وتأتي هذه القمة الموازية في ظل غياب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي أكد عدم المشاركة في فعاليات القمة الثلاثين المنعقدة في تونس. ولئن رجحت عديد المصادر الرسمية أن الظروف خارجة عن إرادة تونس، رغم أن السيسي كان إلى وقت قريب سيرأس وفد بلاده في القمة، قبل أن يعتذر عن عدم الحضور لأسباب خاصة؛ فإن مصادر أخرى لم تستبعد أن تكون المواضيع التي ناقشتها القمة الموازية هي السبب في غياب السيسي.
وناقش نشطاء حقوقيون في القمة الموازية الانتهاكات الحاصلة في مصر، منتقدين الإعدامات التي ينفّذها النظام، وغياب شروط المحاكمة العادلة، والقمع المتزايد ضد المصريين.
وقال الناشط الحقوقي وعضو مركز دعم التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، محمد عمران، إنّ القمة العربية تأتي في ظرف صعب، ولذلك قرر المجتمع المدني تنظيم قمة موازية، نظرًا للأوضاع السائدة في المنطقة العربية، وفي ظل تواصل الانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان، وقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول الجولان.
وقال إنّ الشعوب العربية تنتفض في الجزائر والسودان، والمجتمع المدني سيلعب دوره، وإن تسليط الضوء على مصر نظرًا لثقلها التاريخي، ولأنها قاطرة العالم، مبينًا أنه و"للأسف، منذ سنوات تشهد مصر واقعًا غير مسبوق في القمع والتعذيب والاعتداء على حرية التنظيم وسجن النشطاء واستغلال واقع مكافحة الإرهاب لاتهام النشطاء المصريين والإعلاميين، ما أدى إلى تراجع القيمة المعنوية لمصر كثيرًا".
وبين أن "النظام في مصر يسعى اليوم إلى تعديل الدستور من أجل عهدة غير محدودة، لضمان استمرار الأوضاع كما هي، ما يبعث على الإحباط واليأس"، مشيرًا إلى أن "عزيمة الشعوب لا تُقهر، ومثل هذه الأنظمة لن تستمر بمثل هذه الممارسات".
وقال المسؤول في منظمة الخط الأمامي الحقوقية الدولية، المصري المعتز الفجيري، إنّ المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر أسسوا تحالفًا ولكنه نال حظه من القمع، إذ يتعرض بدوره إلى حملة شرسة، مضيفًا أن "المنظومة الرئيسية التي يعتمدها السيسي هي القمع".
وبيّن أن دور المؤسسة العسكرية في مصر قديم، ويعود إلى الخمسينيات والسبعينيات، ولكن تحت نظام السيسي أصبح هناك توسع كبير في المنظومة التي شملت إعادة هيكلة وملكية وسائل الإعلام للقضاء على الوسائل المستقلة، والتحكم في عمل مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية، وتخوين أي منتقد لتبرير القتل والتحريض على العنف.
وأوضح أن "أبشع مظاهر القتل حصلت في يوليو/تموز 2013، بعد حملة انتقام شاملة ضد كل فعاليات المجتمع المدني والقوى السياسية، والتي انطلقت بمواجهة شرسة مع جماعة الإخوان المسلمين، ثم اتجهت إلى مختلف الفصائل السياسية والقوى المدنية من منظمات حقوقية ونقابات عمالية"، مضيفًا أن النظام اعتمد على سلسلة من التشريعات القمعية.
وقدّم الناشط من الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، شكري لطيف، مداخلة حول عقوبة الإعدام في مصر، أكد من خلالها أن الإعدام شكل من أشكال انتهاك حقوق الإنسان في مصر، مبينا أن "الإعدام ينتهك الحق في الحياة، وفوق ذلك انتهجت الحكومة المصرية سياسة تنفيذ الإعدامات لنشطاء في قضايا سياسية".
وبيّن أن أغلب المنظمات الدولية والمصرية العربية أجمعت على أنّ هذه المحاكمات تفتقر إلى شروط المحاكمة العادلة، وشكلت انتهاكًا للإجراءات القانونية والقضائية، خاصة أن هناك العديد من المحاكمات الجماعية، كما أن المحاكم العسكرية هي التي تقاضي المدنيين، مضيفًا أنّ "مصر، وإلى غاية اليوم، لم تصادق على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب".