يبدو أن تحركات سوق النفط العالمية باتت تحكمها المؤامرات والاعتبارات السياسية، لا الاعتبارات الفنية والاقتصادية وقوى السوق وآليتا العرض والطلب فقط.
مؤامرات تحاك مرة بهدف ضرب الاقتصاد الروسي عقاباً لموقف موسكو من أزمة أوكرانيا المناوئ للغرب، وقبلها ضرب الاقتصاد الإيراني قبل إبرام القوى الست الكبرى الاتفاق النووي الأخير مع طهران، ومرة أخرى ضد شركات النفط الصخري الغربية لإفلاسها وإخراجها من مجال التنقيب والاستكشاف.
وهناك نماذج حديثة لمثل هذه المؤامرات، ففي الوقت الذي بدأت فيه أسعار النفط في التحسن التدريجي عقب إعلان روسيا استعدادها خفض الإنتاج قبل أيام، خرجت علينا بيانات غربية تقول إن الدول الكبرى في العالم، ومنها أميركا والصين، تُخَزِّن كميات ضخمة من النفط الخام في باطن الأرض أو في حاويات عائمة، بالإضافة إلى امتلاء مخازن الدول الثماني الصناعية، مثل ألمانيا واليابان وبريطانيا، بمئات الملايين من البراميل الأخرى.
وفي الوقت الذي بدأت فيه دول كبرى منتجة للنفط البحث أخيراً عن حلول لمعالجة أزمة تهاوي الأسعار المتواصلة منذ أكثر من 15 شهراً، قامت الولايات المتحدة بتسريب أرقام خطيرة، أمس، تقول إنها نجحت خلال السنوات الماضية في تخزين احتياطي استراتيجي ضخم من النفط الرخيص حجمه 700 مليون برميل وذلك في 60 كهفاً صخرياً ضخماً تم حفرها قبل 40 عاماً تحت سطح الأرض، وأنها أنفقت مليارات الدولارات لإقامتها.
وبالطبع إذا ما أضفنا إلى رقم المخزون الأميركي من النفط الخام رقماً آخر أعلنه الأمين العام لمنظمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك)، عبد الله البدري، أمس، يتعلق بوجود فائض في الإنتاج حجمه 200 مليون برميل، نصبح أمام كارثة حقيقية وهي زيادة المعروض من النفط في الأسواق الدولية، وبالتالي تأجيل عودة الأسعار لمعدلاتها في القريب العاجل.
التسريبات المتعلقة بالمخزون الأميركي والتصريحات الخاصة بوجود فائض ضخم في المعروض من النفط في الأسواق العالمية يدفعان لشيء واحد هو استمرار تهاوي الأسعار وعدم استعادتها عافيتها في المستقبل القريب وربما المتوسط، ويبدو أن بعض الدول المستفيدة من الوضع الحالي لأسعار النفط تسعى لإحباط اية محاولات لإعادة التوازن للسوق، بخاصة إذا ما جاءت هذه المحاولة من قبل روسيا، العدو التقليدي للغرب.
اللافت للنظر في هذه المسألة أن الشعوب العربية بات لا علاقة لها بما يحدث في سوق النفط الدولية، ففي الوقت الذي فقدت فيه أسعار النفط نحو 60% من قيمتها منذ منتصف العام 2014 نجد أن معظم الدول العربية ترفع أسعار المشتقات البترولية لديها بخاصة البنزين والسولار وتخفف الدعم الموجه للوقود.
الغرب هو أكبر المستفيدين من تهاوي أسعار النفط، والعرب سواء حكومات أو مستهلكين هم أكثر المتضررين.
اقرأ أيضاً: توتال تتوقع طلباً قوياً للغاية على النفط في 2015