للمسلّحين الموقوفين في الجزائر وجوه عدة وعائلات، كما هي حكاية علي إسماعيل، الذي انخرط في صفوف الجماعات المسلّحة منذ 22 عاماً. لا تقتصر المسألة على شخص الموقوف أو بيئته العائلية. ففي الوقت الذي كان يتحدث فيه على شاشة التلفزيون في الجزائر بعد توقيفه، سُمع صوت رضيعة لم يتجاوز عمرها السنة. طفلة وُلدت في الجبال بين المسلّحين، في بيت مهترئ، لم تجد حين أطلقت صرختها الأولى لعباً كما باقي أطفال العالم، لكنها وجدت بنادق الكلاشينكوف.
لم تكن الطفلة الوحيدة في هذا العالم الغريب، فقد سبقها إليه أربعة أخوة، أكبرهم شقيقتها (18 عاماً). ولدوا جميعهم في الجبال بين الجماعات المسلّحة. عاشوا بين الأحراش والغابات، من دون مدرسة ولا مستشفيات، ومن دون تسجيل في دوائر النفوس.
يعترف إسماعيل (41 عاماً)، أنه التحق بالمجموعات المسلّحة في منطقة جيجل شرقي الجزائر، آتياً من حي بلكور، وسط العاصمة الجزائرية، في نوفمبر/تشرين الثاني 1993. وكانت منطقة جيجل، المركز الرئيسي لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ" المنحلّ، الجناح العسكري لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المنحلّة.
بات إسماعيل ناشطاً في صفوف "الجيش الإسلامي"، وتزوج عام 1995 في ظروف خاصة، بعد سماح المجموعات المسلحة لعناصرها بالزواج، وقد أقاموا في مخيمات خاصة للمسلّحين المتزوجين، بينما كان بعضهم يترك عائلته في البلدات والقرى الريفية، ويتحيّن الفرصة لزيارتها من وقتٍ لآخر.
يروي إسماعيل كيفية اعتقاله مع عائلته في الجبل. يقول "خرجت من البيت وفي يدي سلاحي. وكنت متجهاً لحمل بعض الأغراض قبل أن يباغتني أفراد الجيش الذين قيدوني وجرّدوني من سلاحي. كانت ابنتي الكبرى معي. لحظة اعتقالي، طلبت منها الإتيان بوالدتها وإخوتها". يؤكد أنه لقي معاملة حسنة، مضيفاً "لم أكن أتصوّر أبداً أن يتم اعتقالي بهذه الطريقة، فأفراد الجيش عاملوني معاملة حسنة. حتى أن عائلتي كانت تعتقد أنه قد يكون مصيري مغايراً لما حصل". يعترف أنه "لم يكن يفكر في تسليم نفسه أو الاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية"، لافتاً إلى أنه سمع عن قانون المصالحة من دون أن تراوده فكرة تسليم نفسه أو الاستفادة منه. "أعرف أن البعض نزل من الجبل واستفاد من القانون".
يشعر إسماعيل بالندم، ويدعو رفاقه في السلاح إلى "التوبة والنزول من الجبال، وتسليم أسلحتهم والعودة إلى عائلاتهم والاندماج في المجتمع مجدداً. لا تفوّتوا على أنفسكم فرصة الاستفادة من العفو والمصالحة، وعليكم الاندماج في المجتمع مجدداً". ما يلفت الانتباه في حديث المسلّح الموقوف وعائلته، حسرته على ما ضاع من عمره وندمه على التحاقه بالمجموعات المسلحة. يقول إن ندمه الأكبر هو "تضييعه مستقبل أبنائه". لا ينظر اليوم إلى دمج أطفاله ودخولهم المدارس والعيش بأمان".
في السياق، يشير رئيس خلية المساعدة القضائية مروان عزي لـ "العربي الجديد" إلى أن "معضلة ما يعرف في الجزائر بأطفال الجبل، ما زالت بين الملفات العالقة التي لم تتم معالجتها". يؤكد أن "هناك أكثر من 500 حالة لأطفال ولدوا في الجبال في مراكز الجماعات المسلّحة".
يرى عزي أن "أصعب المشاكل المتعلّقة بوضعية أطفال الجبل هي تلك المتصلة بحالات أطفال قُتل آباؤهم خلال عمليات مكافحة الإرهاب، ما يجعل مهمة التثبت من هوياتهم ونسبهم من أجل تسجيلهم في سجلات الحالة المدنية مهمة شبه مستحيلة". يكشف أنه "تمّت تسوية وضع نحو 40 طفلاً، مع بقاء عدد كبير من الحالات غير المُعالجة، والتي تستدعي جملة من الإجراءات المشتركة بين وزارات التضامن والعدل والداخلية، بالإضافة إلى استخدام التحاليل العلمية لإثبات نسبهم وتسوية أوضاعهم ومنحهم هويات، وخصوصاً الأطفال الذين قُتل آباؤهم المسلّحون في الجبال".
700 طفل ولدوا في الجبال
أعلن المدير المكلف بالمؤسسات المختصة في وزارة التضامن الجزائرية الهاشمي نورين، أنّ "عدد أطفال الجبال بلغ 700، ولم يتم تسجيلهم، ولم يعرفوا المدرسة". وتكمن المعضلة الأكبر في أن الزيجات التي تمّت برضى النساء أو بالإكراه ليست مسجلة وغير مثبتة، ويتعيّن إثباتها لاحقاً عبر إجراءات قضائية.
لم تكن الطفلة الوحيدة في هذا العالم الغريب، فقد سبقها إليه أربعة أخوة، أكبرهم شقيقتها (18 عاماً). ولدوا جميعهم في الجبال بين الجماعات المسلّحة. عاشوا بين الأحراش والغابات، من دون مدرسة ولا مستشفيات، ومن دون تسجيل في دوائر النفوس.
يعترف إسماعيل (41 عاماً)، أنه التحق بالمجموعات المسلّحة في منطقة جيجل شرقي الجزائر، آتياً من حي بلكور، وسط العاصمة الجزائرية، في نوفمبر/تشرين الثاني 1993. وكانت منطقة جيجل، المركز الرئيسي لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ" المنحلّ، الجناح العسكري لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المنحلّة.
بات إسماعيل ناشطاً في صفوف "الجيش الإسلامي"، وتزوج عام 1995 في ظروف خاصة، بعد سماح المجموعات المسلحة لعناصرها بالزواج، وقد أقاموا في مخيمات خاصة للمسلّحين المتزوجين، بينما كان بعضهم يترك عائلته في البلدات والقرى الريفية، ويتحيّن الفرصة لزيارتها من وقتٍ لآخر.
يروي إسماعيل كيفية اعتقاله مع عائلته في الجبل. يقول "خرجت من البيت وفي يدي سلاحي. وكنت متجهاً لحمل بعض الأغراض قبل أن يباغتني أفراد الجيش الذين قيدوني وجرّدوني من سلاحي. كانت ابنتي الكبرى معي. لحظة اعتقالي، طلبت منها الإتيان بوالدتها وإخوتها". يؤكد أنه لقي معاملة حسنة، مضيفاً "لم أكن أتصوّر أبداً أن يتم اعتقالي بهذه الطريقة، فأفراد الجيش عاملوني معاملة حسنة. حتى أن عائلتي كانت تعتقد أنه قد يكون مصيري مغايراً لما حصل". يعترف أنه "لم يكن يفكر في تسليم نفسه أو الاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية"، لافتاً إلى أنه سمع عن قانون المصالحة من دون أن تراوده فكرة تسليم نفسه أو الاستفادة منه. "أعرف أن البعض نزل من الجبل واستفاد من القانون".
يشعر إسماعيل بالندم، ويدعو رفاقه في السلاح إلى "التوبة والنزول من الجبال، وتسليم أسلحتهم والعودة إلى عائلاتهم والاندماج في المجتمع مجدداً. لا تفوّتوا على أنفسكم فرصة الاستفادة من العفو والمصالحة، وعليكم الاندماج في المجتمع مجدداً". ما يلفت الانتباه في حديث المسلّح الموقوف وعائلته، حسرته على ما ضاع من عمره وندمه على التحاقه بالمجموعات المسلحة. يقول إن ندمه الأكبر هو "تضييعه مستقبل أبنائه". لا ينظر اليوم إلى دمج أطفاله ودخولهم المدارس والعيش بأمان".
في السياق، يشير رئيس خلية المساعدة القضائية مروان عزي لـ "العربي الجديد" إلى أن "معضلة ما يعرف في الجزائر بأطفال الجبل، ما زالت بين الملفات العالقة التي لم تتم معالجتها". يؤكد أن "هناك أكثر من 500 حالة لأطفال ولدوا في الجبال في مراكز الجماعات المسلّحة".
يرى عزي أن "أصعب المشاكل المتعلّقة بوضعية أطفال الجبل هي تلك المتصلة بحالات أطفال قُتل آباؤهم خلال عمليات مكافحة الإرهاب، ما يجعل مهمة التثبت من هوياتهم ونسبهم من أجل تسجيلهم في سجلات الحالة المدنية مهمة شبه مستحيلة". يكشف أنه "تمّت تسوية وضع نحو 40 طفلاً، مع بقاء عدد كبير من الحالات غير المُعالجة، والتي تستدعي جملة من الإجراءات المشتركة بين وزارات التضامن والعدل والداخلية، بالإضافة إلى استخدام التحاليل العلمية لإثبات نسبهم وتسوية أوضاعهم ومنحهم هويات، وخصوصاً الأطفال الذين قُتل آباؤهم المسلّحون في الجبال".
700 طفل ولدوا في الجبال
أعلن المدير المكلف بالمؤسسات المختصة في وزارة التضامن الجزائرية الهاشمي نورين، أنّ "عدد أطفال الجبال بلغ 700، ولم يتم تسجيلهم، ولم يعرفوا المدرسة". وتكمن المعضلة الأكبر في أن الزيجات التي تمّت برضى النساء أو بالإكراه ليست مسجلة وغير مثبتة، ويتعيّن إثباتها لاحقاً عبر إجراءات قضائية.