واعتبرت الهيئة، في بيان صادر عنها، اليوم الخميس، أن "الحادثة شاذة لا يجب استغلالها لضرب ثقة التونسيين في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب"، مبرزة أنها تلقت، في 20 يوليو/ تموز الماضي، نسخة من شكاية قدمتها "المنظمة التونسية للأمن والمواطن" إلى وزير العدل، قبل إحالتها إلى المتفقد (المفتش) العام بوزارة العدل لإجراء الأبحاث في شأنها.
وأنهت التفقدية العامة أبحاثها بعد الاستماع للأطراف ذات العلاقة بالملف، بحيث اقترحت على وزير العدل إحالة القاضي المعني على مجلس التأديب بتهم "خرقه لواجب الحياد والنزاهة، وإتيان سلوك يتنافى وأخلاقيات القضاء، والزيغ عن شروط ممارسته"، كما طلبت منه الإذن بإجراء متابعات جزائية، "لأن الجرائم المرتكبة تندرج تحت القانون الجنائي ومجال حماية الطفل (لوجود قاصر في القضية)".
وكانت الهيئة قد طالبت، أيضاً، وزير العدل بـ"تعجيل إتمام الأبحاث بشأن القاضي، حتى يتم اتخاذ قرارات في ملفه".
وذكر البلاغ أن القاضي المتهم كان قد قدم استقالته في 21 يوليو/تموز الماضي، إلا أن الهيئة رفضتها، لتزامنها مع ورود الشكاية ضده، وانطلاق الأبحاث فيها.
وشدد رئيس "المرصد التونسي للقضاء"، أحمد الرحموني، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "القاضي ليس فوق المحاسبة، وأنه يجب تطبيق القانون، وأن تقع مساءلته، مع مراعاة حقه في الدفاع وفي محاكمة عادلة"، موضحاً أن "القضاة لا تقع محاسبتهم كمحاسبة الأشخاص العاديين عند خرقهم للقانون، وإنما يؤخذ بعين الاعتبار عند مساءلتهم خطورة مهامهم ووظائفهم، وشرف المهنة وأخلاقيات القضاء، التي هم ملزمون باتباعها والحفاظ عليها، ولأنهم مؤتمنون على تطبيق القانون واحترامه.
وأبرز الرحموني أنه "من حق المواطنين الاطلاع على تطورات هذه القضية، وهو ما استجابت له هيئة القضاء العدلي، بعد أن أعلنت في بيان للعموم عن حيثيات القضية، ساعية لأن تكون معالجتها على مرأى ومسمع سائر المتابعين، وبقدر من الشفافية".
واعتبر المتحدث ذاته أن "بلاغ الهيئة تكريس لاحترام القانون، وتأكيد على أن لا أحد فوق القانون، وأن من يخالف أخلاقيات القضاء سيتعرض للمساءلة، وهذا ما من شأنه أن يدعم ويعزز ثقة التونسيين في العدالة".
ولم تذكر الهيئة، التي أحدثها المجلس الوطني التأسيسي بهدف الإشراف على القضاء العدلي، وأسند لها صلاحيات تنظيمية في قطاع القضاء وأخرى تأديبية إلى حين إنشاء المجلس الأعلى للقضاء، أي تفاصيل حول فحوى القضية والملف، وذلك في إطار "واجب التحفظ"، مكتفياً باستعراض الإجراءات المتخذة ضد القاضي.
وكان رئيس "منظمة الأمن والمواطن"، عصام الدردوري، قد عقد ندوة صحافية، الثلاثاء الماضي، لعرض تفاصيل القضية، لكن وزارة الداخلية قررت منعها، قبل أن تعلن هيئة الدفاع، اليوم الخميس، عن صدور قرار يقضي بإيقافه من عمله في سلك الأمن.
وكشف مدونون على شبكة الأنترنت بعضاً من تفاصيل ملف القاضي المتهم، مؤكدين تورطه في علاقة غير شرعية مع قاصر في "قضية الإرهاب".