تونس... أقوى من الاٍرهاب

05 يناير 2016
تحدى التونسيون الخطر ليلة رأس السنة (محمد كريت/Getty)
+ الخط -
حبس التونسيون أنفاسهم خلال الأسبوعين الأخيرين من العام الماضي بسبب رفع حالة التأهب والحيطة في صفوف قوات الأمن والجيش، تحسباً من أعمال إرهابية بمناسبة المولديْن، الإسلامي والمسيحي. ازدحمت الشوارع والطرقات التونسية داخل وخارج المدن بحضور لافت جداً لقوات الأمن، خصوصا ليلة رأس السنة، ونزلت الحكومة بكل ثقلها إلى الفنادق والطرقات السيارة لتحفيز القوات المرابطة منذ أيام تحسباً من أي ضربة قد تقضي نهائياً على ما تبقى من روح في عالم السياحة الذي يتنفس بصعوبة، وقضى وزير الداخلية ليلته متنقلاً بين المدن، بسبب قرار التونسيين أيضاً أن يخرجوا من بيوتهم كما اعتادوا في السابق، للاحتفال بالعام الجديد.

وعلى الرغم من أن القرار جاء متأخراً نتيجة التردد والمخاوف من ضربة في المناطق السياحية، إلا أن الفنادق الهامة في عدد من المدن التونسية سجّلت نسبة حجوزات قياسية، وعكست إرادة الحياة والاحتفال وانتصارهما على الخوف الذي لم يعد أمراً خافياً، بدليل كل عمليات سبر الآراء التي تضع مقاومة الإرهاب في أولوية اهتمام التونسيين. غير أن الرسالة الأهم جاءت من جبل الشعانبي نفسه، حيث تتحصن المجموعات الإرهابية، وحيث قرر المثقفون والفنانون التونسيون أن يقضوا ليلتهم في رحابه على ارتفاع 800 قدم.

وعكست صورة إحدى النساء المشاركات وهي تقبل يد جندي تونسي مرابط هناك، قدرة التونسيين، بل التونسيات، على كسر حاجز الخوف، والانتصار للحياة. ورغم أن الأمر احتاج إلى ألف عسكري وعشرات الآليات وفق تأكيدات وزارة الدفاع، الا أن الرسالة الأهم وصلت إلى المجموعات التي تسعى لتغيير نمط عيش التونسيين، بلا جدوى. سيكون على تونس التي تستعد لحشد إمكانيات عسكرية وأمنية وقانونية جديدة في العام الجديد، أن تتولى تطوير مراقبة حدودها، وأن تنجح في حسم أمرها واستئصال الأورام في الداخل، قبل التصدي للآتي من الخارج، ولكن هذا يحتاج بالتأكيد إلى وحدة داخلية سياسية، هي غير متوفرة بالكامل بعد في الوقت الحالي.
دلالات