حراك ضد الغلاء.... تواصل مقاطعة منتجات بالمغرب وسط تصاعد مخاوف الشركات

29 ابريل 2018
المغاربة يعانون من ارتفاع الأسعار (Getty)
+ الخط -
مرت عشرة أيام على حملة مقاطعة منتجات في المغرب، ويلوّح مطلقوها بتوسيع دائرتها، في الوقت الذي تسود فيه حالة من القلق بين المنتجين والشركات، كما يتواصل موقف الحكومة الغامض تجاه هذه الحملة.
وأطلقت حملة المقاطعة، في العشرين من إبريل/نيسان الجاري، عبر صفحتين على "فيسبوك"، تحت شعار "المقاطعة ثقافة شعب"، حيث دعتا إلى مقاطعة منتجات لمدة شهر، من أجل حث الشركات على خفض الأسعار. واستهدفت الحملة، غير المسبوقة في تاريخ المغرب، مياه "سيدي علي" المعدنية، المملوكة لشركة أولماركوم، ووقود شركة "أفريقيا" العائدة لمجموعة "أكوا"، وحليب شركة "سنترال دانون".
واعتبر مطلقو الحملة، التي يؤخذ عليها استهداف ماركات بعينها، أنهم قصدوا بحملتهم ماركات رائدة في السوق في مجالها، من أجل إشعار المواطنين بحقوقهم، حيث قالوا إن الحملة ستمتد إلى منتجات أخرى.
ونشر مطلقو الحملة الكثير من الصور والفيديوهات التي يحاولون عبرها التأكيد على نجاح المقاطعة، حيث تشير إلى محطات وقود مهجورة، أو أصحاب محلات يرفضون تسلم حليب "سنترال ليتيير" ومياه "سيدي علي" المعدنية، غير أنه يصعب الوقوف على حقيقة ذلك، وإن لاحظت "العربي الجديد"، عبر استطلاع آراء بعض محلات البقالة أو محطات الوقود، تراجعا في الإقبال على منتجاتها.
ولم يكتف البعض بالحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر البعض نداء إلى تنظيم مسيرة في الدار البيضاء من أجل حماية جيوب المغاربة، وهو ما دفع العديد من الصفحات التي كانت وراء حملة المقاطعة إلى التبرؤ من تلك الدعوة.
ولم يتردد منتجو الحليب في التعبير عن شجبهم لحملة المقاطعة، فقد وصف رئيس الفيدرالية المهنية لمنتجي الحليب، ديديي لوبلان، من يقفون وراء الحملة بـ"بإرهابيي الإنترنت".
وتسود حالة من الترقب لدى شركتي "سيدي علي" و"أفريقيا" الرائدتين في قطاعيهما، فلم تعبّرا، حتى الآن، عن أي موقف رسمي من الحملة التي تستهدفهما.
واعتبرت إدارة المشتريات في شركة "سنترال دانون"، أن ضرب المنتجات التي توفرها الشركات المغربية، هو نوع من الخيانة للوطن، ما أثار ردود أفعال قوية لدى رواد وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رد أحدهم "لا أشرب حليب سنترال ليتيير منذ سنوات، فهل أنا خائن"، وعلق آخر "الخيانة العظمى هي أن تسرق المواطنين".
وأعلنت الفيدرالية المهنية المغربية لمنتجي الحليب، عن إطلاق حملة وطنية من أجل تشجيع المغاربة على استهلاك الحليب، حيث تجوب قافلة 23 مدينة، بين الرابع والعشرين من إبريل/نيسان الجاري والتاسع عشر من يوليو/تموز المقبل.



وتتوخى تلك الحملة إقناع المستهلكين بمنافع استهلاك منتجات الحليب، في سياق متسم بتراجع الاستهلاك المحلي وانخفاض الصادرات، التي لا تمثل سوى 6% من رقم معاملات القطاع.
وتفادت الحكومة في مجلسها الأسبوعي، يوم الخميس الماضي، الخوض في هذا الموضوع، فقد تجنب الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، بعد ذلك الاجتماع، التعبير عن موقف رسمي، حول حملة المقاطعة، حيث أكد أن الحكومة لم تتطرق إلى الموضوع، ما لا يتيح إعطاء موقف رسمي.
غير أن وزراء في الحكومة لم يبقوا بمنأى عن الخوض في النقاش الدائر حول المقاطعة، التي دعت إليها صفحات التواصل الاجتماعي، فقد كان وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، أول الذين انتقدوا المقاطعة.
وانضم وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، إلى المنددين بالحملة، عندما قال إن الحملة التي تأتي عبر الإنترنت لن تؤثر على نشاط منتجي الحليب، الذين يوفرون 474 ألف فرصة عمل، مشددا على أنه يجب على المغاربة أن يحمدوا الله، لأن القطاع يوفر 96% من احتياجات البلاد من تلك السلع، مؤكدا أن المغاربة سيستمرون في استهلاك الحليب.
واعتبر القيادي في حزب العدالة والتنمية، والذي يتولى وزارة التشغيل والإدماج الاجتماعي، محمد يتيم، أن حملة المقاطعة "تعكس نوعا من الحيوية الموجودة داخل أوساط الشعب المغربي"، مضيفا "ليس من حقي أن أحكم عليها ولا أن أكون معها أو ضدها. فهذا مجتمع يتفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها مجالا للتعبير الحر".
وعندما سئل حول الجهة التي تقف وراء الحملة، أجاب الوزير "أشهدكم بالله أنه لا علم لي بمن يقف وراء هذه الحملة"، معتبرا أن "مثل هذه الحملات التي تطلق عادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تحتاج، في غالب الأحيان، إلى جهة تقف خلفها".
واتُهم حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي بالوقوف وراء حملة المقاطعة، بل إن هناك من أشار إلى "الكتائب الإلكترونية"، الموالية لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، الذي يرى البعض أنه يريد تصفية حساباته مع خصومه، مثل وزير الفلاحة الحالي، عزيز أخنوش، التابعة شركة "إفريقيا" للوقود، لمجموعته "أكوا".
واعتبر رئيس جمعية "أنفاس"، منير بنصالح، أن حزب العدالة والتنمية يصفي حساباته السياسية مع خصومه السياسيين، عبر تحريك أتباعه للدعوة إلى المقاطعة.
ويرى أن الحزب عمد بحكم رئاسته للحكومة، إلى تحرير الأسعار ورفع الدعم ووضع القدرة الشرائية بين أيدي الكارتيلات والرأسمال، مشيرًا إلى أن سعر السولار كان في حدود 70 سنتا للتر عندما بلغ البرميل 130 دولارا، بينما قفز إلى أكثر من دولار واحد، بعدما وصل البرميل إلى 70 دولارا.
غير أن بنكيران، لم يتردد في التعبير عن استغرابه للاستعجال في اتهام حزب العدالة والتنمية، مؤكدا أن حملات المقاطعة الأخيرة مشبوهة وغير بريئة، معتبرا أنه لا توجد أية زيادة في الأسعار مؤخرا يمكن أن تبرر الاحتجاج، وإن كان يرى أنه يمكن تفهّم الاحتجاج على الزيادة في أسعار المحروقات.
المساهمون