وتعود الحادثة إلى يوم السبت الماضي، إذ نفذ ضابط عراقي برتبة رائد كميناً مع قوة تابعة له قرب الحدود مع إيران في محافظة البصرة جنوبي العراق، واعتقل مجموعة أفراد متلبسين بمحاولة تهريب مادة الزئبق العراقي إلى إيران بينهم رجل دين يدعى كاظم عبد الله، ظهر في تسجيل مصور خلال عملية اعتقاله مع باقي أفراد المجموعة المتهمة بالتهريب والضابط يطلب منه خلع عمامته احتراما لمكانة العمامة قبل اعتقاله بتهمة تهريب الزئبق العراقي.
وهذا ليس الحادث الأول من نوعه، إذ سبق اعتقال عدد من الأشخاص الذين يرتدون ملابس رجال الدين وهم يحاولون تهريب مواد ممنوعة أو مخدرات بين العراق وإيران، إلا أن الحادث الأخير سجل تفاعلا شعبيا بعد تهديد الضابط وأفراد القوة المرافقة له بالقتل من قبل زعيم مليشيا جيش المختار واثق البطاط، وهي من الفصائل العراقية المسلحة المرتبطة بإيران، إذ ظهر في تسجيل يتوعد الضابط بقلع عينيه وتحويل رأسه إلى منفضة سجائر وسحله بالشارع هو والقوة التي شاركت في العملية وقتل أسرته وأسر من شارك بالقبض على الرجل ليكون عبرة لغيره من الضباط، بحسب ما ذكره البطاط.
وزارة الداخلية العراقية بدورها، أعلنت عن توقيف جميع أفراد القوة المتهمة بالإساءة إلى رجل دين معمم في البصرة، ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن بيان لوزارة الداخلية أنه تم استدعاء آمر القوة الرائد علي شايع والمنسوب إلى قسم المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة البصرة للاستفسار منه عن حيثيات عملية إلقاء القبض وما رافقها من تصوير وتشهير بشخص لم تثبت التهمة عليه بعد ولم ينتهِ التحقيق من إدانته. وإثر ذلك، صدر الأمر بتوقيف جميع أفراد المفرزة القابضة واستقدامهم إلى وزارة الداخلية، وتشكيل مجلس تحقيقي وزاري بمشاركة مكتب المفتش العام لكشف ملابسات القضية والمتورطين فيها وتقديمهم إلى القضاء.
Facebook Post |
وأثار القرار استياء العراقيين الذين أكدوا أن المعمم متورط في جرائم تهريب أخرى واسمه مسجل لدى جهاز الأمن الوطني في قضايا سابقة، لكنه مدعوم من قبل مليشيات مسلحة.
ووفقا لمصادر أمن عراقية في البصرة، فإن الكمين نفذ بناء على معلومات مسبقة بوجود عملية تهريب زئبق ومخدرات من تلك المجموعة التي تضم بين أفرادها شخصا يرتدي ملابس رجل دين، لوجود مكانة لرجل الدين تمنع تفتيشه أو إيقافه وتكرر تورطهم في عدة عمليات، لكن ضابط الأمن المكلف بالكمين وقع ضحية لضغوطات من مليشيات على وزارة الداخلية ببغداد لمعاقبته.
وأوضح زميل للضابط المعتقل حاليا لـ"العربي الجديد"، في اتصال هاتفي أن هناك تذمراً من باقي الضباط بسبب الإهانات التي وجهت لزميلهم من قبل جهات مليشياوية وتهديدات لأسرته دون أن يكون هناك تحرك من وزارة الداخلية وقائد الشرطة.
وتتوالى ردود فعل المواطنين حيال الحادثة. ورأى حيدر المحمداوي، أن واثق البطاط هدد الضابط الذي ألقى القبض على معمم في البصرة قائلا: "سنقلع عيونك من جمجمتك ونسوي راسك نفاظه مال جكاير وسنقتلكم أنتم وعوائلكم جميعاً. والمجاهدون سينفذون هذه الأوامر".
وأضاف: "هذا تهديد واضح ومصور وكامل لواثق البطاط وهو يهدد رجل دولة وعلى كتفه مرسوم جمهوري برتبة رائد، ننتظر الحكومة كيف ستتعامل مع هذا الرجل وفق القانون إن كان هناك قانون".
فيما قال الناشط علي الذبحاوي: "هذا الضابط الرائد (علي شايع سعيد) يعمل بمديرية مكافحة المخدرات بالبصرة، خرج بكمين بمعلومات من الأمن الوطني تفيد بأن هنالك شخصاً يتاجر بمادة الزئبق الأحمر الممنوعة دوليا والذي يدخل بالمتفجرات".
وتابع: "كل منتسب يقوم بمهمة خطرة خلال واجبه بهذا المستوى، يقوم باستخدام آلة التصوير لتوثيق الحدث لحماية نفسه خوفاً من هروب المتهم أو حصول أي أمر طارئ". المتهم المعمم الماثل في مقطع الفيديو الذي انتشر على موقع التواصل الاجتماعي (كاظم عبد الله طه) مطلوب قضائياً وصادر بحقه أمر قبض وتحرٍ (...) بدلاً من تكريم الضابط على دوره الوطني المسؤول، تشكلت لجنة تحقيق بحقه.
وأشار إلى أن عائلة الضابط الرائد علي وعناصر المفرزة التي خرجت بصحبته يناشدون رئيس الوزراء لحمايتهم من الخارجين عن القانون.
بدورها، قالت سارة علي: "واثق البطاط يهدد ضابط شرطة الرائد علي شياع ويقول ألا نسوي راسك نفاضة مال چكاير! بفضل هؤلاء القتلة أصبح العراق غابة وساحة لتصفية الحسابات".