توريث معاشات النواب يثير جدلاً بالمغرب: هدف انتخابي

05 مارس 2016
الأولوية حالياً لتحسين ظروف عيش المواطن (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

وقع سجال سياسي بين أحزاب الغالبية الحكومية والمعارضة في المغرب، على خلفية تقديم فريق حزب "الحركة الشعبية" مقترح قانون ينص على توريث معاشات البرلمانيين، داخل مجلس المستشارين، وهو الغرفة الثانية من البرلمان المغربي.

اقرأ أيضاًالمغرب: معركة التقاعد تنتقل إلى البرلمان

وينص مقترح الحزب المشارك في الحكومة على أن يُصرف معاش نيابي لكل نائب أو مستشار مباشرة بعد فقدان هذه الصفة، لعدم إعادة انتخابه أو عدم إتمام فترة تشريعية كاملة، شرط أن يؤدي طيلة مدة نيابته واجبات الاشتراك، وأن تتجاوز مدة انتدابه سنتين.

ويدعو مقترح القانون إلى صرف المعاشات للبرلمانيين، في حالة الوفاة، إلى "الزوجة الأرملة أو الزوجات الأرامل، أو الزوج الأرمل، والأيتام"، مطالباً بإدخال تعديلات جوهرية على القانون الخاص بإحداث نظام معاشات النواب.

ومقابل هذا القانون الخاص بتوريث معاشات البرلمانيين بالمغرب، انبرى حزب "الأصالة والمعاصرة" (المعارض)، للتصدي لتوريث المعاشات لأسر البرلمانيين، بدعوى أن هذه الأموال تعتبر أحد مظاهر الفساد و"الريع" الذي يتعيّن محاربته، واضعاً بدوره قانوناً ينص على إلغاء تقاعد البرلمانيين.

ورفض قيادي في حزب "الأصالة والمعاصرة"، فضّل عدم كشف نفسه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تخصيص معاشات لعمل البرلماني، الذي يمكن اعتباره تطوعياً، على حدّ تعبيره، واصفاً وظيفة البرلماني بأنها انتدابية وليست إدارية حتى يخصص له معاش تقاعدي، مبرزاً أنه في الوقت نفسه لا بأس في تخصيص تعويض يناسب مسار كل برلماني على حدة.

ويخشى مراقبون من أن يكون هذا التسابق حول موضوع معاشات البرلمانيين، بين من يدعو إلى الحفاظ عليها وعدم المساس بها، وبين من يطالب بإلغائها نهائياً، ومن يقترح توريثها لأسر ذوي الحقوق، مجرد "تسخينات" حزبية تسبق موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

ويرى هؤلاء أن نقاش معاشات البرلمانيين ليس في وقته، باعتبار أن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لتحسين ظروف عيش المواطن، وحماية قدرته الشرائية من ارتفاع الأسعار وتجميد الأجور، والاهتمام بالتقليل من الفوارق الهائلة بين أجور كبار الموظفين مقارنة مع صغارهم.

ويؤكد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الراشيدية، عثمان الزياني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن مسألة توريث معاشات البرلمانيين تنافي المنطق، وذلك لعدة اعتبارات سياسية ومنطقية.

أول هذه الاعتبارات، بحسب الزياني، أن "العمل البرلماني يعتبر انتداباً، وليس وظيفة مؤدى عنها، وبالتالي إمضاء برلماني ما لولاية واحدة وحصوله على المعاش أمر غير معقول، خصوصاً أن البرلمان يساهم بقسط مالي في توفير هذه المعاشات للبرلمانيين".

وثاني الاعتبارات، يوضح الزياني، أن "حجم الأداء الذي يقوم به البرلماني لا يرقى إلى المستوى المطلوب، ولا يكون في مستوى الرهان المجتمعي، وبالتالي منح البرلماني معاشاً مريحاً مقارنة بالتعويضات التي يتلقاها طيلة مدة انتدابه موضوع لا يمكن القبول به".

ولفت المتحدث إلى أن المطالبة بإلغاء معاشات البرلمانيين تأتي في سياق النقاش حول إصلاح أنظمة التقاعد بصفة عامة، وبالتالي من غير المعقول أن لا يشمل الإصلاح معاشات البرلمانيين في إطار مقاربة شاملة سواء من خلال إصلاحها أو إلغائها بصفة عامة.

وخلص الخبير السياسي إلى القول إن معاشات البرلمانيين عبارة عن ريع سياسي، بالنظر إلى حجم الأداء الذي يقدمه أعضاء البرلمان، والصورة النمطية السلبية التي تكوّنت لدى المواطن حول البرلمان بصفة عامة، وهذا ما يفسر حجم المطالبة الشعبية بإلغاء معاشات البرلمانيين، والتي تتوسع دائرتها يوما بعد يوم، على حدّ تعبيره.

اقرأ أيضاًرئيس الحكومة وزعيم المعارضة