تهجير أقباط العريش.. بين ضغوطات "داعش" و"السوشيال ميديا"

28 فبراير 2017
(كنيسة سانت أنتوني تستقل الأقباط المصريين، تصوير: إبراهيم رمضان)
+ الخط -


في سيّارات خاصّة و أتوبيسات تحمل عشرات الأفراد معًا، خرجت الأسر المسيحية من العريش سوّية خشية التربّص بها إذا سارت في مجموعات صغيرة، بعد أسابيع من التهديدات والاستهداف، انتهت بمقتل سبعة مواطنين برصاص الجماعات المسلحة "داعش" وحرق اثنين آخرين.

بحلول الساعات الأولى من فجر الجمعة 24 فبراير/ شباط الجاري، كانت تلك الواقعة، بمثابة "القطرة التي أفاضت الكأس"، وأذنت برحيل أقباط شمال سيناء منها، بعد ذبح فتاة مسيحية بالقرب من منزلها، تدعي "يوستينا كامل"، وذبح والدها قبلها بيوم بالسكين فوق سطح منزله.

لم تكن تلك هي الضحيّة الأولى، فخلال أيّام قتل مسلحون مواطنًا يُدعى سعد حكيم حنا ونجله مدحت بإضرام النيران فيهما.

صباح السبت 25 فبراير/شباط من العام الجاري، بدأت الكنيسة الأنجيلية بمحافظة الإسماعيلية باستقبال أول الأسر الوافدة من مدينة العريش هربًا مما حدث لهم، وطول ذلك اليوم لم يتوقّف الأهالي من التوافد على الكنيسة يحملون معهم ما تمكّنوا من جمعه، تاركين معظم متعلقاتهم ورائهم.


أوضاع مزرية
مينا ثابت، الباحث بملف الحريّات والأديان بالمفوضية المصرية للحقوق والحريّات، كان في استقبال الأهالي مع بداية توافدهم صباح يوم السبت، يروي أن الأهالي وصلوا في حالة من الذعر بعد آخر حادثة اعتداء تم فيها حرق الجثّة أمام والدة القتيل، معلقًا: "الوضع كان مزريًا".

مع بداية وصول الأهالي فتحت الكنيسة الإنجيلية أبوابها لاستقبالهم، لكن العدد كان في تزايد لم تعد الكنيسة كافية لهم، هكذا يوضح مينا لـ"جيل".

يشير مينا أن النزوح لم يكن لأقباط شمال سيناء فقط، ولكنه كان للشباب من كافة المحافظات بدءًا من العاصمة ووصولًا لمحافظات الصعيد لاستقبال الأهلي ومحاولة تقديم الدعم والمساعدة لهم.

الأمر بدأ بتوفير تبرّعات الإعاشة من الشباب، تمثّلت في بطاطين، وأدوية للمرضي خاصة في ظل وجود عدد من كبار السن بينهم، واحتياجات الأطفال المتواجدة معهم، وفي منتصف اليوم بدأ وصول مساعدات من أهالي المدينة متمثّلة في الأثاث المنزلي.

يضيف مينا أن الضغط الإعلامي في تلك الحادثة خاصة "السوشيال ميديا" مثّل جبهة ضغط كبيرة بوجود "كارثة"، وفي نهاية اليوم بدأ الاهتمام الحكومي والذي تمثل في اتصالات من الإدارة المحلية أولًا وفتح "بيت الشباب" الحكومي لباقي الأسر لتسكينهم.


تضامن شعبي
لم تتوقّف حركة الشباب على المساعدات العاجلة لكنّها امتدت لتوفير شقق سكنية لبعض الأسر وتزويدها بالاحتياجات الأساسية لهم، ففي منطقة تسمي "هدي شعراوي" تبرّع أحد المواطنين بخمس شقق سكنية للأهالي النازحة من العريش، ضمت 40 فردًا بوضع كل أسرتين في شقة.

يرى مينا، أن العمل الأهلي في تلك الأزمة كان متميزًا وسباقًا، استطاع توفير كافة المساعدات الأوّلية للأهالي في وقت غياب الحكومة والدولة عن الأمر، موضحًا أنه لم يكن هناك تنسيق بين تلك الجهود فمن توجّهوا للإسماعيلية لم يكونوا على اتصال مسبق أو معرفة، وربّما بدأ التعارف بينهم في تلك الواقعة، مؤكدًا أن التبرّعات مازالت مستمرة في الوصول للأهالي، معلقًا :"ما حدث يؤكّد أن الأمل باق".

يتّفق معه إسحق إبراهيم، باحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في سرعة تحرّك العمل الأهلي وأفضليته عن الدولة في تلك الأزمة، مؤكدًا أنه رغم كونه غير منظّم من البداية، استطاع في اليوم الأوّل تنظيم نفسه بجمع التبرّعات وجمع المستلزمات في قوائم تمهيدًا لتوفيرها.

ما زال إسحاق عاكفًا على جمع قائمة للمساعدة من القاهرة، مسافرة للمدينة التي نزح إليها الأقباط .

على الجانب الآخر خرج تصريح اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، بأنه مازال يجري حصر أعداد الأفراد والأسر القبطية النازحة من العريش لتوفير كافة الدعم والمساعدة لهم، وحصر أماكن إقامتهم ومدى تضرّرهم لاتخاذ الإجراءات الفورية المناسبة.

المساهمون