تهويد يافا... مشاريع صهيونية في الأحياء العربية

يافا

رامي صايغ

avata
رامي صايغ
27 أكتوبر 2016
F2AF36E3-287E-4C69-99C7-9C6EC942C2F5
+ الخط -
تتعدد المشاريع الصهيونية داخل الأحياء العربية في يافا. الهدف المخبّأ دائماً طمس المعالم الفلسطينية العريقة، وتهويد ما بقي من المدينة الساحلية التي كانت من أهم مدن فلسطين والعالم العربي قبل النكبة وقبل ضمّها إلى سلطة بلدية تل أبيب

مضى 68 عاماً على النكبة، وما زال أهالي يافا العرب الفلسطينيون يعانون الكثير من الصعوبات المعيشية. صعوبات تراكمت عبر السنين بسبب الإهمال المتعمّد من قبل مؤسسات الاحتلال المختلفة كبلدية تل أبيب يافا، التي ضمّت منطقة يافا لنفوذها عام 1950 ومنذ ذلك الحين لم يبق وجود رسمي لبلدية يافا وأصبح أهاليها جزءاً من سكّان بلدية الاحتلال، ووزارة الإسكان المسؤولة عن شركات الإسكان التي تعتبر الحارس على أملاك المهجّرين الفلسطينيين، أو الغائبين بحسب التعريف الصهيوني.

تفاقم أزمة السكن جزء من سياسة الاحتلال في "تطوير" المناطق المهملة لسنوات عديدة. لكنّ هذا التطوير ليس سوى "تطيير" لعرب يافا، وتهويد المدينة المستمر. على سبيل المثال، تحوّل حيّ العجمي إلى حي مليء بمبانٍ سكنية جديدة بيعت الأراضي التي شيّدت عليها في مناقصات رسمية نظمتها شركات الإسكان بالتعاون مع "مديرية أراضي إسرائيل" الوكيل الرسمي أملاك اللاجئين. وهي المديرية التي بدأت منذ عشر سنوات بيع هذه الأملاك بلا رادع، من دون اعتبار لجميع الاتفاقيات الملزمة.

في هذا الإطار، طالب أهالي يافا العرب بإيجاد حلّ جذري لهذه الأزمة، لكنّ سلطات الاحتلال المختلفة ما زالت تماطل، وفي بعض الأحيان تعد بلا تنفيذ، أو تتجاهل ببساطة الأزمة الخانقة، متحجّجة بالبيروقراطيّة كأنّها ليست صاحبة القرار.

في المقابل، يظهر مخطط جديد، وهو ترميم بيت مصطفى درويش القطان الذي تهجّر مع عائلته زمن النكبة عام 1948 واستولت بلدية تل أبيب على المبنى منذ ذلك الحين. وبحسب قانون استملاك الأراضي الذي جرى تشريعه في البرلمان الصهيوني عام 1952، حصلت البلدية على هذا المبنى بشكل "رسمي" لتؤسس فيه مدرسة عسكرية. فالترميم سيصبّ في مصلحة مؤسسة صهيونية- عسكريّة، هي "حركة الإصلاح اليهوديّة" التي تنوي الاستقرار في يافا، وبالتحديد في حيّ عربي مثل حي العجمي الصامد بهويته الفلسطينية بالرغم من التهويد المستمر طوال سنوات.

من جهتها، تقول الناشطة الاجتماعية فاطمة حليوى عصفور لـ"العربي الجديد" عن هذا المخطّط إنّه ليس المشروع الأول لجيش الاحتلال في يافا. فهناك أماكن أخرى تخضع لسطوة العسكر والتهويد مثل بيت آل الشيخ علي الذي تحوّل إلى محكمة عسكريّة منذ عشرات السنين، بالإضافة إلى تأسيس إذاعة الجيش الإسرائيلي في شارع الملك فيصل سابقاً. التهويد يتبين كذلك، من خلال زيادة المباني الصهيونية في أحياء يافا خصوصاً الأحياء ذات الأغلبية العربية، ومنها أحياء العجمي، والجبليّة، وتلّ العرقتنجي الهادئ الذي شهد قبل بضعة أشهر فقط مشروعاً استيطانياً جديداً لحركة توراتيّة متطرّفة استولت على بيت فلسطيني عريق.

تضيف حليوى عصفور أنّ المدرسة العسكريّة التي سينشئها الاحتلال في بيت القطّان هي خطوة جديدة لتهويد يافا، وليؤكد الاحتلال أنّ اليهود موجودون فيها، وأنّها لا تنتمي إلى الفلسطينيين العرب. تتوقع: "هو إذاً واحد من النضالات التي سيخوضها الفلسطينيون في يافا من أجل طرد الغزو التهويدي العسكريّ منها".

بحسب التقديرات، سيجري ترميم البيت المذكور في الفترة القريبة، بالإضافة إلى استغلال قطعة الأرض الملاصقة له، ما سيسهّل تسيير نشاطات هذه الجمعية، التي تدّعي أنها ستستقرّ في حي عربي من أجل التعايش مع المجتمع العربيّ الفلسطيني ومحاولة التقريب بين الطرفين من خلال فعاليات ونشاطات مختلفة ترتسم بروح التسامح. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الجمعية حاولت أخذ موافقة الناشطين السياسيين والاجتماعيين العرب في البلدة، لكن من دون جدوى. رفض الناشطون التعاون مع المشروع بصيغته الحالية واقترحوا أفكاراً تتعارض مع طموحات الجمعية. وأكد الناشطون أنّ هذا المشروع ليس له مكان في حيّ عربيّ صرف يفتقر إلى خدمات كثيرة وفي حاجة إلى تعزيز الوجود العربي وليس إضعافه من خلال مشروع لن يخدم إلا أعضاء الجمعيّة.

بدوره، يقول عضو المجلس المحلي السابق عن "قائمة يافا" سامي أبو شحادة لـ"العربي الجديد": "بالنسبة إلى مشاريع التهويد في مدينة يافا، فإنّ هذه القضيّة معقّدة جداً ومركّبة من عدّة عوامل منها طرد السكان العرب وتهجيرهم إلى الخارج عام 1948، أما من بقي في المدينة فأخرج من دائرة صنع وتنفيذ القرار وتخطيط المدينة. حالياً، تتولى بلدية تل أبيب يافا المسؤولية عن التخطيط في مدينة يافا ونحن العرب لسنا جزءاً من هذا التخطيط ولا يوجد لدينا تمثيل في هذه الدوائر على مستوى المهندسين أو مخططي المدن".

يضيف أبو شحادة: "عامل ثانٍ يعبر عنه عدم وجود تمثيل سياسي قوي للأقليّة الفلسطينية التي تسكن في مدينة يافا. عملياً، منذ عام 1950 وحتى عام 1993 لم يكن لدينا ممثّل في البلدية. ومنذ عام 1993 حتى اليوم فإنّ هناك مقعداً عربياَ واحداً في المجلس البلدي لتل أبيب يافا من أصل 31 مقعداً. حتى إنّنا أحياناً لا نحصل عليه".

يؤكد أنّ هذا النقص يمثل ظلماً تاريخياً لأهل المدينة العرب في كلّ ما يخص موضوع التخطيط والبناء وتنظيم المدينة منذ النكبة حتى اليوم. وهو وضع مستمر طالما أنّ السكان العرب خارج هذه الدوائر التي يشغلها أشخاص لا يأخذون بعين الاعتبار احتياجات العرب ومصالحهم، ولذلك من الصعب جداً توقع أيّ تغيير جدّي مستقبلاً.

في السياق نفسه، هدم الاحتلال مؤخراً مبنى تاريخياً كان ملكاً للراحل علي المستقيم مالك "سينما نبيل" المشهورة في حي النزهة العريق ما قبل النكبة. وهو ما يصبّ كالعادة في مصلحة المستثمرين اليهود الذين يبحثون عن كلّ قطعة أرض في يافا من أجل تهويدها وزيادة ربحهم السنوي من خلال بيع أو تأجير شقق سكنية في البلدة التي تجذب العديد من السكّان، بالإضافة إلى المستثمرين الذين يستغلّون سياسة الدولة العبرية في كلّ ما يتعلق بخصخصة العقارات التاريخية.

ذات صلة

الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
عماد أبو طعيمة لاعب فلسطيني استشهد في غزة 15/10/2024 (إكس)

رياضة

استشهد لاعب نادي اتحاد خانيونس، عماد أبو طعيمة (21 عاماً)، أفضل لاعب فلسطيني شاب في بطولة فلسطين للشباب 2022، وذلك في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة.

الصورة
تأثر بشار الشوبكي نجم منتخب فلسطين بتوقف الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أسفر توقف المنافسات الكروية المحلية على أرض فلسطين المحتلة، عن آثار متفاوتة، خصّت أكثر من ستة آلاف لاعب كرة قدم يمارسون اللعبة في البلاد مع فرقهم.

الصورة
نازحة فلسطينية رفقة أبنائها بخيمة برفح، 9 إبريل 2024 (الأناضول)

مجتمع

تُكابد أمهات نازحات في غزة معاناة مضاعفة لرعاية مواليدهن وسط ظروف معيشية واجتماعية واقتصادية قاسية تفتقر لأبسط الاحتياجات الضرورية، وسط مخاطر سوء التغذية