيب لا يحضرون جلسات المحاكمة عادة، ولا تحدث متابعة للقضايا ولا للأحكام القضائية، ولذلك لا يتضمن تقرير تونس حول التعذيب مآلات القضايا ويكاد يفتقر لأبسط المعطيات.

وقالت القرافي: "العدالة الانتقالية تواجه خطراً كبيراً بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لتطبيق المسار الانتقالي"، مبينة أن الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية والتي تعتبر مكسباً، واجهت عديد الصعوبات والإشكاليات، وهمش دورها وتعطلت في مناسبات عديدة، كما أن طرح مشروع قانون لإلغاء هذه الدوائر خطير، وإن لم تتح الفرصة لصدور الأحكام فلن تكون هناك عدالة وديمقراطية.