تنديد بقرار واشنطن وقف تمويل "أونروا": "مخيب للآمال ومثير للدهشة"

01 سبتمبر 2018
تخدم "أونروا" نحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني (عباس موماني/Getty)
+ الخط -
عبّرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عن دهشتها من قرار الولايات المتحدة وقف التمويل، واعتبرت أنّه "مخيب للآمال"، ورفضت الإصرار الأميركي على أنّ برامجها "معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه"، فيما صدرت مواقف فلسطينية تندّد بالقرار، ودعوات للقيام بتحرّكات عربية أبرزها في الأردن، من أجل مواجهته.

وقال كريس غانيس، المتحدث باسم "أونروا"، في سلسلة تغريدات على "تويتر"، أمس الجمعة، "نرفض بأشد العبارات الممكنة انتقاد مدارس أونروا ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة في حالات الطوارئ بأنّها "معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه".


وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، قد قالت، في بيان، أمس، بحسب ما أوردت "رويترز"، إنّ "نموذج عمل أونروا وممارساتها المالية عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه".

وأضافت "راجعت الإدارة المسألة بحرص وخلصت إلى أنّ الولايات المتحدة لن تقدّم مساهمات إضافية لأونروا". وقالت إنّ "توسع مجتمع المستفيدين أضعافاً مضاعفة، وإلى ما لا نهاية، لم يعد أمراً قابلاً للاستمرار...".

بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن أسفه، لقرار واشنطن وقف تمويل "أونروا"، إذ قال ستيفان دوجريك، المتحدث الرسمي باسمه، إنّ "أونروا تتمتع بالثقة الكاملة للأمين العام".

وأضاف، في بيان، وفق ما أوردت "الأناضول"، أنّ "الولايات المتحدة الأميركية كانت تقليدياً أكبر دولة مساهمة في أونروا، ونحن نقدّر دعمها على مر السنين. خاصة أنّ أونروا توفر الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين وتسهم في الاستقرار بالمنطقة".


وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، في بيانه الصادر في وقت متأخر مساء الجمعة، أنّ "أونروا تتمتع بسجل قوي في توفير خدمات تعليمية وصحية وغيرها من الخدمات الأساسية عالية الجودة، وذلك في ظروف صعبة للغاية للاجئين الفلسطينيين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها".

وذكر أنّ "المفوض العام بيار كرينبول قاد جهوداً سريعة ومبتكرة للتغلّب على الأزمة المالية غير المتوقعة التي واجهتها أونروا، وسّعت قاعدة المانحين، ورفعت تمويلاً جديداً كبيراً، واستكشفت طرقاً جديدة للدعم، واتخذت إجراءات إدارية داخلية استثنائية لزيادة الكفاءة وخفض التكاليف".

وطلب غوتيريس من البلدان الأخرى "المساعدة في سد الفجوة المالية المتبقية، حتى تتمكّن أونروا من الاستمرار في تقديم هذه المساعدة الحيوية، فضلاً عن الشعور بالأمل لدى هؤلاء السكان المستضعفين".

ويأتي القرار الأميركي، بعد أسبوع من إعلان إدارة الرئيس دونالد ترامب أنّها ستخفض 200 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي الفلسطيني، لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة. 

ودفعت الإدارة الأميركية 60 مليون دولار لـ"أونروا"، في يناير/ كانون الثاني، لكنّها حجبت 65 مليوناً أخرى بانتظار مراجعة للتمويل، من أصل تعهد قيمته 365 مليوناً للعام.


رفض فلسطيني

وفي مقابل القرار الأميركي، أكد وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي أنّ قرار وقف الدعم المالي بشكل كامل عن "أونروا" "لن يؤدي أبداً إلى تفكيكها وتهميش ملف اللاجئين، كما يأمل الرئيس ترامب وإدارته".

وقال المالكي، في بيان صحافي أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، اليوم السبت، إنّه "على العكس، سيؤدي هذا القرار إلى ردود فعل قوية من كثير من الدول التي لن تقبل بالسياسة الأميركية حيال ملف اللاجئين الفلسطينيين ووكالة أونروا، وستتحرك لحماية تلك الوكالة والذود عنها من اعتداءات ترامب وإدارته".

وأوضح أنّ ردود الفعل المباشرة من ألمانيا ومن الاتحاد الأوروبي وغيرهما "هي أكبر إثبات على أنّ المجتمع الدولي لن يخذل الوكالة واللاجئين، وسوف ينبري من جديد لمواجهة عمل الإدارة الأميركية في سياستها (الحمقاء) التي تظهر الجهل مع الحقد تجاه القضية الفلسطينية ومكوناتها الأساس، وفي مقدمتها ملف اللاجئين".

وأكد أنّه "سيكون هناك العديد من المساعي المشتركة، خلال الأيام والأسابيع المقبلة، لضمان استمرارية عمل الوكالة في تقديم خدماتها لملايين اللاجئين الفلسطينيين دون أي تخفيض أو تراجع"، من دون تفاصيل أخرى.

كذلك أهاب المالكي بنظرائه وزراء الخارجية العرب إلى "سرعة التحرك لحماية تلك المكتسبات، وإرسال رسالة قوية للرئيس ترامب بأنّ الدول العربية ستبقى واقفة مع القضية الفلسطينية بكل مكوناتها، بما فيها ملف اللاجئين، لتغطية أي عجز ينشأ نتيجة لهذه السياسة المنساقة مع تعليمات دولة الاحتلال، والمنسجمة تماماً معها".

وفي السياق، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، اليوم السبت، إنّه "لا يحق للولايات المتحدة الأميركية إلغاء الأونروا التي تشكلت بقرار من الجمعية العامة الأمم المتحدة".

وأكد عريقات، في بيان صادر عن مكتبه، تلقّى "العربي الجديد" نسخة منه، أنّ القرار الأميركي "هو مخالفة للقانون الدولي ولقرار الأمم المتحدة"، مطالباً "دول العالم برفض هذا القرار، وتوفير كل ما هو ممكن من دعم للوكالة، لتمكينها من الاستمرار بالنهوض بمسؤولياتها كافة تجاه اللاجئين الفلسطينيين".

وفي غزة، دانت أيضاً حركة "حماس" الخطوة الأميركية، وقالت إنّها تمثّل "تصعيداً خطيراً ضد الشعب الفلسطيني، يهدف لشطب حق العودة".

ووصف المتحدث باسم "حماس" سامي أبو زهري، في تصريح مقتضب نشره عبر صفحته على "تويتر"، القرار بأنّه "تصعيد أميركي خطير ضد الشعب الفلسطيني، يعكس الخلفية الصهيونية للقيادة الأميركية التي أصبحت عدواً لشعبنا وأمتنا".

وشدد أبو زهري على أنّ "الشعب الفلسطيني لن يستسلم لمثل تلك القرارات الظالمة".


تنديد عربي

وفي المواقف، دانت جامعة الدول العربية القرار الأميركي، وذلك في تصريحات للأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير سعيد أبو علي.

وشدد أبو علي على أنّه "لا يحقّ للولايات المتحدة الأميركية إلغاء وكالة (أونروا) التي تشكلت بقرار أممي يمثل موقف وإرادة المجتمع الدولي".

ووصف القرار بأنّه "يشكّل مخالفة للقانون الدولي ولقرار الأمم المتحدة الذي أنشأ هذه الوكالة لتقديم خدماتها"، منبّهاً إلى أنّ "تنصُّل الإدارة الأميركية من التزاماتها الدولية، لا ينبغي أن يؤثر ولن يؤثر على الالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين".

ودعا "المجتمعَ الدولي لمواجهة القرار؛ عبْر التمسك بالوكالة، وتوفير التمويل اللازم والمستدام الذي يمكّنها من الاستمرار في قيامها بمسؤولياتها، حتى حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق قرارات الشرعية الدولة ومبادرة السلام العربية 2002".

تحرّك أردني

وفي الأردن، دعا سياسيون وناشطون إلى اعتصام جماهيري أمام مركز "أونروا"، في العاصمة عمّان، غداً الأحد.

وأكد منظمو الاعتصام أنّ "الدعوة تأتي من أجل الوقوف أمام الغطرسة الإسرائيلية الأميركية بضغطها على وكالة الغوث لتقليص خدماتها والسعي لإلغائها في المنطقة".

وسيقام الاعتصام عند الساعة الواحدة ظهر الأحد، وقد وُجهت فيه دعوة المشاركة إلى أبناء المخيمات تحت عنوان "لا لتقليص خدمات وكالة الغوث... لا للوطن البديل".

وأعاد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، أمس، التأكيد على مواصلة بلاده حشد الدعم السياسي والمالي لوكالة "أونروا".

وقال الصفدي، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، في أول تصريح أردني رسمي، عقب قرار وقف واشنطن دعمها الوكالة بشكل كامل، "سيستمر الأردن ببذل كل جهد ممكن لحشد الدعم السياسي والمالي للأونروا، لضمان الحفاظ على الوكالة ودورها وفق تكليفها".


وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، وسورية، ولبنان، والضفة الغربية وقطاع غزة. ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين وخارجها نحو 5.9 ملايين لاجئ، بحسب أحدث بيانات إحصائية فلسطينية رسمية. 

وتواجه الوكالة أزمة سيولة منذ أن قلّصت الولايات المتحدة، التي كانت أكبر مانحيها، تمويلها في وقت سابق هذا العام، بحجة أنّ الوكالة "تحتاج إلى إصلاحات" لم تحدّدها.