وأضاف البيان الذي أصدره المخرجان طاهر علوان وعمّار العرادي مؤسسّا المهرجان، "عملنا بجهود ذاتية وتطوعية باعتبارنا مؤسسة غير حكومية (سينمائيون عراقيون بلا حدود) على إنجاح المهرجان ووثّقنا علاقاته بعشرات المهرجانات والمؤسسات والشركات والسينمائيين من جميع أنحاء العالم، كما عُرضت فيه أفلام من دول لم يكن أحد يتوقع أن تأتي شرائطها إلى بغداد".
التجاهل الرسمي قاد إلى شحّ التمويل وتضاؤل الميزانية، رغم دعوات المنظّمين لإيجاد شراكة مع وزارة الثقافة من أجل إدامة الفعالية لكن من دون طائل، حيث لفت علوان وعرادي إلى "أنّ الوزارة كانت تتحجج بعدم توفر الميزانية، لكنها عندما كانت تموج في بحر من الأموال إبّان مشاريع "بغداد عاصمة الثقافة"، أغدقت الملايين على عشرات المشاريع الفاشلة والوهمية وتلك التي تأتي في سياق الوجاهة والوساطات الشخصية".
في حديثه إلى "العربي الجديد" قال المخرج هادي ماهود إن "العراق يدار على أيدي من نصّبتهم أحزاب ذات ولاءات غير وطنية، فمن المؤكد أنها ستقف بالضدّ من كل توجه ثقافي وطني أصيل، وزارة الثقافة بلا ثقافة وما يرصد لها يسد فقط رواتب موظفيها الفائضين عن الحاجة ولا يحظى المنتج الإبداعي الثقافي العراقي بأي نصيب فمن الطبيعي أن لا تهتم الوزارة بمهرجانات السينما التي تنظم خارج دائرتها".
وأضاف "ليس مهماً بالنسبة إلى الحكومة أو وزارة الثقافة أو أمانة بغداد أن ينجح مهرجان سينمائي دولي يحمل اسم بغداد، أثبت وعلى مدى دورات عديدة نجاحه، كي يُقدّم له دعم، وعليه فإن مقاومة إدارة المهرجان وصمودها طوال السنوات الماضية سيضعف جراء هذا التجاهل والإهمال ليصل في النهاية إلى قرار إيقافه، قرار لا يثير أسفاً عند هذه الإدارات".
أما أستاذ الإخراج السينمائي طه الهاشمي، فأوضح لـ"العربي الجديد" أن سبب توقّف المهرجان "يعود إلى غياب الدعم المادي الحكومي في بلد لا يهتمّ بالثقافة، بل وينتشر الفساد في كل مواقع المسؤولية وهدفه الأساس إبقاء الشعب جاهلاً".
ولا يرى سبيلاً إلى الخروج من هذه الحالة المستعصية إلا ثورة جماهيرية، لن يكون فيها "دور للمثقف المدجن والمرعوب الذي يحرص على الثرثرة من دون فعل حقيقي، ويتم شراؤه بكافة المغريات".
الناقد والروائي عواد علي أشار لـ"العربي الجديد" إلى أنه "رغم أن الإعلان عن توقف المهرجان على أعتاب دورته التاسعة أمر محزن ومؤسف، فإنه لا يشكّل مفاجأةً في بلد مثل العراق الذي أصبح فيه الاهتمام بالثقافة في ذيل اهتمامات الحكومة، بل إنها محتقرةً في نظر الظلاميين والفاسدين الممسكين بمقدرات العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 حتى الآن".
وتابع "ليس هذا أول مهرجان يتوقف أو يؤجل، بل سبقته مهرجانات مسرحية، مثل "مهرجان بغداد الدولي للمسرح" الذي كان يفترض أن تقيمه وزارة الثقافة في الشهر الجاري، و"مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي" الذي أقيمت دورته الأولى عام 2012، ومهرجانات تشكيلية وتلفزيونية عديدة".
"إن اللوم الأكبر في توقف هذا المهرجان المهم يقع أولاً على وزارة الثقافة التي تجاهلته وامتنعت عن دعمه ومساندته بحجة ضعف ميزانيتها"، بحسب علي الذي يؤكّد أنه "من المعيب جداً أنّ أيّاً من وزراء الثقافة لم يحضر افتتاح أو اختتام أي دورة من دوراته، ولم يكلّف نفسه التعرّف إليه، وتأتي بعد ذلك شركات القطاع الخاص والمصارف التي تلهث وراء الربح فقط، دون أن تعير أي اهتمام للفعاليات الثقافية، في حين أنها تدعم، طوعاً أو إكراهاً، فعاليات تشجع على التخلف".