تهاوي مبيعات الأسمنت في المغرب

14 اغسطس 2020
ركود حاد في أسواق العقارات (Getty)
+ الخط -

 

تراهن شركات الأسمنت في المغرب على عودة ورش بناء المساكن، ومواصلة مشاريع البنيات التحتية في الأشهر المقبلة من أجل محاصرة تراجع حاد في مبيعاتها بسبب الحجر الصحي خلال الشهور الأخيرة.
وتفيد بيانات أصدرتها الجمعية المهنية لمصنعي الأسمنت بأن المبيعات من الإسمنت وصلت إلى 6.54 ملايين طن في يوليو/ تموز الماضي، مقابل 8.13 ملايين طن في الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض نسبته 19.5 في المائة.
وانخفضت التوريدات الخاصة بالخرسانات الجاهزة للاستخدام بنسبة 21.8 في المائة لتصل إلى 1.1 مليون طن.
وبدا أن أهم تراجع شهدته توريدات الأسمنت لفائدة قطاع البناء، حيث وصل إلى 33.7 في المائة، فيما ارتفعت التوريدات لفائدة مشاريع البنيات التحتية بنسبة 11.86 في المائة.
كان تقرير صادر عن مؤشر التجاري غلوبل روسرتش الذي تعده مؤسسة وفنا بنك، توقع أن ينخفض استهلاك الأسمنت في المغرب، بنسبة 20 في المائة على مدى العام الحالي 2020، كي ينحدر إلى 10.9 ملايين طن، مقابل 13.6 مليون طن في العام الماضي.
وتباطأت وتيرة انخفاض مبيعات الأسمنت، حيث وصلت إلى 24.13 في المائة في شهر يوليو/ تموز الماضي، بعدما بلغت حوالي 33 في المائة في يونيو/ حزيران و50.46 في مايو/ أيار و54.9 في المائة في أبريل/ نيسان، مقابل 28.74 في المائة في شهر مارس/ آذار الذي شهد إعلان حالة الطوارئ الصحية بسبب فيروس كورونا.
ويرتقب أن يسجل استهلاك الأسمنت أدنى مستوى له في العشرة أعوام الأخيرة، حيث كان وصل في عام 2011 إلى 16 مليون طن، قبل أن يتراجع في العام الماضي إلى 13.6 مليون طن.
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي إدريس الفينة، لـ"العربي الجديد" أن الورش الكبرى للدولة لم تتوقف خلال فترة الحجر الصحي، غير أن الورش ذات الصلة ببناء المساكن، والتي توفر فرص عمل كبيرة، توقفت خلال تلك الفترة، خاصة في ظل إغلاق المحلات التي توفر المواد الأولية مثل الأسمنت.
وأفضت الأزمة الأخيرة إلى توقف عدد من مشاريع البناء والعقارات، حيث مس ذلك 90 في المائة من الورش التي هجرها العمال بعد قرار الحجر المنزلي وحالة الطوارئ الصحية، غير أن رفع الحجر الصحي ترتب عليه عودة العديد من الورش، ما يفسر تباطؤ انخفاض مبيعات الأسمنت.

ويشير الفينة إلى أن توقف ورش بناء المساكن في الفترة بين مارس/ آذار وأبريل/ نيسان، أفضى إلى فقدان استثمارات بقيمة 1.1 مليار دولار في القطاع، معتبرا أنه يمكن خفض مبيعات الأسمنت إلى ما بين ناقص 5 و10 في المائة، بعد رفع الحجر وفي حال اتخاذ تدابير من أجل دعم قطاع البناء والأشغال العمومية.
وكان بحث للاتحاد العام لمقاولات المغرب خلص إلى أن قطاع البناء بالمغرب شهد انخفاضا لرقم معاملاته بنسبة 65 في المائة في فترة الحجر الصحي، ما ساهم في فقدان فرص عمل، على اعتبار أن البطالة شملت 70 في المائة من العاملين في القطاع.
وإذا كان مراقبون يركزون على استهلاك الأسمنت عبر البناء والأشغال العمومية، إلا أن مهنيين يشيرون إلى الدور الذي يلعبه البناء الذاتي والصيانة التي تقوم بها الأسر في إنعاش سوق الأسمنت بالمغرب.
وتوقفت عمليات البناء الذاتي والصيانة التي تتمثل في بناء غرف أو إضافة شقق في غفلة من السلطات في بعض الأحيان، في فترة الحجر الصحي والطوارئ الصحية، ما ساهم في تراجع مبيعات الموزعين والمحلات التجارية التي توفر الأسمنت.
وكان خبراء قد أكدوا أنه لكي يعود الطلب على العقارات في الفترة المقبلة، لا مفر من خفض الأسعار التي تعتبر مرتفعة، ما يفرض في تصورهم اتخاذ تدابير من أجل تشجيع الشراء، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية للأسر، وبالتالي ستنشط تجارة الأسمنت.
واعتبرت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين في تقرير حديث أن تحفيز الإنعاش العقاري والفاعلين فيه يمكن أن يأتي عبر خفض أسعار بيع المساكن بنسبة 10 في المائة، خاصة في ما يتصل بالسكن الاجتماعي وسكن الطبقة المتوسطة، وذلك حتى نهاية العام المقبل.
واستحضر قانون المالية التعديلي الصعوبات التي تواجهها شركات البناء، حيث قررت الحكومة تمديد آجال تسليم مباني السكن الاجتماعي بستة أشهر بالنسبة للمشاريع التي تنتهي العقود الخاصة بها في العام الحالي، في الوقت نفسه تراهن شركات الأسمنت على مواصلة مشاريع البنيات التحتية التي ترعاها الدولة وعمليات البناء الذاتي والعقارات، من أجل إنعاش مبيعاتها ومحاصرة الانخفاض الحاد الذي تشهده. ويأتي تدهور وضع سوق البناء المغربي في إطار الأزمات الاقتصادية والمالية المتفاقمة وتراجع نسب النمو بسبب جائحة كورونا.

المساهمون