لم تعد مظاهر الاحتفال بالعيد في الريف المصري كما كانت في السابق. كان للعيد رونقه الخاص في قرى محافظات مصر في الوجهين البحري والقبلي. يستقبله الجميع بالقرع على الطبول والتزيين وتبادل التهاني وتوزيع العيديات على الأطفال. كان فرصة للتصالح بين الجميع. في أوّل أيام العيد، وبعد الانتهاء من الصلاة، يعدّ الناس الطعام ويتناولون الحلوى.
الكثير من المغتربين يفضّلون قضاء العيد في قراهم وسط الأهل والأقارب، على عكس المدن التي تفتقد متعة "لمّة" العيد. ويحرص الأطفال والكبار على ارتداء الملابس الجديدة، والحصول على "العيدية" من الآباء والأقارب لشراء الألعاب. كذلك، ترتدي الفتيات ملابس جميلة، ليبدين الأجمل بين الأقارب والأصدقاء.
الأوضاع تكاد تختلف في قرى مصر من شمالها إلى جنوبها. ويسيطر الفقر على معظم القرى بسبب غلاء المعيشة وتفشّي البطالة. ولا يخلو بيت من عاطلين من العمل. من جهة أخرى، زادت أعباء الحياة. ترى الآباء يلهثون وراء لقمة العيش حتى في أيام العيد، ما يقلّل من التزاور وفرحة الأطفال والشباب بالعيد. هذه التفاصيل أدت إلى عدم الإحساس ببهجة العيد ما يدفع الكثير من الأهالي للقول: "العيد كان زمان". حتى الأطفال، لا يشعرون بفرحة العيد.
التقت "العربي الجديد" عدداً من الأهالي في قرى الصعيد أو الدلتا. يقول عبد الغني محمد، وهو موظّف في قرية الكاجوج في مركز كوم أمبو في محافظة أسوان في صعيد مصر، إن فرحة العيد تتلاشى عاماً بعد عام، حتى صار مثل أي يوم من أيام عطلة نهاية الأسبوع. لم يعد مبهجاً كما في الماضي لأنّ مظاهره اختفت، بعدما صار الجميع مهموماً بتأمين مستلزمات الحياة.
ويرى رمضان محمد، الذي يعيش في القرية نفسها، وهو صاحب "بازار سياحي"، أن زيارات العيد كانت في السابق أمراً أساسياً، وكانت البيوت تعمر بالزيارات التي تبدأ صبيحة يوم العيد وتمتد حتى آخر الليل. أمّا اليوم، فصارت الزيارات قليلة جداً وتقتصر على الأهل، لأن طبيعة الحياة الاجتماعية اختلفت عن السابق. يشير إلى وجود تباعد بين الناس، في ظلّ ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة.
من جهته، يقول فتحي محمود، وهو مدرّس في قرية المحاميد في محافظة الأقصر، إن العيد في القرى بات يقتصر على "صلاة العيد" فقط. يلتقي الجميع ويتبادلون التهاني، مشيراً إلى أن ظروف الحياة وقلّة المال حدّت من الزيارات. ويلفت جمال محمد، وهو من قرية السعدية في مركز شربين في محافظة الدقهلية، الذي يعمل محرّراً في إحدى الصحف، إلى أن الظروف المادية الصعبة التي تعيشها الأسر المصرية في القرى هي التي أدت إلى اختفاء مظاهر الفرح في الأعياد. يؤكد أن الكثير من الآباء مكبّلون بالديون، سواء أكانوا موظفين أو عاملين أو مزارعين. بالتالي، تؤثر الديون سلباً على أي أسرة، مشيراً إلى أن الحكومة هي المسؤولة عن اختفاء فرحة العيد، نتيجة معاناة الجميع في ظل غلاء المعيشة.
يضيف محمود إن الكثير من الأهالي باتوا لا يحبّون العيد بسبب عدم وجود ما يكفيهم لشراء ملابس وأطعمة وغيرها من المستلزمات. يتابع: "لم أعد أشعر بالعيد كما في طفولتي".
ويقول مبروك السيد من المنوفية إنه في ما مضى، كانت فرحة العيد تستمرّ لثلاثة أيام متتالية. كان للعيد طقوس تبدأ منذ إعلان انتهاء شهر رمضان. تعمد النساء إلى تنظيف البيوت مساء والاستعداد للعيد واستقبال الضيوف. كان ربّ البيت يمكث في بيته ثلاثة أيام، يستقبل الأقارب والضيوف للتهنئة بالعيد، و"لا ننسى تجمع شباب العائلات في مواكب لتهنئة الأهالي في القرية". اليوم، بات الوضع مختلفاً نتيجة كثرة الانشغالات. يكتفي البعض بالتهنئة عبر الهواتف المحمولة أو الرسائل البريدية، من دون الاكتراث للتلاقي كما في السابق. وبات معظم الناس أكثر انشغالاً بأعمالهم الخاصة، ما يضطرهم إلى العمل أيام العيد. وهذا يقلّل من فرص التلاقي.
في هذا السياق، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، سامية الساعاتي، إن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الكثير من الأسر المصرية، خصوصاً في القرى، تعد السبب الأول لاختفاء فرحة العيد. وتشير إلى أن القرية تعاني ظروفاً اقتصادية أصعب بسبب "محدودية الرزق"، حيث يعتمد الناس على الزراعة بشكل أساسي، علماً أن المساحات الزراعيّة تتضاءل. هكذا، لم يعد وضع القرى يسرّ أحداً، وانعكس الأمر على فرحة الأهالي. قلّت الزيارات، وتراجع الاهتمام بتقديم الهدايا أو ارتداء ملابس جديدة. تضيف أن وسائل التكنولوجيا الحديثة قلّلت من أهمية الأعياد.
اقــرأ أيضاً
الكثير من المغتربين يفضّلون قضاء العيد في قراهم وسط الأهل والأقارب، على عكس المدن التي تفتقد متعة "لمّة" العيد. ويحرص الأطفال والكبار على ارتداء الملابس الجديدة، والحصول على "العيدية" من الآباء والأقارب لشراء الألعاب. كذلك، ترتدي الفتيات ملابس جميلة، ليبدين الأجمل بين الأقارب والأصدقاء.
الأوضاع تكاد تختلف في قرى مصر من شمالها إلى جنوبها. ويسيطر الفقر على معظم القرى بسبب غلاء المعيشة وتفشّي البطالة. ولا يخلو بيت من عاطلين من العمل. من جهة أخرى، زادت أعباء الحياة. ترى الآباء يلهثون وراء لقمة العيش حتى في أيام العيد، ما يقلّل من التزاور وفرحة الأطفال والشباب بالعيد. هذه التفاصيل أدت إلى عدم الإحساس ببهجة العيد ما يدفع الكثير من الأهالي للقول: "العيد كان زمان". حتى الأطفال، لا يشعرون بفرحة العيد.
التقت "العربي الجديد" عدداً من الأهالي في قرى الصعيد أو الدلتا. يقول عبد الغني محمد، وهو موظّف في قرية الكاجوج في مركز كوم أمبو في محافظة أسوان في صعيد مصر، إن فرحة العيد تتلاشى عاماً بعد عام، حتى صار مثل أي يوم من أيام عطلة نهاية الأسبوع. لم يعد مبهجاً كما في الماضي لأنّ مظاهره اختفت، بعدما صار الجميع مهموماً بتأمين مستلزمات الحياة.
ويرى رمضان محمد، الذي يعيش في القرية نفسها، وهو صاحب "بازار سياحي"، أن زيارات العيد كانت في السابق أمراً أساسياً، وكانت البيوت تعمر بالزيارات التي تبدأ صبيحة يوم العيد وتمتد حتى آخر الليل. أمّا اليوم، فصارت الزيارات قليلة جداً وتقتصر على الأهل، لأن طبيعة الحياة الاجتماعية اختلفت عن السابق. يشير إلى وجود تباعد بين الناس، في ظلّ ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة.
من جهته، يقول فتحي محمود، وهو مدرّس في قرية المحاميد في محافظة الأقصر، إن العيد في القرى بات يقتصر على "صلاة العيد" فقط. يلتقي الجميع ويتبادلون التهاني، مشيراً إلى أن ظروف الحياة وقلّة المال حدّت من الزيارات. ويلفت جمال محمد، وهو من قرية السعدية في مركز شربين في محافظة الدقهلية، الذي يعمل محرّراً في إحدى الصحف، إلى أن الظروف المادية الصعبة التي تعيشها الأسر المصرية في القرى هي التي أدت إلى اختفاء مظاهر الفرح في الأعياد. يؤكد أن الكثير من الآباء مكبّلون بالديون، سواء أكانوا موظفين أو عاملين أو مزارعين. بالتالي، تؤثر الديون سلباً على أي أسرة، مشيراً إلى أن الحكومة هي المسؤولة عن اختفاء فرحة العيد، نتيجة معاناة الجميع في ظل غلاء المعيشة.
يضيف محمود إن الكثير من الأهالي باتوا لا يحبّون العيد بسبب عدم وجود ما يكفيهم لشراء ملابس وأطعمة وغيرها من المستلزمات. يتابع: "لم أعد أشعر بالعيد كما في طفولتي".
ويقول مبروك السيد من المنوفية إنه في ما مضى، كانت فرحة العيد تستمرّ لثلاثة أيام متتالية. كان للعيد طقوس تبدأ منذ إعلان انتهاء شهر رمضان. تعمد النساء إلى تنظيف البيوت مساء والاستعداد للعيد واستقبال الضيوف. كان ربّ البيت يمكث في بيته ثلاثة أيام، يستقبل الأقارب والضيوف للتهنئة بالعيد، و"لا ننسى تجمع شباب العائلات في مواكب لتهنئة الأهالي في القرية". اليوم، بات الوضع مختلفاً نتيجة كثرة الانشغالات. يكتفي البعض بالتهنئة عبر الهواتف المحمولة أو الرسائل البريدية، من دون الاكتراث للتلاقي كما في السابق. وبات معظم الناس أكثر انشغالاً بأعمالهم الخاصة، ما يضطرهم إلى العمل أيام العيد. وهذا يقلّل من فرص التلاقي.
في هذا السياق، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، سامية الساعاتي، إن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الكثير من الأسر المصرية، خصوصاً في القرى، تعد السبب الأول لاختفاء فرحة العيد. وتشير إلى أن القرية تعاني ظروفاً اقتصادية أصعب بسبب "محدودية الرزق"، حيث يعتمد الناس على الزراعة بشكل أساسي، علماً أن المساحات الزراعيّة تتضاءل. هكذا، لم يعد وضع القرى يسرّ أحداً، وانعكس الأمر على فرحة الأهالي. قلّت الزيارات، وتراجع الاهتمام بتقديم الهدايا أو ارتداء ملابس جديدة. تضيف أن وسائل التكنولوجيا الحديثة قلّلت من أهمية الأعياد.