ووصلت حشود كثيفة إلى العاصمة قادمة من مناطق بومرداس وبرج منايل، فيما ينتظر وصول حشود أخرى قادمة من ولايات تيزي وزو والبويرة، للتظاهر والمطالبة برحيل النظام وترحيل رموزه التي لا تزال في السلطة، ومن أبرزها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي.
وتجمع الآلاف مبكراً وسط العاصمة، وبشكل غير مسبوق، في شارع ديدوش مراد وساحة أودان وقرب البريد المركزي، رافعين الأعلام الوطنية وصور شهداء ثورة التحرير وشعارات تطالب برحيل النظام وتندد بمواقف قائد الجيش المتمسك ببن صالح وبدوي، وكذا لافتات تعلن رفض الحراك لمقترح الحوار عبر هيئة شخصيات مستقلة.
وقال الناشط، عبد الغني بادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تظاهرات اليوم هي للاحتفال بعيد الاستقلال عن الاستعمار الغاشم، ولكنها أيضا تظاهرات من أجل إنهاء الاستغلال السياسي للشعب ومقدرات البلاد من قبل النظام".
وحث الناشطون الجزائريون المواطنين على النزول للشوارع خاصة بعد صلاة الجمعة. وقال عبد الوكيل بلام لـ"العربي الجديد"، إنّ الحراك الشعبي سيجدد نفسه اليوم، وسيثبت للسلطة أنها لن تستطيع المراهنة على الإنهاك والتقسيم لإنهاء الحراك الشعبي"، لافتاً إلى أن "وصول آلاف المتظاهرين صباح اليوم قادمين من ولايات قريبة مشياً على الأقدام هو رسالة واضحة للسلطة بأن الحل الوحيد هو الاستجابة للمطالب الشعبية".
وتذكر هذه المشاهد بالمسيرة التاريخية التي نظمها الأمازيغ في يونيو/حزيران 2001، حيث زحفوا إلى العاصمة للمطالبة بالحقوق الثقافية ومحاسبة المتورطين في قتل 165 من الشباب خلال الربيع الأسود في تلك الفترة.
في المقابل، أرسلت السلطات ثلاث حوامات تابعة لجهاز الشرطة مزودة بكاميرات، لمراقبة الحشود القادمة إلى العاصمة.
ونشرت السلطات الجزائرية أعداداً كبيرة من قوات الشرطة في وسط العاصمة والشوارع الرئيسة، لمراقبة التظاهرات.
وتراجعت السلطات عن تدابير أمنية مشددة كانت قد اتخذتها الأربعاء الماضي، وأصدرت تعليمات إلى قوات الأمن بعدم التعرض إلى المتظاهرين، تجنباً لتحويل اليوم التاريخي، عيد الاستقلال، إلى يوم للصدامات بين الشرطة والمتظاهرين، لكنها أبقت على الحواجز الأمنية في مداخل العاصمة، خاصة المداخل الشرقية التي تربطها مع منطقة القبائل.
وكان رؤساء 15 حزباً سياسياً وهيئات مدنية قد دعوا الجزائريين إلى النزول جماعياً إلى الشوارع في العاصمة والمدن الجزائرية للتظاهر وتجديد المطالبة برحيل النظام.
كما دعا "التكتل الديمقراطي"، الذي يضم رابطة حقوقية وسبعة أحزاب سياسية، أبرزها "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" إلى التظاهر اليوم أيضاً من أجل المطالبة بإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين"، بينهم أمين عام حزب "العمال"، لويزة حنون، والقيادي الثوري لخضر بورقعة، بالإضافة إلى 17 شاباً اعتقلوا بتهمة رفع الراية الأمازيغية.
وكان قائد الجيش الجزائري الفريق، أحمد قايد صالح، قد أعلن قبل أسبوعين، إصدار تعليمات إلى الأمن بمنع رفع أية راية في التظاهرات الشعبية ما عدا الراية الوطنية، ما أثار جدلاً بشأن الراية الأمازيغية التي تمثل بالنسبة لهم هوية ثقافية.
وتنظم قوى المعارضة السياسية، غداً السبت، مؤتمرا حاسما، تشارك فيه مجموع القوى السياسية والمدنية المعارضة والنقابات والشخصيات المستقلة وناشطون من الحراك الشعبي، لصياغة أرضية سياسية وتحديد موقف من مسألة الحوار غير المباشر مع السلطة عبر فريق الشخصيات الوطنية.