تنين دراجاو..صديق محاربي الصحراء وموطن أساتذة التكتيك

11 مارس 2015
+ الخط -


"ناد عريق، تنين بورتو"، هكذا يعنون موقع "فيفا" حينما يتحدث عن العملاق البرتغالي بورتو، النادي صاحب التاريخ الكبير والحاضر المميز والمستقبل المشرق، الذي صعد بكل سهولة إلى ربع نهائي التشامبيونز بعد فوز ساحق على حساب بازل السويسري، في مباراة أعادت إلى الأذهان فريق الألفية الجديدة الفائز بالبطولة الأوروبية، في أول بطولة مطلقة للمدرب الشهير جوزيه مورينيو.

بينما جاء تألق النجم الجزائري ياسين براهيمي، وتسجيله هدفا بديعا من ضربة حرة مباشرة، ليتذكر الجميع الإنجاز التاريخي لبورتو في أواخر الثمانينيات، مع تألق العبقري رابح ماجر، وإحرازه هدفا قاتلا في النهائي الشهير عام 1987 أمام بايرن ميونخ، عندما فاز البطل البرتغالي بهدفين مقابل هدف، ليكون بورتو هو النادي الخاص بأساتذة التكتيك على صعيد المدربين، والملاذ الآمن لمختلف النجوم العرب.

2004
عندما تشاهد أسماء الفريق ستجد ديكو، كارفاليو، فيريرا، تياجو، مانيش، ستقول حتماً إن هذا الفريق من الممكن أن يفوز بالتشامبيونز، لكن حينما تعود بالذاكرة إلى ما قبل 2002 ستدرك أن كل أفراد الفريق كانوا لاعبين مغمورين أو غير معروفين بالشكل الكبير. نجح مورينيو في تحويل فريق عادي كل همه الحصول على بطولة الدوري المحلي إلى خصم عملاق خطف ذات الأذنين في نهاية المشوار.

نونو فالينتي من لييرا، باولو فيريرا من فيتوريا، انتقل الثنائي إلى بورتو وبعد عامين فقط، يتحولان إلى لاعبين من أفضل الأظهرة الدفاعية في العالم. البرتغالي وقدرته في التأثير على لاعبيه وبث الثقة في نفوسهم. بالإضافة إلى بقية الأسماء الأخرى كديكو، مانيش، كارلوس ألبرتو، والجنوب أفريقي مكارثي.

تكتيك مرن
لعب بورتو 2004 بأكثر من طريقة خلال الموسم، بداية من 4-3-1-2 نهاية بـ 4-3-3. خط دفاع قوي ومحكم مكون من كوستا وكارفاليو في العمق، مع ظهيري جنب فيريرا وفالينتي، رفقة ثنائي يمتاز بالنزعة الهجومية والانطلاقات إلى الأمام، لتكوين خط دفاع رباعي ساهم في فوز بورتو بهذا الكم الكبير من البطولات، وخلفهم الحارس الخبير فيتور بايا.

أما الوسط فيعمل بنظام الوحدة الواحدة، كوستينها، مانيش، مينديز، ثلاثي يملك اندفاعا بدنيا وأداء دفاعيا واضحا، وامتاز وسط بورتو بالجماعية المفرطة في تلك الفترة، والدليل على ذلك، أن قدرات كل لاعب على حدة ليست كبيرة لكن عندما يلعبون معاً يأتي الفارق.

أما هجوميا، فالفريق اعتمد بشكل كبير على قدرات الرائع ديكو، لاعب سريع وقوي، مهاري صاحب رؤية مختلفة داخل الملعب، انتقل ديكو بعدها إلى برشلونة وصنع تاريخا عظيما في كتالونيا، لاعب من زمن خاص. أما الثنائي الأمامي فتغير حسب ظروف المنافس، وفي الأغلب لعب ألبرتو خلف مكارثي في الصندوق أو ديرلي، لتصبح 4-3-3 نسخة خاصة بتنين الدراجاو، لكن على الطريقة البرتغالية.

بورتو الجديد
ومن بدايات الألفية مع جوزيه مورينيو، إلى الفترة الحالية تحت قيادة مدرسة مختلفة تماماً، وأسلوب أقرب للناحية الهجومية، رفقة المدرب الإسباني جوليان لوبيتيجي، الرجل الذي صنع تاريخا مميزا خلال الفئات السنية الشبابية مع منتخب إسبانيا، وفاز ببطولة أوروبا تحت 19 و21 سنة، ليوّدع مسيرة المنتخبات ويتجه إلى الأندية، حيث ميناء بورتو وناديه الأشهر على الإطلاق، البطل القديم للبطولات الأوروبية.

وحافظ لوبيتيجي على نفس طريقة اللعب، ولعب بنفس التكتيك 4-3-3، لكن مع فلسفة كروية مختلفة بعض الشيء، فالرجل الخاص اختار غلق مناطقه واللعب على أخطاء الغريم في 2004، مع استراتيجية تحديد نقاط قوة المنافسين والعمل على الحد منها، في ما يعرف برد الفعل الكروي، أما بورتو الحالي فطريقة لعبه بها قدر من المخاطرة والنظر إلى الأمام، مع محاولة ضرب المنافس مبكراً، والعمل على اكتشاف المناطق التي تصلح للتمرير والهجوم، أي التحول من الدفاع إلى الهجوم رغم استخدام نفس التكتيك في الحقبتين.

المحور المتكامل
يعتبر وسط بورتو من أكثر الخطوط عبقرية وتناسقا في دوري الأبطال لهذا الموسم، كاسيميرو، هيكتور هيريرا، ايفاندرو، ثلاثي يدافع ويهاجم في وقت واحد، خط وسط متكامل يعرف بالـ Complete Pivot. في هذا الخط لا يوجد لاعب دفاعي كامل، تجد هيريرا وايفاندرو يعودان لمساعدة كاسيميرو، الذي يصعد أيضاً إلى الأمام أثناء الهجوم.

يجيد فريق بورتو التمرير والتحكم في مجريات اللعب، ويعتبر كاسيميرو من أفضل لاعبي الارتكاز هذا الموسم سواء بالكرة أو بدونها، لأن التمركز هو الأساس، فهيريرا يميل إلى اليمين من المنتصف، يربط بين لاعبي الأطراف ومراكز العمق، وفي المقابل يقوم ايفاندرو بنفس الدور على الجبهة اليسرى، مع البرازيلي كرأس مثلث مقلوب أسفل دائرة المنتصف.

قوة ثلاثي الوسط ومرونة الحركة في الدائرة تعطي الهجوم أريحية كاملة، لذلك يتحول براهيمي إلى العمق كصانع لعب صريح، ويأخذ مكانه لاعب من المنتصف على الخط الجانبي، بالإضافة إلى التسعة المتحرك في الثلث الهجومي الأخير، لتطبيق أفضل فعالية ممكنة لخطة اللعب 4-3-3.

"الفرق العظيمة بها جوانب فردية، لكنها لا تؤثر على القوة الجماعية، التناغم هو المفتاح"، يتحدث أريجو ساكي بقدر من الاحترام عن الأجيال المميزة في كرة القدم، وبورتو بكل تأكيد ناد يملك بعضاً من أسرار الساحرة المستديرة، على مر تاريخه العريق.

المساهمون