توسيع ميناء العريش قد يهجر المئات على غرار المطار

30 أكتوبر 2018
تجاهلت الحكومة الاعتراضات على مخطط حرم الميناء (فرانس برس)
+ الخط -
يخشى أهل شمال سيناء من أن يكون مخطط تنفيذ مشروع حرم ميناء العريش البحري المغلق، عنواناً جديداً لتهجير دفعات أخرى من سكان محافظة شمال سيناء، بعدما أفضى توسيع حرم مطار العريش المغلق أيضاً، إلى تهجير مئات السكان، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية، وهذا ما سيتكرر في حال نفذ مشروع حرم ميناء العريش خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في ظل عدم الالتفات إلى معارضة سكان المدينة. وأحدث نشر الجهات الحكومية بعض التفاصيل عن المشروع الجديد الهادف إلى توسيع حرم الميناء، لتصبح مساحته أكبر خلال الفترة المقبلة على اعتبار أنه جزء من خطة التنمية الحكومية لسيناء، رغم أن الميناء مغلق منذ بداية العام الحالي، فيما أغلق أبوابه لفترات زمنية متفاوتة منذ الانقلاب صيف العام 2013 بسبب العمليات العسكرية التي ما زالت مستمرة في غالبية مناطق محافظة شمال سيناء، ضجة في أوساط المواطنين، خصوصاً القاطنين في منطقة عمليات المخطط الجديد.

وقال زهدي الجمال، أحد سكان منطقة الريسة التي سيجري توسيع الميناء على حساب أراضيها، لـ"العربي الجديد"، إن المخطط يشير إلى هدم عشرات الوحدات السكنية، المتمثلة بالشاليهات والفلل، وكذلك تجريف أراضٍ زراعية تحيط بمنطقة حرم الميناء، رغم امتلاك أصحاب هذه الممتلكات أوراقاً رسمية من مجلس مدينة العريش، يسمح لهم بالبناء والسكن فيها منذ أكثر من 30 سنة. وتساءل: كيف تصبح هذه المناطق جزءاً من حرم الميناء بمجرد قرار حكومي بعيد عن مصالح المواطنين القاطنين في تلك المنطقة؟ وقال "هذا اعتداء واضح على حقوق المواطنين الصامدين في منازلهم رغم كل الظروف الأمنية والمعيشية الصعبة التي يحيونها منذ خمس سنوات". وأضاف الجمال أن "مصير سكان منطقة حرم مطار العريش بات يمثل شبحاً يراودنا في كل وقت، في ظل تجاهل الحكومة المصرية والهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة لكل طلبات الاعتراض على مخطط حرم الميناء. وهذا ما جرى أيضاً إبان مشروع حرم المطار"، مشيراً إلى أن "الجهود المبذولة من قبل كل الأطراف في الوقت الحالي دون المتوقع، وبالتالي يبدو أننا سنصبح أمام حقيقة تنفيذ هذا المشروع في القريب العاجل، دون الالتفات إلى مصالح مئات المواطنين الذين يشكلون جزءاً مهماً من مدينة العريش". وأكد أنه بإمكان الجهات المعنية تقليل خسائر المواطنين، والتخفيف عن نفسها عناء التعويضات المادية، في حال صدق الحديث عن ذلك، من خلال تحريك نقاط تنفيذ المشروع من الحد الشرقي والغربي، وإبعادها عن المناطق السكنية، وبذلك ستقلل من كمية المنازل المهدمة، ويقتصر الأمر على تجريف الأراضي التي يمكن تعويض سكانها بأراضٍ أخرى على شاطئ محافظة شمال سيناء، إلا أنه في الوقت نفسه يمكن تخفيف كل الضرر الداهم على هذه المنطقة من خلال نقل منطقة الميناء إلى نقطة أخرى على شاطئ سيناء الممتد لمسافات طويلة من رفح حتى قناة السويس.

ويعتبر ميناء العريش أحد الموانئ المصرية التابعة للهيئة العامة لموانئ بورسعيد، ويقع على ساحل البحر المتوسط. وتأسس الميناء في العام 1996، بعد صدور قرار بتحويل ميناء العريش من ميناء صيد إلى ميناء تجاري، إذ قامت الهيئة العامة لميناء بورسعيد بإعداد الميناء لاستقبال السفن التجارية. ويوجد في الميناء، الذي يقع على الساحل الشمالي للعريش، رصيف بطول 242 متراً يستخدم للسفن التجارية بغاطس من 7 إلى 8 أمتار، ورصيف آخر بطول 122 متراً يستخدم للعائمات الصغيرة بعمق 3 إلى 4 أمتار. وكذلك توجد ساحات تخزينية مغطاة وغير مغطاة. وتتلخص أنشطة الميناء في تصدير خامات سيناء التعدينية إلى دول البحر المتوسط والبحر الأسود، واستقبال سفن الصيد الصغيرة والبضائع.

وفي تفاصيل المشروع الجديد، أكد محافظ شمال سيناء، اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، أن تطوير ميناء العريش البحري ورفع كفاءته يهدفان إلى جعله يضاهي الموانئ البحرية الأخرى على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو يعتبر أمراً ضرورياً يصب في مصلحة المحافظة ومصلحة مواطنيها وأبنائها. واعتبر أن ذلك سيوفر العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مضيفاً أنه ليس من المعقول أن تقع مدينة العريش على ساحل البحر المتوسط بطول 220 كيلومتراً وليس فيها ميناء بحري كبير يتم من خلاله تنشيط حركة الاستيراد والتصدير وفتح آفاق جديدة للعمل داخل المحافظة، مشيراً إلى أنه سيتم تعويض جميع المتضررين جراء إقامة حرم للميناء بالتعويض المناسب الذي يلائم جميع الحالات. وأكد أن "التعويض سيكون اختيارياً حسب رغبة كل مواطن وحسب ملاءمة الظروف الخاصة به، فهناك تعويضات مادية ستكون مناسبة جداً وهناك تعويضات أخرى بتخصيص أراضٍ للبناء عليها أو مبان سكنية"، مشيراً إلى أنه "تمت مخاطبة التخطيط العمراني لتخصيص قطعة أرض كبيرة لتوزيعها على المواطنين المتضررين الراغبين في تملّك أراض للبناء عليها، وأن العمل من أجل مصلحة المواطن السيناوي سيكون على رأس أولوياته، وأنه ليس هناك أي تعارض بين المصلحة العليا للبلاد ومصلحة المواطنين".

وفي التعقيب على ذلك، قال مصدر حكومي بمجلس مدينة العريش، لـ"العربي الجديد"، إن "الجهات المختصة في تنفيذ هذا المشروع فوجئت برفض المواطنين له، بعدما توقعت مسارعتهم للمطالبة بالتعويضات للخروج من حدود مدينة العريش وظروفها الأمنية الصعبة. وبرغم كل الرفض والمعارضة، فإن المشروع سيستمر بصورته المعلنة حالياً، في ظل موافقة الجهات الأمنية على ذلك، بل تأييدها لإنشاء المشروع في هذه المنطقة، بغض النظر عن التأثيرات السلبية المنعكسة على سكان المنطقة، سواء بالتهجير القسري من منازلهم أو عدم وفاء الدولة بالتزاماتها في ملف التعويضات كما جرى مع فئات أخرى، كسكان منطقة حرم المطار، وسكان مدينة رفح الحدودية". وأضاف المصدر الحكومي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن حالة الرفض القائمة مزعجة لمكتب المحافظ الذي يدعم المخطط الجديد، وكذلك للجهات الأمنية المتابعة للملف، إلا أن تأثيرها سيبقى محدوداً، وقد تتجه إدارة المحافظة إلى تغيير شكلي في المخطط المنشور في حال وصلت مرحلة الرفض إلى نشاط شعبي كبير على أرض الواقع، بعد عقد وجهاء العريش عدة اجتماعات بهذا الخصوص، مشيراً إلى أنه كان بإمكان الدولة عدم الدخول في هذه الأزمة، من خلال إنشاء الميناء في منطقة أخرى بين مدينتي العريش وبئر العبد، بما يحفظ الحياة الكريمة للسكان في منازلهم، ويبعد عنهم تأثيرات إنشاء الميناء وبنائه، وكذلك تشغيله في مرحلة لاحقة.

المساهمون