توابع قضية طحن بائع السمك المغربي... فساد وتزوير

01 نوفمبر 2016
تظاهرات التضامن مع بائع السمك المطحون (تويتر)
+ الخط -
يعيش سكان مدينة الحسيمة، في أقصى الريف المغربي، على وقع الصدمة منذ مقتل بائع الأسماك الشاب، محسن فكري، ليلة الجمعة الماضية، حيث خرجت العديد من المسيرات والتظاهرات في أنحاء البلاد للتنديد بالواقعة.


وقرر قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، مساء اليوم الثلاثاء، إيداع ثمانية أشخاص رهن الاعتقال الاحتياطي، بينهم رجلا سلطة، ومندوب الصيد البحري، ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري، ورئيس مصلحة الطب البيطري، وثلاثة عمال بشركة النظافة، فيما قرر القاضي مواصلة التحقيق مع ثلاثة أشخاص آخرين في حالة سراح.

وعلقت اللجنة المنظمة للاحتجاجات في الحسيمة تنظيم الوقفات والمسيرات الاحتجاجية بشكل مؤقت، بضعة أيام، بسبب الإعياء الذي ظهر على المحتجين والمعتصمين في ساحة محمد السادس بالمدينة.

وأفادت اللجنة المشرفة على برمجة المسيرات الاحتجاجية أنه تقرر تعليق تنظيم أشكال الاحتجاج إلى يوم الجمعة المقبل، خاصة أن الاحتجاجات استمرت منذ يوم السبت إلى أمس الإثنين.

وطُحن بائع السمك في شاحنة للنفايات بعد أن حاول نجدة بضاعته التي صادرتها السلطات المحلية، ما أدى إلى غضب شعبي عارم خرج على إثرها آلاف المغاربة إلى الشوارع للاحتجاج ضد ما أسموه "الحكرة"، أي احتقار السلطة التعامل مع المواطنين.

وبحسب مصادر "العربي الجديد" في الحسيمة، تجاوزت قضية مقتل بائع السمك مسؤولية من ضغط زر الآلة إلى ملف "فساد وتزوير". وتقول مصادر مطلعة إن هناك تقصيراً وخللاً فادحاً في تطبيق القوانين الخاصة بالصيد، أسفرت بطريقة غير مباشرة عن مقتل بائع السمك.

ويؤكد منير الخلوفي، رئيس جمعية تجار الأسماك بالحسيمة، لـ"العربي الجديد"، أن أسماك "أبو سيف"، أو "إسبادان" كما تنطق بلغة أهل الريف القريبة من إسبانيا، ممنوع وطنيا صيدها، لأن الفترة الحالية فترة راحة بيولوجية، مما يطرح السؤال: مَن رخص بيع السمك للراحل وزملائه الثلاثة؟


ويتساءل بائع أسماك، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد": "من أين أتى هذا السمك المحظور إلى ميناء الحسيمة، وكيف قبل مسؤولو الصيد البحري بالإقليم رسو بواخر تحمل هذا النوع من السمك؟".

الغوص في خلفيات الواقعة طالب به أيضا الناشط في حركة 20 فبراير بالمنطقة، سمير أرزي، معتبرا أن مقتل بائع السمك يظهر ما سماه بالفساد الإداري، ورواج الرشوة والتزوير في أوراق رسمية من أجل بيع أسماك محظورة، تعتبر رأسمال صيادين وبائعين لا يجدون ما يقتاتون به.

ويبدو أن حادثة مقتل فكري تسير نحو الكشف عن شبكة متورطة في الفساد الإداري المرتبط بمجال الصيد البحري، بدليل قرار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، الذي حدد التهم الموجهة إلى رجلي سلطة، ومسؤولين في مندوبية الصيد البحري، والطب البيطري، متمثلة في "التزوير في محرر رسمي والمشاركة فيه".


وعلى صعيد ذي صلة، تجتاز عائلات ثلاثة عمال يشتغلون في شركة فرنسية تعنى بقطاع النظافة وجمع النفايات بمدينة الحسيمة، محنة اجتماعية بعد اعتقالهم منذ ليلة السبت الماضي، بعد مقتل بائع السمك، حيث تحتج أسر هؤلاء العمال أمام المحكمة مطالبين بإطلاق سراح أبنائهم.


وأكدت والدة أحد العمال الموقوفين، ضمن تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن ابنها بريء من مقتل بائع السمك، وأنه لم يكن ليلة الحادث متواجدا في المكان الذي توقفت فيه شاحنة النفايات، مطالبة السلطات بالبحث عن المتورطين الحقيقيين بدلا من أن تجعل من العمال أكباش فداء.


وفيما عاد الهدوء إلى شوارع العديد من مدن المغرب، التي عرفت مسيرات شعبية يوم الأحد الماضي، تعيش الحسيمة على مشاعر الغضب، التي لا تزال تعتمل في نفوس العديد من سكانها، خاصة الشباب، حيث تنظم بين الفينة والأخرى وقفات احتجاجية أمام المحكمة، أو أمام مقر الأمن، آخرها مسيرة للتلاميذ أمس الإثنين.