تعمل قنوات الإعلام الرسمي للنظام السوري على رصد عمليات التهجير القسري لأهالي الغوطة الشرقية عبر معبر حمورية، من خلال نشر فيديوهات على مدار اليوم، باستخدام تقنية البث المباشر عبر صفحاتها الرسمية على "فيسبوك"، وذلك بالتزامن مع عرض تلك الفيديوهات عبر قنواتها الفضائية، تحت مسمى "انتصر الجيش السوري على الإرهاب"، و"إنقاذ أهالي الغوطة الشرقية بعد حصار دام أربع سنوات".
ولم يكتفِ إعلام النظام السوري برصد تلك العملية، والتعامل معها كمناسبة وطنية تعبّر عن انتصاراته، وإنما حاول أن يفرض روايته الإعلامية، من خلال التحكم في ردّات فعل المهجّرين قسرياً أثناء تصويرهم، من دون مراعاة للظرف الإنساني الذي يمر به هؤلاء الأفراد، بعد قصف وحصار دام أعواما. وتبدو الصورة أكثر مأساوية وهزلية، مع إضافة أن هؤلاء الأفراد طلب منهم أن يؤدوا دور الولاء أمام الكاميرا بحضور كثيف من عناصر جيش النظام الذين كانوا يحاصرونهم ويقصفونهم بشكل يومي؛ فهذا اللقاء الموثق بكاميرات إعلام النظام السوري يمثل اللقاء الأول بين الضحية والجلاد، ويتوجب على الضحية أن تؤدي دور الولاء المطلق لجلادها، وتتخلص من مأساة القصف اليومي لتجتاز المعبر.
إلا أن الصورة التي أراد إعلام النظام أن يرسمها ضمن هذه المأساة الإنسانية، تم كسرها من خلال بعض الحوادث التي رصدتها الكاميرات عن غير قصد في معظم الأحيان، ومنها:
توزيع صور الطاغية على الضحايا
رصدت كاميرات إعلام النظام لقطات لبعض الناجين من حصار الغوطة، وهم يرفعون صور بشار الأسد، أثناء مرورهم من المعبر. إذ حاول إعلام النظام أن يعبر من خلال هذه الصورة "العفوية" عن مدى ولاء المدنيين المحاصرين للأسد. وليتبادر إلى أذهاننا السؤال: هل من الممكن أن يحتفظ هؤلاء بصور الأسد، خلال أربع سنوات من الحصار؟ فجاءت الإجابة من خلال صور التقطها شخص مجهول الهوية، قام فيها بتوثيق الطريقة التي يُرغِم فيها عناصر الجيش السوري ضحاياه على حمل صورة الأسد، قبل أن يوجههم باتجاه كاميرات الإعلام السوري.
السخرية من المأساة ومقارنات لا داعي لها
سأل المذيع النازحين: "قال إنتوا كنتوا معهم؟ عاجبكن وضعكن هيك!". والمذيع نفسه، المحاط بالعساكر والأسلحة، نوّه لهم عن حالهم قبل الثورة، و"لفضل الرئيس بشار الأسد والجيش العربي السوري بإنقاذهم من الجحيم!"، ثم بدأ النازحون اليائسون بنفي التهم الموجهة لهم، والحديث عن رفاهية حياتهم في حكم الأسد الأب والابن، بعبارات تكثر فيها هفوات اللسان، إذ شكر البعض الجيش الحر عوضاً عن الجيش السوري.
اقــرأ أيضاً
ضرب الأطفال خلال بث مباشر
سأل المذيع ربيع دبية رجلاً مسناً مجهول الهوية، نزل برفقة ابنته الصغيرة، عن مدى ولائه للمجموعات الإرهابية، فأجاب الرجل بالنفي، وبدأ بالتحدث عن مدى ولائه لبشار الأسد واعتباره أباً لأولاده، لتصرخ الفتاة الصغيرة بعفوية رافضة كلام أبيها الذي أرغم عليه، وتقول: "ما بدّي بشار يكون أبي"، ليسود الصمت للحظات، ويقوم العسكري الموجود في الكادر برفس الفتاة الصغيرة وضربها بعد ذلك، ويخرجها عنوةً من كادر التصوير، ليتابع الرجل المسن بجدية لا تخلو من الخوف: "لا بابا، بدّك تكوني بنته".
الكوميديا السوداء
استخدم بعض النازحين السخرية والشعر كحنكة للترميز إلى شعورهم المكبوت أثناء نزوحهم الأليم، إذ قام أحدهم بإلقاء أبيات من الشعر وصف فيها الطاغية بشار بشكل ساخر، فقال: "كما تكونوا يولّى عليكم... لو لم يكونوا ظُلّام ما ولّى عليهم هذا الحاكم المنظوم الأبضاي".
اقــرأ أيضاً
الافتعال والابتذال
لا يخلو البث المباشر من مقاطع تعبر عن مدى رحمة عناصر الجيش العربي السوري، وذلك من خلال حمل الأطفال والعجزة عبر المعبر وإيصالهم إلى بر الأمان، إضافةً إلى وجود مشاهد يصل "تمثيل الإنسانية" فيها إلى حد الكوميديا كتقديم الدخان والقهوة للمدنيين، في محاولة لتكذيب ما يشاع عبر قنوات الإعلام المعادية، بحسب تعبير المذيع ربيع دبية.
فالنظام السوري لم يكتفِ بارتكاب المجازر والحصار والتهجير القسري الذي مارسه على المدنيين، وإنما استخدم نزوحهم لتبييض صورته من خلال مسرحيات مبتذلة يقومون بأدائها أمام كاميرات إعلامه.
إلا أن الصورة التي أراد إعلام النظام أن يرسمها ضمن هذه المأساة الإنسانية، تم كسرها من خلال بعض الحوادث التي رصدتها الكاميرات عن غير قصد في معظم الأحيان، ومنها:
توزيع صور الطاغية على الضحايا
رصدت كاميرات إعلام النظام لقطات لبعض الناجين من حصار الغوطة، وهم يرفعون صور بشار الأسد، أثناء مرورهم من المعبر. إذ حاول إعلام النظام أن يعبر من خلال هذه الصورة "العفوية" عن مدى ولاء المدنيين المحاصرين للأسد. وليتبادر إلى أذهاننا السؤال: هل من الممكن أن يحتفظ هؤلاء بصور الأسد، خلال أربع سنوات من الحصار؟ فجاءت الإجابة من خلال صور التقطها شخص مجهول الهوية، قام فيها بتوثيق الطريقة التي يُرغِم فيها عناصر الجيش السوري ضحاياه على حمل صورة الأسد، قبل أن يوجههم باتجاه كاميرات الإعلام السوري.
Twitter Post
|
السخرية من المأساة ومقارنات لا داعي لها
سأل المذيع النازحين: "قال إنتوا كنتوا معهم؟ عاجبكن وضعكن هيك!". والمذيع نفسه، المحاط بالعساكر والأسلحة، نوّه لهم عن حالهم قبل الثورة، و"لفضل الرئيس بشار الأسد والجيش العربي السوري بإنقاذهم من الجحيم!"، ثم بدأ النازحون اليائسون بنفي التهم الموجهة لهم، والحديث عن رفاهية حياتهم في حكم الأسد الأب والابن، بعبارات تكثر فيها هفوات اللسان، إذ شكر البعض الجيش الحر عوضاً عن الجيش السوري.
Facebook Post |
ضرب الأطفال خلال بث مباشر
سأل المذيع ربيع دبية رجلاً مسناً مجهول الهوية، نزل برفقة ابنته الصغيرة، عن مدى ولائه للمجموعات الإرهابية، فأجاب الرجل بالنفي، وبدأ بالتحدث عن مدى ولائه لبشار الأسد واعتباره أباً لأولاده، لتصرخ الفتاة الصغيرة بعفوية رافضة كلام أبيها الذي أرغم عليه، وتقول: "ما بدّي بشار يكون أبي"، ليسود الصمت للحظات، ويقوم العسكري الموجود في الكادر برفس الفتاة الصغيرة وضربها بعد ذلك، ويخرجها عنوةً من كادر التصوير، ليتابع الرجل المسن بجدية لا تخلو من الخوف: "لا بابا، بدّك تكوني بنته".
الكوميديا السوداء
استخدم بعض النازحين السخرية والشعر كحنكة للترميز إلى شعورهم المكبوت أثناء نزوحهم الأليم، إذ قام أحدهم بإلقاء أبيات من الشعر وصف فيها الطاغية بشار بشكل ساخر، فقال: "كما تكونوا يولّى عليكم... لو لم يكونوا ظُلّام ما ولّى عليهم هذا الحاكم المنظوم الأبضاي".
Facebook Post |
الافتعال والابتذال
لا يخلو البث المباشر من مقاطع تعبر عن مدى رحمة عناصر الجيش العربي السوري، وذلك من خلال حمل الأطفال والعجزة عبر المعبر وإيصالهم إلى بر الأمان، إضافةً إلى وجود مشاهد يصل "تمثيل الإنسانية" فيها إلى حد الكوميديا كتقديم الدخان والقهوة للمدنيين، في محاولة لتكذيب ما يشاع عبر قنوات الإعلام المعادية، بحسب تعبير المذيع ربيع دبية.
فالنظام السوري لم يكتفِ بارتكاب المجازر والحصار والتهجير القسري الذي مارسه على المدنيين، وإنما استخدم نزوحهم لتبييض صورته من خلال مسرحيات مبتذلة يقومون بأدائها أمام كاميرات إعلامه.