وأكدّ بيان المكتب التنفيذي لحركة "النهضة" على أن "تونس تحتاج إلى حكومة سياسية مستقرة ومحايدة منصرفة كليا إلى الإنقاذ السريع والإصلاحات الواردة في وثيقة قرطاج 2 دون تردّد"، مبينة أنها "مع كل دعوة إلى الحوار الوطني للبحث عن حلول معقولة سياسيا ومقبولة دستوريا في كنف الاحترام الكامل للمؤسسات".
وجددت الحركة، في بيانها الذي صدر عقب اجتماع مكتبها التنفيذي الأربعاء، تمسكها بـ"خيار التوافق واعتباره الإطار الأمثل للحوار حول كافة القضايا الوطنية"، مشيرة إلى "أهمية العمل المشترك مع الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية لتجاوز الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد".
ويأتي هذا البيان مباشرة بعد دعوة "نداء تونس" للرئيس الباجي قايد السبسي إلى "إحياء وثيقة قرطاج 2 وجمع رؤساء الأحزاب والمنظمات بصفةٍ عاجلة، لتنفيذ الإصلاحات الواردة فيها"، مجددة العودة إلى مربع التوافق والوحدة مع حركة "النهضة".
ويرى ملاحظون أن هذا التأكيد جاء بعد مراجعة "نداء تونس" لموقفه، عقب حديث لقيادييه عن انتهاء التوافق مع "النهضة"، قبل أن يعود الحديث مجددا عن أهمية التوافق والعودة إلى طاولة الحوار وإلى وثيقة قرطاج 2، ليأتي بيان مجلس شورى الحركة وتأكيدات رئيسها، راشد الغنوشي، على تحييد الشاهد وحكومته عن الانتخابات المقبلة.
ويبدو أن إعلان تكوين جبهة برلمانية من شأنها أن تخلق التوازن المطلوب في البرلمان، ساهم بدوره في مراجعة بعض المواقف وفي عودة الحديث عن أهمية التوافق بين الحزبين الكبيرين "النهضة" و"نداء تونس".
وقال الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة"، عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ المكتب التنفيذي للحركة ومجلس الشورى جددا تمسكهما بالتوافق، فـ"الحركة تعتبر أنه الخيار الاستراتيجي الأمثل منذ 2011، وأن أغلب المشكلات تم حلها عن طريق التوافق"، مشددا على أن "تونس لا تزال في حاجة إلى التوافق وإلى الشراكة السياسية بين الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية".
وقال الخميري إن التوافق مر بالعديد من الصعوبات، و"لكنه يبقى مهما لتجاوز العراقيل التي تشهدها هذه المرحلة، ولا بد من أن تكون تونس محمية بهذا الخيار الاستراتيجي لإيجاد حلول للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها تونس".
وأفاد الناطق الرسمي باسم "النهضة" بأنّ حزبه مع الاستقرار الحكومي، "وخاصة أن المصلحة الوطنية والظروف التي تمر بها تونس تدفع إلى البحث عن معالجات للوضع الراهن"، مبينا أن "هذه الحلول يجب أن يكون مدخلها اقتصاديا، وأنه حان الوقت لتنفيذها والعودة إلى ما ورد في وثيقة قرطاج 2"، مشيرا إلى أنّه "حتى وإن وجدت بعض النقائص فإنه يمكن العمل على تجاوزها".
ولفت الخميري إلى أن النقطة 64 في وثيقة قرطاج، والتي كان يدور حولها جدل، تضمنت أيضا توافقا في ما يتعلق ببعض النقاط، ومنها أن الحكومة يجب أن تبتعد عن التجاذبات والحسابات السياسية، وأن تنصرف إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مبينا أن هذا المقترح كان حوله اتفاق من قبل معظم الموقعين على الوثيقة.
وأوضح أن "حكومة الشاهد، سواء بقيت في الحكم أو غادرت، فإنه يجب على من يحكم أن ينكب على معالجة الوضع، وأن لا تشوش عليه أي أجندات أخرى كالانتخابات القادمة"، مبرزا أن "الاهتمام بالإصلاح سيوفر للحكومة حزاما سياسيا قويا"، وأن "حيادية الحكومة واهتمامها بالإصلاح والابتعاد عن التجاذبات السياسية سيعطيها حظوظا أوفر للنجاح ويجعلها تعمل في ظروف أفضل".
وبشأن التعديل الحكومي المرتقب، رد الخميري بأن "تونس لم يعد يسعها التردد، وإن كان رئيس الحكومة يرى ضرورة للتعديل، فإن عليه أن يمضي سريعا فيه، لأن الوقت حان ليستقر الوضع في تونس وللمضي في الإصلاحات المطلوبة".