نجحت بغداد وأربيل برعاية دولية في احتواء التصعيد العسكري الذي شهدته الأزمة بينهما يوم الخميس، عبر التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار بينهما، ليسود هدوء نسبي على الجبهات أمس الجمعة. إلا أن هذا الاتفاق لا يعني أن الأزمة قد انتهت، إذ أكد مسؤولون عراقيون أن بغداد لن تتراجع عن خطتها بنشر الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها، وخصوصاً منطقة فيشخابور ومعبرها الحدودي، وهو ما أكده رئيس الحكومة حيدر العبادي بإعلانه أن فريقاً فنياً مشتركاً بين القوات الاتحادية وقوات إقليم كردستان سيعمل على الأرض لنشر القوات العراقية الاتحادية في جميع المناطق المتنازع عليها.
وقال مسؤولون عراقيون في بغداد، إن اجتماعاً هو الأول من نوعه عُقد بين قيادات في الجيش العراقي وضباط في البشمركة، قرب بلدة مخمور ضمن محافظة نينوى شمال العراق، ظهر أمس الجمعة، تم خلاله التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار بين الطرفين، من دون التطرق إلى مصير المناطق التي ترغب بغداد بنشر قواتها فيها، ومن أبرزها مخمور وزمار وفيشخابور على الحدود مع تركيا، والسيطرة على المعبر الوحيد مع الجانب التركي.
وجرى الاجتماع برعاية ضباط أميركيين من التحالف الدولي، سبقته اتصالات لوزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، مع كل من رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، ورئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، وسط تسريبات من مكتب العبادي بأن الموافقة على وقف إطلاق النار رافقها رفض حكومي عراقي لطلبات توقف قوات الجيش عند حدود مخمور والإصرار على نشر قوات الجيش حتى آخر نقطة على الحدود مع تركيا، وكذلك في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة فيشخابور، والتي تقول بغداد إنها تُستخدم في نقل النفط السوري المهرب من جماعات مسلحة إلى تركيا عبر هذه المنطقة من خلال مافيات تهريب النفط وبمساعدة البشمركة.
وعلى الرغم من نفي التحالف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أمر العبادي، في بيان، "بإيقاف حركة القوات العسكرية لمدة 24 ساعة، لفسح المجال أمام فريق فني مشترك بين القوات الاتحادية وقوات الإقليم للعمل على الأرض لنشر القوات العراقية الاتحادية في جميع المناطق المتنازع عليها، وكذلك في فيشخابور والحدود الدولية فوراً، وذلك لمنع الصدام وإراقة الدماء بين أبناء الوطن الواحد". فيما نقلت وكالة "رويترز" عن متحدث باسم إقليم كردستان قوله إن وقف إطلاق النار بين البشمركة والقوات العراقية صامد، معلناً أن المساعي الدبلوماسية مستمرة لتحديد موعد لبدء محادثات عراقية كردية. وتعليقاً على هذا الاتفاق، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، "إننا سنرى لاحقاً في أي إطار تمّ هذا الاتفاق وما النتائج التي ستتمخّض عنه، لأننا معنيون بالطرف الذي سيكون في الجهة المقابلة من الحدود".
وساد الهدوء ساعات نهار أمس، الجمعة، باستثناء بعض الرشقات من مدافع الهاون تبادلتها القوات العراقية والبشمركة بين وقت وآخر. وقال مساعد آمر اللواء الرابع في الجيش العراقي، العقيد محمد الطائي، لـ"العربي الجديد"، إن قوات البشمركة استخدمت أمس الأول الخميس صواريخ موجّهة وقنابل ذكية في وقف تقدّم القوات العراقية في محور مخمور صعوداً إلى فيشخابور. وأضاف أن "قوات الجيش وفصائل الحشد التزمت بقرار وقف إطلاق النار، لكنها ردت على قذائف أطلقتها وحدات من البشمركة بمبدأ التعامل بالمثل"، مؤكداً أن "وقف إطلاق النار لم يتضمن انسحابنا من مواقعنا الحالية، إذ تحتشد القوات العراقية في قرية المحمودية وقرب بلدة فايدة ومناطق أخرى على أطراف مخمور".
وتبسط القوات العراقية حالياً السيطرة على أكثر من 85 في المائة من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة البشمركة في السنوات التي أعقبت اجتياح "داعش" للعراق عام 2014 بعد حملة عسكرية أطلقتها بغداد منتصف الشهر الحالي وأطلقت عليها اسم عملية "فرض القانون"، شملت كركوك ومناطق في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى. إلا أن القوات الكردية ترفض إخلاء مواقعها في مخمور وشيخان وزمار المحاذية لمدينة أربيل، فضلاً عن منطقة فيشخابور الحدودية مع دهوك والتي تربط العراق بالأراضي التركية. وبلغ مجموع القتلى والجرحى من الطرفين في المعارك المتقطعة التي شهدتها مناطق مخمور وزمار أكثر من 130 قتيلاً وجريحاً من كلا الطرفين وفقاً لمصادر طبية في أربيل والمستشفى الجمهوري الحكومي في مدينة الموصل، من بينهم قيادات بارزة في البشمركة وثلاثة ضباط من الجيش العراقي.
اقــرأ أيضاً
لكن مؤشرات عديدة تؤكد أن اتفاق وقف إطلاق النار لن يصمد طويلاً. وقال عضو في "التحالف الوطني" الحاكم في بغداد، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "وقف إطلاق النار مؤقت لمنح أربيل فرصة سحب قواتها خلف خط 36 أو ما يُعرف بالخط الأخضر (حدود الإقليم عام 2003)، وهي تذرعت أكثر من مرة بعدم منحها الوقت الكافي لسحب قواتها من تلك المناطق"، مؤكداً أن "ذلك لا يعني تراجع بغداد عن الخطة الحالية في نشر الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها". وأضاف أن "القوات العراقية باقية في مواقعها ومن المفترض أن تعمل أربيل على سحب قواتها، وعليها أن تعلم أن اتفاق وقف إطلاق النار ليس إلى ما لا نهاية"، معتبراً أن "الكرة الآن في ملعب أربيل وواشنطن التي رعت هذا الاتفاق، ويجب أن تسحب البشمركة قواتها أو على الأقل تفسح الطريق للقوات الاتحادية لممارسة صلاحياتها الدستورية".
من جهته، قال القيادي في "التحالف الكردستاني"، مجيد شواني، لـ"العربي الجديد"، إن "السماح بالسيطرة على مخمور وزمار يعني أن مليشيات الحشد صارت على أسوار أربيل ودهوك، وهذا ما لن نوافق عليه". وأضاف شواني أن "البشمركة في الوقت الحالي في موقف دفاعي وعملت على تحصين دفاعتها، ونأمل أن يتوقف الهجوم عليها من قبل القوات الاتحادية تجنباً للخسائر"، لافتاً إلى أن "المناطق التي تحاول بغداد الدخول إليها اليوم خاضعة للبشمركة من قبل عام 2003 وليس بعد دخول داعش للعراق، وحالياً تبذل واشنطن جهوداً في حل عقدة مخمور بشكل يجنّب اندلاع مزيد من المعارك".
في المقابل، قال القيادي في "التحالف الوطني" الحاكم في بغداد، جاسم محمد جعفر، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة العراقية رفضت طلبات خارجية من أطراف عدة بوقف تحركات الجيش، لكنها وافقت على وقف إطلاق النار لمنح فرصة للعقلاء من الطرف الآخر بتجنيب سقوط مزيد من القتلى في الاشتباكات". ووصف موقف الحكومة بـ"الصحيح، كونها تتحرك ضمن الدستور العراقي الذي صوّت عليه جميع العراقيين بمن فيهم الأكراد"، معتبراً أن "الدولة يجب أن تبسط نفوذها على كل مكان في العراق، وبالنسبة لحدود الإقليم فهي معروفة ومحددة وتواجدهم خارج الأراضي الخاصة بالإقليم هو في حد ذاته تجاوز على القانون والدستور"، مشدداً على أن "القوات العراقية ستصل للوجهات المحددة لها بشكل أو بآخر، وعلى البارزاني أن يفهم ذلك".
وفي مؤشر آخر على إمكان تصاعد الموقف، كشف مسؤول سياسي كردي في حزب "الاتحاد الكردستاني" في السليمانية، لـ"العربي الجديد"، عن أن عدداً من المساعدين الأمنيين للبارزاني، استقبلوا متطوعين أكراداً من ايران وسورية قالوا إنهم يرغبون بالدفاع عن الإقليم في حال فكرت بغداد بالاقتراب من أربيل ودهوك. ووفقاً للمسؤول، فإن الإقليم قد يستخدم ورقة المتطوعين الأكراد من إيران وسورية لتعزيز موقفه العسكري بعد التزام قوات البشمركة التابعة لحزب "الاتحاد" (جناح السليمانية) الحياد في القتال الدائر حالياً بين بغداد وأربيل على أكثر من محور، وهي رسالة في الوقت نفسه إلى إمكانية حدوث حراك مسلح جديد في تركيا أيضاً بدفع من أربيل. وشوهدت وحدات إضافية من البشمركة تتجه نحو جبل بعشيقة ومناطق في مخمور بعد ظهر أمس الجمعة.
اقــرأ أيضاً
وقال مسؤولون عراقيون في بغداد، إن اجتماعاً هو الأول من نوعه عُقد بين قيادات في الجيش العراقي وضباط في البشمركة، قرب بلدة مخمور ضمن محافظة نينوى شمال العراق، ظهر أمس الجمعة، تم خلاله التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار بين الطرفين، من دون التطرق إلى مصير المناطق التي ترغب بغداد بنشر قواتها فيها، ومن أبرزها مخمور وزمار وفيشخابور على الحدود مع تركيا، والسيطرة على المعبر الوحيد مع الجانب التركي.
وعلى الرغم من نفي التحالف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أمر العبادي، في بيان، "بإيقاف حركة القوات العسكرية لمدة 24 ساعة، لفسح المجال أمام فريق فني مشترك بين القوات الاتحادية وقوات الإقليم للعمل على الأرض لنشر القوات العراقية الاتحادية في جميع المناطق المتنازع عليها، وكذلك في فيشخابور والحدود الدولية فوراً، وذلك لمنع الصدام وإراقة الدماء بين أبناء الوطن الواحد". فيما نقلت وكالة "رويترز" عن متحدث باسم إقليم كردستان قوله إن وقف إطلاق النار بين البشمركة والقوات العراقية صامد، معلناً أن المساعي الدبلوماسية مستمرة لتحديد موعد لبدء محادثات عراقية كردية. وتعليقاً على هذا الاتفاق، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، "إننا سنرى لاحقاً في أي إطار تمّ هذا الاتفاق وما النتائج التي ستتمخّض عنه، لأننا معنيون بالطرف الذي سيكون في الجهة المقابلة من الحدود".
وساد الهدوء ساعات نهار أمس، الجمعة، باستثناء بعض الرشقات من مدافع الهاون تبادلتها القوات العراقية والبشمركة بين وقت وآخر. وقال مساعد آمر اللواء الرابع في الجيش العراقي، العقيد محمد الطائي، لـ"العربي الجديد"، إن قوات البشمركة استخدمت أمس الأول الخميس صواريخ موجّهة وقنابل ذكية في وقف تقدّم القوات العراقية في محور مخمور صعوداً إلى فيشخابور. وأضاف أن "قوات الجيش وفصائل الحشد التزمت بقرار وقف إطلاق النار، لكنها ردت على قذائف أطلقتها وحدات من البشمركة بمبدأ التعامل بالمثل"، مؤكداً أن "وقف إطلاق النار لم يتضمن انسحابنا من مواقعنا الحالية، إذ تحتشد القوات العراقية في قرية المحمودية وقرب بلدة فايدة ومناطق أخرى على أطراف مخمور".
وتبسط القوات العراقية حالياً السيطرة على أكثر من 85 في المائة من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة البشمركة في السنوات التي أعقبت اجتياح "داعش" للعراق عام 2014 بعد حملة عسكرية أطلقتها بغداد منتصف الشهر الحالي وأطلقت عليها اسم عملية "فرض القانون"، شملت كركوك ومناطق في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى. إلا أن القوات الكردية ترفض إخلاء مواقعها في مخمور وشيخان وزمار المحاذية لمدينة أربيل، فضلاً عن منطقة فيشخابور الحدودية مع دهوك والتي تربط العراق بالأراضي التركية. وبلغ مجموع القتلى والجرحى من الطرفين في المعارك المتقطعة التي شهدتها مناطق مخمور وزمار أكثر من 130 قتيلاً وجريحاً من كلا الطرفين وفقاً لمصادر طبية في أربيل والمستشفى الجمهوري الحكومي في مدينة الموصل، من بينهم قيادات بارزة في البشمركة وثلاثة ضباط من الجيش العراقي.
لكن مؤشرات عديدة تؤكد أن اتفاق وقف إطلاق النار لن يصمد طويلاً. وقال عضو في "التحالف الوطني" الحاكم في بغداد، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "وقف إطلاق النار مؤقت لمنح أربيل فرصة سحب قواتها خلف خط 36 أو ما يُعرف بالخط الأخضر (حدود الإقليم عام 2003)، وهي تذرعت أكثر من مرة بعدم منحها الوقت الكافي لسحب قواتها من تلك المناطق"، مؤكداً أن "ذلك لا يعني تراجع بغداد عن الخطة الحالية في نشر الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها". وأضاف أن "القوات العراقية باقية في مواقعها ومن المفترض أن تعمل أربيل على سحب قواتها، وعليها أن تعلم أن اتفاق وقف إطلاق النار ليس إلى ما لا نهاية"، معتبراً أن "الكرة الآن في ملعب أربيل وواشنطن التي رعت هذا الاتفاق، ويجب أن تسحب البشمركة قواتها أو على الأقل تفسح الطريق للقوات الاتحادية لممارسة صلاحياتها الدستورية".
من جهته، قال القيادي في "التحالف الكردستاني"، مجيد شواني، لـ"العربي الجديد"، إن "السماح بالسيطرة على مخمور وزمار يعني أن مليشيات الحشد صارت على أسوار أربيل ودهوك، وهذا ما لن نوافق عليه". وأضاف شواني أن "البشمركة في الوقت الحالي في موقف دفاعي وعملت على تحصين دفاعتها، ونأمل أن يتوقف الهجوم عليها من قبل القوات الاتحادية تجنباً للخسائر"، لافتاً إلى أن "المناطق التي تحاول بغداد الدخول إليها اليوم خاضعة للبشمركة من قبل عام 2003 وليس بعد دخول داعش للعراق، وحالياً تبذل واشنطن جهوداً في حل عقدة مخمور بشكل يجنّب اندلاع مزيد من المعارك".
في المقابل، قال القيادي في "التحالف الوطني" الحاكم في بغداد، جاسم محمد جعفر، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة العراقية رفضت طلبات خارجية من أطراف عدة بوقف تحركات الجيش، لكنها وافقت على وقف إطلاق النار لمنح فرصة للعقلاء من الطرف الآخر بتجنيب سقوط مزيد من القتلى في الاشتباكات". ووصف موقف الحكومة بـ"الصحيح، كونها تتحرك ضمن الدستور العراقي الذي صوّت عليه جميع العراقيين بمن فيهم الأكراد"، معتبراً أن "الدولة يجب أن تبسط نفوذها على كل مكان في العراق، وبالنسبة لحدود الإقليم فهي معروفة ومحددة وتواجدهم خارج الأراضي الخاصة بالإقليم هو في حد ذاته تجاوز على القانون والدستور"، مشدداً على أن "القوات العراقية ستصل للوجهات المحددة لها بشكل أو بآخر، وعلى البارزاني أن يفهم ذلك".